قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    رابطة الهواة لكرة القدم (المستوى 1) (الجولة 7 إيابا) قصور الساف وبوشمة يواصلان الهروب    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاتب عام جامعة التعليم العالي ل «الشروق»: الجهاز الاداري الحالي عاجز عن تنظيم عودة 350 ألف طالب
نشر في الشروق يوم 21 - 09 - 2010


كيف تبدو العودة الجامعية من وجهة نظر نقابية؟
أسئلة كثيرة تتعلق بالجامعة التونسية وبوضع البحث العلمي وبصعوبات التدريس الجامعي طرحتها «الشروق» بصراحة وشفافية على الأستاذ سامي العوادي كاتب عام جامعة التعليم العالي والبحث العلمي بالاتحاد العام التونسي للشغل وأحد أبرز المدرسين الجامعيين في الكليات التونسية.
الأستاذ سامي العوادي تحدث عن ترتيب الجامعة التونسية المتأخر دوليا وتحدث عن علاقته بالوزارة وطرح حلولا للملفات المطروحة.
أجرى الحوار: سفيان الأسود
مع انطلاقة السنة الجامعية الجديدة، ماهي من وجهة نظركم مشاكل العودة الجامعية؟
للأسف الشديد، فإنّ نجاح العودة الجامعية أي انطلاقها في موعدها واقبال الطلبة على الدروس بأعداد كبيرة يكاد يصبح الاستثناء لأسباب عديدة منها ما يتعلق بإغراق المؤسسات الجامعية بأعداد من الوافدين الجدد تفوق التوقعات مثل هذه السنة (ثلثهم ما كان له أن يلتحق بالجامعة لو لم يقع اسعافهم في امتحان الباكالوريا).
ثاني أسباب صعوبة العودة هو عدم قدرة الجهاز الاداري الحالي على تنظيم عودة حوالي 350 ألف طالب فلا الموظفون ولا التجهيزات تطورت على نفس نسق تطور عدد الطلبة فينجر عن ذلك تأخير في تعليق جداول الأوقات وفي توفير القاعات أحيانا. أضف الى ذلك تأخير اعداد موازنات توزيع الدروس على الأساتذة لأن مدير القسم يشتغل لوحده وليس له مجلس يعتمد عليه ويتعاون معه لتأمين العودة كما كان معمولا به في بعض المؤسسات الكبرى قبل صدور قانون 2008 للتعليم العالي. وكما طالبنا به بدون جدوى، ومما يعقد المسألة تأخير الجامعات في ضبط قائمات المتعاقدين وتأخير الادارة العامة للتعليم العالي في الاعلان عن نتائج مناظرات الانتداب (انتداب المحاضرين لم يتم لحد الآن). وهنالك أسباب تتعلق بعدم قدرة عدد هام من الطلبة على الالتحاق بمؤسساتهم نظرا لانشغالهم بالبحث عن سكن وهو ما يحيلنا مرة أخرى الى أحد الانعكاسات السلبية في مجال الخدمات الجامعية حيث أصبح مبدأ مجانية التعليم العالي العمومي موضع سؤال وهو ما حاولت الوزارة تمريره سنة 2008 أثناء مناقشة مسألة تمويل التعليم العالي في اطار عرض قانون التعليم العالي على البرلمان مما أثار احتجاجا كبيرا..
كما أن هناك سببا اضافيا يتعلق بتأخير مصالح الوزارة في تأهيل شهائد الاجازة والماجستير مما أدخل اضطرابا كبيرا على الانطلاق العادي للدروس وفي إعادة توجيه آلاف الطلبة وهذا يدل على حيرة الطلبة أمام مئات الاختيارات المتشابهة المقترحة عليهم التي أدخلتها منظومة إمد. هنالك إذا أسباب هيكلية وأخرى ظرفية يمكن معالجتها وتداركها إذا صدقت النوايا وهنالك صعوبات في انجاح العودة ولكنها ليست مستحيلة والوضع ليس كارثيا.
