علمت «الشروق» أن متساكني منطقة «الصفحة» التابعة لمعتمدية بوفيشة من ولاية سوسة يعيشون هذه الأيام حالة من الهلع والخوف بسبب إصابة عدد منهم بمرض إلتهاب الكبد الفيروسي صنف أ (Hépatite A). وقالت مصادر مطّلعة إن عدد المصابين بلغ الى حد يوم أمس 22 أغلبهم من الأطفال الصغار، وهو رقم أكّدته ل «الشروق» مصادر من وزارة الصحة العمومية خاصة بعد خضوع كل الحالات المذكورة للفحوصات الطبية اللازمة بالمستشفى وتمكين أصحابها من العلاج والدّواء اللازمين. غير أن مصادر مقرّبة من سكّان منطقة «الصفحة» قالت إن أحد المصابين وهو طفل صغير توفّي جرّاء الإصابة، وهو ما لم تؤكّده وزارة الصحّة العمومية. وعن أسباب انتشار العدوى بهذا الدّاء في صفوف 22 شخصا من هذه المنطقة التي تبعد حوالي 10 كم عن مدينة بوفيشة، قال السكّان إنهم يشكّون في مياه الشرب وخاصة في خزّان المياه الذي تتزوّد منه المنطقة والذي على حد قولهم لم يخضع للصيانة والتنظيف منذ مدّة مما تسبّب في تكوّن الفيروس به. غير أن مصدرا من إدارة حفظ صحة الوسط وحماية المحيط بوزارة الصحة العمومية نفى ذلك وأكد أن المياه بمختلف أنواعها تخضع في بلادنا لمراقبة دائمة وأن الوزارة تولي أهمية بالغة لمياه الشرب عبر خطة وطنية ترتكز على المراقبة الصحية للمياه بالوسطين الحضري والريفي وبنقاط المياه العمومي المهيأة وبنقاط المياه والأودية بالمناطق الحدوية. وأضاف المصدر ذاته ان هذه المراقبة تشمل تقييم مدى نجاعة عمليات التطهير (قيس فائض الكلور) وكذلك التثبّت من النوعية البكتريولوجية والفيزيوكيميائية للمياه إضافة الى القيام ببحوث صحية حول نقاط الماء (الخزانات شبكات التوزيع الآبار المواجل العيون). وقد أسفرت نتائج المراقبة الصحية لمياه الشرب خلال الفترة المنقضية من سنة 2010 عن 141 ألف عملية قيس فائض الكلور و28 ألف تحليل مخبري على عينات من الماء... ولم تفصح مصادرنا إن كانت مياه الشرب بمنطقة «الصفحة» قد خضعت لهذه التحاليل. راكدة! في ظل انتفاء فرضية تسبّب مياه الشرب في اصابة 22 شخصا بإلتهاب الكبد الفيروسي (أ) بالمنطقة المذكورة، رجّحت مصادر من وزارة الصحة العمومية ان تكون أسباب هذه الاصابات بعض المياه الراكدة والقريبة من المساكن ومن المدرسة الابتدائية بالجهة... وهي مياه متأتية أساسا من الاستعمال المنزلي (الغسل الاستحمام والتنظيف وليس من بيوت الراحة) خاصة أن المنطقة تفتقر لشبكة تطهير ولأنهج معبّدة باستثناء النهج الرئيسي الذي يشق المنطقة. وقد تكون هذه المياه الملوثة والراكدة سببا في نقل العدوى لبعض الاطفال أثناء لهوهم ولعبهم بالقرب منها ثم انتقل الفيروس تدريجيا من طفل الى آخر وحتى بين أفراد العائلة الواحدة بسبب عدم الانتباه لغسل اليدين قبل تناول الأكل وقبل ملامسة المواد الغذائية المختلفة من طرف المصابين مما يتسبّب في نقل الفيروس الى الآخرين غير الحاملين له. ردم حال تسجيل حالة الاصابة المذكورة، بادرت السلط المحلية والجهوية على حد ما ذكره مصدر من وزارة الصحة بأعمال تنظيف للمياه الراكدة بالجهة وردم الأماكن التي تتجمع فيها والتنبيه على السكان بالتقليل من كميات المياه المفرزة من الاستعمال المنزلي في انتظار تجهيز المنطقة بشبكة تطهير. وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول حالة أحياء وتجمعات سكنية أخرى (بعضها قريب من العاصمة والمدن الكبرى) والتجمعات السكنية القروية والريفية التي تعاني من الاشكال نفسه (غياب شبكات التطهير) ممّا يضاعف من أسباب تواجد هذا الداء. خطورة يصف الاطباء المختصّون إلتهاب الكبد الفيروسي (أ) بأنه كثير الانتشار في شتى دول العالم باعتبار تعدد مصادره مثل الماء والخضر والغلال وذلك خاصة عند تناولها وهي ملوثة بالفيروس... كما ينتقل الفيروس أيضا بواسطة ملامسة الأيادي الى مصادر الفيروس ثم اعداد أو تناول الطعام دون غسلها... وتعتبر في الفضلات البشرية ناقلا للفيروس خاصة عند تغيير حفاظة طفل مصاب... وتزداد فرضيات انتقال العدوى الأماكن الجماعية وعند غياب النظافة والتطهير الصحي في الاحياء... ولا ينتقل الفيروس بواسطة الدم مثلما هو الحال في فيروسات إلتهاب الكبد (ج)، hépatite C، علما وأن الفيروس قادر على البقاء حيّا فوق اليدين أو فوق المأكولات مدة 3 الى 4 ساعات. وحول خطورة هذا المرض، يقول المختصون إنها محدودة بما أنها لا تتسبب في أعراض إلا بنسبة قليلة مثل الاحساس بالتعب والارهاق وارتفاع درجة الحرارة في الجسم وآلام في البطن وإسهال وقيء واصفرار البول واصفرار الجلدة، غير أن هذه الأعراض عادة ما تختفي تلقائيا بعد مرور ما بين 15 و50 يوما عن دخول الفيروس الى الجسم وذلك بفضل عمل جهاز المناعة. وفي بعض الحالات لا يشعر المصاب بحمله للفيروس خاصة الأطفال... وطوال فترة الاصابة، تكون العدوى محتملة في أي وقت... علما وأنه لا يوجد علاج قار لهذا الدّاء بل يقع الشفاء منه تلقائيا مع امكانية الاستعانة ببعض مسكّنات الألم والحرارة إضافة الى ضرورة الراحة والنظافة باستمرار لتفادي نقل العدوى، ونادرا ما يصبح هذا الفيروس مميتا خاصة عندما يتطوّر الى إلتهاب كبدي حادّ... ويصيب هذا الفيروس حوالي مليون ونصف شخص سنويا في العالم.