بمناسبة انطلاق السنة الدراسية الجديدة وفي ظلّ المتغيّرات التي بدأت تطرأ على المشهد العام للتربية والتعليم في تونس إثر المجلسين الوزاريين الأخيرين، والتدخلات التي أذن بها ونادى بها الرئيس من أجل ضخّ دماء جديدة في المنظومة التعليمية وبالخصوص التعليم الأساسي من حيث الزمن المدرسي والحدّ من ظاهرة الارتقاء الآلي والرسوب غير الدال وإعطاء بعد جديد لتدريس اللغات الأجنبية وخاصة الانقليزية مفتاح الدخول الى العالم. استبشرت كل العائلات التونسية بمثل هذه المتغيرات التي حملت الجديد والمفيد ذلك أن قطاع التعليم يمسّ من قريب كل العائلات ويمثل هاجسا للأولياء والمربين وحتى المسؤولين والاداريين على حدّ السواء من ذلك أن هذه المستجدات وبحسب الكثير من المربين والأولياء الذين تفاعلوا مع الحدث تمثل حلولا ناجعة من أجل تعليم يوازي النهضة الشاملة التي تعرفها بلادنا من جهة ومحاكاة لما يحدث من حولنا من ثورة معلوماتية يشهدها العالم وقد سبق للمربين في السنة الماضية أن نادوا بمثل هذه الاصلاحات في استثمارات قامت بها سلطة الاشراف لمثل هذا الغرض ومن خلال رصد «الشروق» لردود الأفعال الأولية لبعض هذه الاصلاحات التي قد يبدأ تنفيذ جانب منها مستهل هذه السنة الدراسية سجلنا ارتياحا كبيرا لدى من يهمهم الأمر من أولياء ومربين وكذلك تلاميذ، لكن العديد من هؤلاء لازال في انتظار مزيد من تفعيل بعض الاصلاحات الأخرى التي هي بمثابة المتمّمات للخطوط العريضة التي أذن بها رئيس الدولة من ذلك: تفعيل بعض المواد التي اصطلح على تسميتها بالروافد وهي مواد مدمجة ضمن مجالات التعليم مثل المحفوظات والكتابة (الخط والنسخ) وبالخصوص نشاط المطالعة الذي فقد أهميته فتراجع اقبال التلاميذ على القراءة وتراجع الاقبال على المكتبات العمومية مقابل امتلاء فضاءات الأنترنات. تفعيل النوادي الثقافية داخل المؤسسات التربوية وجعلها مستجيبة لطلعات التلاميذ ونابعة من تصوراتهم وأفكارهم حتى يكون الاقبال عليها كبيرا وحتى يشعر كل تلميذ أنه ينشط ضمن ناد ثقافي اقترحه وفعله وليس مجرّد ناد مسقط عليه فينفر منه وقد لاحظنا في مدارسنا اقبال التلاميذ على نوادي المسرح والموسيقى والاعلام والأدب بشكل كبير رغم عدم وجود مختصين وغياب الفضاءات الخاصة بهذه النوادي داخل أغلب مؤسساتنا التربوية خصوصا المدارس الابتدائية. تفعيل نوادي الاعلامية وجعلها تقوم بوظيفة ما أي وظفية لا مجرد وسيلة للّهو وتمضية الوقت وإهدار للطاقة وهذا الموجود الآن في أغلب المؤسسات التربوية التي تتوفر بها أجهزة للاعلامية كلفت الدولة أموالا طائلة.ولمَ لا يكلف مربون مختصون أو لهم أنشطة ثقافية وإبداعية في تنشيط النوادي الثقافية بالمدارس ضمن جملة الساعات الملزمين بتدريسها أسبوعيا حتى نضمن تواجدهم في صلب النوادي وحتى تكون النوادي من ضمن ساعات العمل المطالبين بها. تفعيل النوادي الثقافية وبحسب العديد من المربين المجرّبين يرّغب التلميذ في المدرسة ويهذّب سلوكه وينمي لديه ملكة التفكير والخلق والابداع ويبرز مواهبه مبكرا كما أنه يحدّ من ظاهرة العنف ويقلص من تواجده بالشارع. تكثيف الرحلات الاستطلاعية لما لها من فوائد معرفية وترفيه لتعزيز صلة الطفل بذاته ومجتمعه ووطنه ولمزيد انفتاح المدرسة على المحيط.ولأن بعض هذه المقترحات أو المتمّمات للتمشي الاصلاحي الذي يسير فيه تعليمنا لا يمكن أن تنجز من طرف واحد لا بدّ أن تتداخل مختلف الأطراف المعنية من داخل أسوار المدرسة وخارجها حتى نضمن حدّا أقصى لنجاح هذه الاصلاحات منتظرين ماهو آت.