في نظركم ماهي الحلول المقترحة لهذه المشاكل؟
أهم الحلول ألخصها في ضرورة الحدّ من المركزية المفرطة وتفعيل استقلالية الجامعات التي تشتغل في أغلب الحالات كمكتب ضبط أي نقطة وصل بين الأساتذة والمؤسسات من ناحية والوزارة من ناحية أخرى ولقد عشنا ذلك أخيرا بمناسبة إعادة تأهيل الاجازات والماجستير. كما نرى أن جانبا من الحل يكمن في تدعيم البنية الادارية للمؤسسات وفي تنشيط دور اللجان مثل اللجان القطاعية للاصلاح واعطاؤها صلاحيات حقيقية وعدم ربط القرار بإرادة الوزارة في أدق التفاصيل، وذلك حتى تكون البرامج واختيارات الاجازات جاهزة قبل العودة.
ومن الحلول أيضا إعادة الاعتبار لشهادة الباكالوريا ومراجعة مسألة التنفيل (25٪ و7٪ ) والاسعاف الذي جاوز نصف مترشحي شعبة الآداب مثلا وعدم استعمال المؤسسات الجامعية كقاعة انتظار لسوق الشغل أو كآلية للحدّ من بطالة الشباب.
ماهو تقييمكم للاصلاحات الجامعية؟
أهم الاصلاحات التي وقع الحديث عنها خلال الخمس سنوات الأخيرة تتمحور حول برنامج دعم الجودة ومنظومة إمد. أما هذه المنظومة فلقد قامت الجامعة العامة بتنظيم ندوة حول التقييم الأولي لها وذلك يوم 2 ديسمبر 2009 على قاعدة استبيان وجّه الى أكثر من 400 أستاذ وكانت نتائجه قد أماطت اللثام عن التشوّهات التي أحدثها التطبيق الفوقي والقسري والدغمائي لمنظومة إمد على ظروف عمل الأساتذة والطلبة والادارة على حدّ سواء، فأصبح الكل يرزح تحت ثقل عدد مهول من مواد التدريس التي وقع تنويعها ظاهريا وإفراغها من جزء هام من محتوياتها وعدد مهول من الامتحانات التي أصبح الأساتذة يجدون صعوبة في إعداد مواضيعها نظرا لكثرتها وأصبحت الادارة تلهث وراء رزنامة فروض المراقبة ودورات الامتحانات والكل يسعى الى ارضاء الوزارة كيفما اتفق، المهم تأمين 14 أسبوعا كل سداسي (عوض 13 في أوروبا)، ولو في قاعات فارغة من الطلبة والمهم تنظيم كذلك امتحان ولو في مواضيع متشابهة، الى غير ذلك من المشاكل مثال ذلك المبدأ الأخرق للثلث والثلثين في ضبط الاجازات والذي أدخلنا في مشاكل كنا في غنى عنها وأدى الى بروز عدد مفرط من الشهائد التطبيقية تحت شعار التشغيلية التي ينفر منها الطلبة والتي انجرت عن فهم سطحي وخاطئ لمنظومة إمد وعن انعدام التشاور مع ممثلي إطار التدريس مما كان يمكن ان يتيح تعديل هذه المنظومة على حسب خصوصية وضع الجامعة التونسية وامكانياتها الحقيقية.
ولقد أبرز التقييم الذي قمنا به بأن الجامعيين التونسيين ليسوا ضد الاصلاح او ضد إمد بل يطالبون بتعديله. وفي هذا الباب لا يفوتني التعبير عن ارتياح عديد الجامعيين لما لمسناه مؤخرا من ارادة لدى الوزارة في اصلاح الاعوجاج والتشوهات التي أضرت بأداء منظومتنا التكوينية ولو أننا نعتقد ان التصحيح يتطلب تشاورا واسعا وليس قرارا على قاعدة رأي بعض «الخبراء» ولقد راسلنا الوزير في هذا الموضوع.
اما الاصلاح الآخر والمعروف باسم برنامج دعم الجودة فالجامعيون لا يكادون يسمعون به (أكثر من 85٪ من الاساتذة يجهلون عنه كل شيء حسب الاستبيان المذكور آنفا) ولا يرون له اثرا في الحياة الجامعية اليومية، وفي الحقيقة هو مجرد برنامج تمويل عن طريق قروض أجنبية لاقتناء تجهيزات وغير ذلك ولقد نقص الحديث مؤخرا عن هذا البرنامج وأظن ان المسألة وقع تضخيمها . اما الحقيقة فلا جودة ولا هم يحزنون وظروف عملنا طلبة وأساتذة وإداريين ما فتئت تتدهور، وأنظر حقيقة الجودة في مكانة تونس ضمن الجامعات العالمية.
