أبو الحسين «قيل أبو الحسن» علي بن الحسين بن علي المعتزلي الشافعي من ذريّة عبد الله بن مسعود مؤرخ رحالة. ولد ببغداد وفيها نشأ وترعرع. مال منذ حداثته إلى الترحال والسفر فجاب فلسطين وبلاد فارس وطاف في أرجاء أرمينيا والهند وبحر الصين ومدغشقر وزنجبار وعمان، ومرّ في أثناء طوافه بأنطاكيا سنة 332 ه ودمشق بعد ذلك بسنتين ثم صرف سنواته العشر الأخيرة متنقلا بين سورياومصر، وتوفي في الفسطاط سنة 345 ه «وفي بعض المصادر 346 ه». أطلق عليه المحدثون ومنهم «فون كريمر» لب «هيرودوت العرب» وهو تشبيه صحيح ومحاكاة جيدة ، فإن كلا منهما أفاض في تدوين التاريخ وجمع المادة بصبر وتأن، وكذلك جمع بينهما جلد على تسجيل الوقائع وتدوين الخوارق والعجائب فإن العمل الذي قام به المسعودي هو تسجيل التاريخ، تاريخ الإنسانية العام، منذ بدء الخليقة الى زمنه سنة 336 ه، فإن الموضوعات التي دوّنها وكذلك الاستطرادات التي كلف بها وغاص في البحث فيها ميّزت كتبه بالتطويل والاستطراد وهذا ما دفع المؤرخ فازيلييف أن يقول : «إن كتب المسعودي لمما يقرأه المسلمون والأوروبيون على السواء، لما فيها من متعة ودواء. ولذا استحق بأن يلقب ب»هيرودوت العرب»، وهو اللقب الذي أطلقه عليه كريمر». وذكر المسعودي في كتابه «التنبيه والإشراف» بيانا موجزا لمؤلفاته : أخبار الزمان ومن أباده الحدثان، وهو كتاب يقع في نحو ثلاثين مجلدا لم يبق منه سوى جزء واحد موجود في خزانة فيينا الأهلية وقد ا ختصره المسعودي وسمي المختصر «الكتاب الأوسط» كتاب نظم الجواهر في تدبير الممالك والعساكر فنون المعارف وما جرى في الدهور والسوالف. كتاب الدعاوى كتاب الاسترجاع كتاب نظم الأعلام في أصول الأحكام كتاب نظام الأدلة في أصول الملة كتاب تقلب الدول وتغيير الآراء والملل كتاب وصل المجالس الأخبار المسعوديات. وكتب أخرى مثل كتاب التاريخ في أخبار الأمم من العرب والعجم وكتابه الاستبصار في الامامة وكتاب أخبار الخوارج، أما أشهر كتبه فهو «مروج الذهب» الذي جاء في شكل دراسة تاريخية وجغرافية معا. كان أساسه ما رآه المؤلف في البلاد التي طاف فيها أثناء رحلته الطويلة، وكان قد وصل في سرد هذه الحوادث التاريخية الى سنة 332 ه، وهي السنة التي ألف فيها كتاب "مروج الذهب".