كما أرى انه آن الأوان للتفكير في مسألة هامة تتعلق بالزمن الجامعي خاصة فيما يتعلق بالحيّز المخصص للتقييم، اي الامتحانات على حساب التكوين، وعلى أي حال فإن تنظيم حوار على مستوى وطني او على مستوى الجامعات كفيل بأن يبرز الحلول الأكثر ملاءمة، عوض الاكتفاء برأي بعض خبراء ومديرين جلهم منقطع عن الجامعة ويجهل جزئيات الحياة اليومية بها.
٭ ما هو تعليقكم على الترتيب الذي حازت عليه الجامعات التونسية؟
بدءا لابدّ من توضيح ان الترتيبات الدولية التي كثر عنها الحديث مؤخرا تهم الجامعات وليس المؤسسات. والجامعة هي مجموعة من المؤسسات فيها الغث والسمين ومتى تكاثر الغث على حساب السمين تصبح صورة الجامعة ككل باهتة. والمسألة في جوهرها تتعلق بسياسة البحث العلمي في بلادنا وبأداء الباحثين وتألقهم العالمي.
ولأن المجال لا يسمح بالتوسع فإني احيلكم الى أوراق ندوة البحث العلمي التي نظمتها الجامعة العامة بمدينة العلوم بتونس في افريل الفارط والمنشورة في العدد 19 من نشريتنا «الجامعي» والتي رفعنا التوصيات التي تمخضت عنها الى السيد كاتب الدولة للبحث العلمي الذي لمسناه لديه إدراكا كبيرا لإشكاليات البحث العلمي وتحدياته في بلادنا ورغبة صادقة في الإصغاء. ولعل الاجراءات التي اتخذت منذ اسبوعين في موضوع توقيت عمل الباحثين بمراكز البحث او إعادة تأهيل هياكل البحث ذات علاقة وطيدة بتمشينا.
إن الارتقاء بمكانة الجامعة التونسية بحثا وتدريسا وتأطيرا هو طموح وطني وفي نفس الوقت هدف نقابي تجده في جل أدبياتنا. ثم ان التضحيات التي بذلتها المجموعة الوطنية منذ انبعاث النواة الأولى للجامعة التونسية سنة 1958 والمجهودات التي بذلها الجامعيون سمحت بأن تتكون في بلادنا مؤسسات جامعية أحرزت بتراكم التجربة والانفتاح والتعاون الدولي منزلة عالمية محترمة.
علاقتنا بالوزارة تغيرت لكنّنا لسنا راضين عن مستوى الحوار
فانظر مثلا إلى مكانة كليات الطب او مدارس المهندسين او بعض كليات العلوم والآداب والحقوق والاقتصاد التي رغم كثافة عدد الطلبة فيها فإنها تقدم تكوينا متميّزا يؤمنه خيرة الاساتذة ولو في ظروف صعبة. الا ان عددا كبيرا من المعاهد والمدارس المستحدثة ما كان لها ان تبعث لافتقارها لأبسط شروط بعث مؤسسة جامعية مثل الفضاء الملائم وإطار التدريس الضروري ونظرا لتشابه العديد منها وتوفيرها لنفس التكوين وبعثها على حساب ميزانية الدولة وقيمة المؤسسة التربوية. فما معنى مثلا بعث مدرسة تعنى بالمنظومة الصناعية وأخرى للتجارة الالكترونية او بالجباية او بالنقل، او مدرسة للإنسانيات بجوار كلية آداب ومعاهد للتصرف بجوار كلية اقتصاد وتصرف. بل ما معنى وجود ثلاث جامعات في مساحة 60 كيلومترا وجامعة واحدة تمتد صلاحياتها من بنزرت الى نابل وجامعة الزيتونة وأخرى افتراضية. وكان هذا التمشي في بناء الخارطة الجامعية قد أضرّ بسمعة المؤسسات العريقة والمتميزة وبالمكانة الدولية لجامعاتنا التي نظرا الى أنها تفتقر الى عديد الصلاحيات الفعلية والى الاستقلالية الضرورية فإن بعض رؤسائها يعتقدون انهم مطالبون بالتسيير الاداري اليومي للمؤسسات وليس بالتفكير الاستراتيجي في تغيير ما هو موجود، حتى أنهم يستنكفون من دعوة مجالس جامعاتهم الى الاجتماع كما ينص عليه القانون. مرة أخرى نعود الى مسألة الانعكاس السيّئ لعدم استقلالية الجامعات التي تفتقر الى سياسة بحث علمي خاصة بها وتترك ذلك الى الوزارة كما تفتقر الى نشريات علمية محكمة تسمح بالتعريف بها دوليا. كما تجدر الاشارة الى غياب حوافز بحث فيما عدا البحث بغاية الارتقاء المهني والى الاستقطاب الاداري والسياسي لألمع الباحثين في بلادنا الذين أداروا ظهورهم للبحث لفائدة المناصب. كما ان الجامعات الخاصة لا تلعب اي دور في هذا المجال وذلك طبيعي لأنها بعثت ربحية مثل اي مشروع اقتصادي. والمفارقة ان التعليم العالي الخاص في البلدان المتقدمة لم يبعث لغايات ربحية وتموله مؤسسات ذات طابع خيري.
٭ كيف تقيّم علاقتكم كطرف نقابي بوزارة الإشراف؟
لقد تغيّرت علاقتنا بالوزارة كثيرا لقد ترك إستئناف التفاوض الجدي والمدون في محاضر وغلق ملف أزمة التمثيل النقابي بالتعامل مع الجامعة العامة دون غيرها انطباعا طيبا لدى الجامعيين لاسيما النقابيين منهم الذين لم يترددوا في إعطاء الفريق الوزاري الجديد توسم خير مبدئيا في انتظار التجسيم الحقيقي للوعود. كما ان بعض الاجراءات التي اتخذها مؤخرا الوزير مثل ترسيم مئات المساعدين وصرف مستحقات العرضيين والسماح بمناقشة دكتوراه الدولة ودعوة مسؤولي المؤسسات الى تدعيم الحوار الاجتماعي ونبذ الاحتقان والتشنج كل ذلك خلق جوّا من الانفراج.
إلا انني لست راضيا تماما عن مستوى ومحتوى الحوار او على نسقه وأعتقد ان عشر سنوات من التصادم والجفاء خلفت لدى بعض مسؤولي الوزارة عقلية لا تؤمن بجدوى الحوار ولا بضرورة التعامل مع النقابات. صحيح ان تغييرا حصل وتقدما ملموسا سجل الا اننا مازلنا نلاحظ محاولات عرقلة المطالب النقابية او النشاط النقابي سواء في بعض الإدارات العامة في الوزارة او بعض المؤسسات والجامعات التي يبدو انها غير مرتاحة لتحسين علاقاتنا مع وزير التعليم العالي. ثم ان الحوار في الوزارة ممركز جدا على مستوى ديوان الوزير ولا يقع في مستوى الادارة العامة للتعليم العالي رغم ما تتطلبه معالجة عديد الملفات من علاقة مستمرة معها، ولا على مستوى الجامعات حتى لا نرهق كاهل الادارة المركزية بما يمكن تجاوزه جهويا. ورغم ما نجده من تجاوب واحترام من لدن الوزير وبعض مستشاريه الذين لنا بهم علاقة، فإننا نأسف أن نلاحظ بعض المسؤولين يرفضون حتى رفع سماعة الهاتف وبعضهم لا يفعل سوى توجيه الاستجوابات والتوبيخات للجامعيين في الظرف الذي تعيش فيه الوزارة والجامعة عموما فترة دقيقة من تصويب وتصحيح المنظومة التربوية. وهذه عقلية تشنج واحتقان تنتج عنها ردود فعل عديدة، فمثلا لن يسكت الجامعيون عن محاولة عقد مجالس تأديب لبعض المسؤولين النقابيين ولن يسكت أعضاء مجالس الجامعات التي يرفض بعض رؤساء الجامعات الاجتماع بهم، فهل نحن في حاجة الى مزيد توتر العلاقات أثناء هذه العودة الجامعية العصيبة في حين أننا عبرنا عن ارتياحنا لعودة مناخ الثقة والاطمئنان.
ماهي مطالبكم إذا؟
ان الصقيع الذي طبع علاقة الجامعيين بوزارتهم خلال العشرية الفارطة جعل المشاكل تتراكم بدون حلول مما جعل بالمقابل لائحة المطالب تطول.
ولئن أحرزنا بعض المكاسب المادية أو المعنوية رغم سياسة تصلب غير مسبوقةمثل تقاعد الأساتذة بدون شرط في سن 65 سنة أو بعض الزيادات الخصوصية من (50 الى 125 دينارا شهريا) بدون مقابل ساعات عمل اضافية كما كان معمولا به سابقا أو بعض الحوافز مثل منحة تأطير الأطروحات والمذكرات ومنحة لجان الانتداب اضافة الى الترفيع في المنح الوظيفية لكل المسؤولين الجامعيين من رئيس قسم أو وحدة بحث الى رئيس جامعة، أي أكثر من ألفي شخص.
إلا أن الزيادة الخصوصية التي صرفت لمجموع الجامعيين كانت غير مجزية بالنظر الى المجهودات الاضافية التي يقومون بها والى التكاليف البيداغوجية التي أصبحوا يتحملونها، لذا فلدينا مطلب مفصلي لا نسميه زيادة في الأجر بل تعويضا عن مجهودات اضافية يؤمنها كافة الجامعيين بكافة أسلاكهم في اطار تطبيق منظومة إمد، والوزارة لم تطمئنا صراحة على مآل هذا المطلب ولم تغلق الباب في نفس الوقت إذ وقع الاتفاق على العودة الى التفاوض حول هذه النقطة بعد أن تستقر منظومة إمد ويمكن عندها تحديد حجم العمل الاضافي، وهذا ما سنقوم به حسب الاتفاق قريبا. ولا مفر للوزارة من تفهم تردي منزلة الجامعي الذي أصبحت الهجرة تستهويه بشكل يهدد مستقبل الجامعة التونسية لأنها تستقطب عددا ما فتئ يتزايد من ألمع أساتذتنا. ورغم عدم وجود احصائيات دقيقة فإني أقدر عدد الأساتذة والمحاضرين بالخارج في حدود نصف عدد المشتغلين في تونس. فمن يرضى بهذا الوضع. أما في باب المطالب المعنوية فلدينا مطلب رئيسي يتعلق بمراجعة القوانين الأساسية لكل الأسلاك بما من شأنه تحفيز الجامعيين على البحث والارتقاء، فهل يعقل أن يظل مثلا أستاذ التعليم العالي في رتبته من سن 45 سنة أحيانا أو أقل الى سن التقاعد، وهل يمكن أن تظل انتدابات المساعدين بالشكل الممركز الحالي وبالشروط المجحفة التي حرمت المؤسسات الجامعية من أنجب المترشحين الذين يؤثرون العمل في مؤسسات اقتصادية، وهل يمكن أن تصبح الترقية التي ترتب عنها نقلة نقمة على الأستاذ وعلى عائلته، كما أننا نطالب بمراجعة طرق انتخاب لجان الانتداب التي تؤول حاليا الى تعيين جل الأعضاء عوض انتخابهم، هذا اضافة الى مطالب تقليدية لديننا لم نغفل عنها مثل تعميم مبدإ الانتخاب على جميع مسؤولي مؤسسات التعليم العالي والجامعات حيث لا يشمل الانتخاب حاليا إلا أقل من 10٪ من المؤسسات.
متى يعقد المؤتمر القادم لجامعة التعليم العالي؟
الاعداد له على ما يرام وسينعقد في آجاله القانونية التي تنتهي يوم 15 جويلية القادم، لكننا لن ننتظر ذلك التاريخ وبمجرد أن ننتهي من تجديد ما تبقى من تشكيلات نقابية وتكوين بعض التشكيلات الأخرى التي انخرطت مؤخرا في الاتحاد فإننا سننجز مؤتمرنا وتقديري أن هذا الموعد لن يطول، وعلى أي حال فالزملاء على علم بذلك ولقد تحاورنا في هذه المسألة خلال المجلس القطاعي الأخير حيث ارتأى الكتاب العامون عدم ضبط تاريخ محدد للمؤتمر وتركوا المسألة بكل اطمئنان وثقة للجامعة العامة وقسم النظام الداخلي. وما يكتب على بعض الصحف والمواقع ليس إلا هراء وافتراء لا يستحق التعليق.
هل ستترشح مرة أخرى للكتابة العامة؟
شخصيا أؤمن بالتداول على المسؤولية، وأعتقد أن القطاع زاخر بالمناضلين والكفاءات القادرة على تحمل المسؤولية ربما أفضل مما فعلت، ولكنني أظل على ذمة قطاعي عند اللزوم والضروري، ولن أغادر اطلاقا مجال النضال النقابي علما وأني ترشحت مؤخرا لعضوية النقابة الأساسية لكليتي وإضافة الى كل ذلك فإني أتحمل الآن مسؤولية نقابية مغاربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.