تواصل أشغال ملعب بوجمعة الكميتي ليلاً قبل 48 ساعة من مباراة الأولمبي الباجي و مستقبل قابس [فيديو]    من تجارب الأوّلين: منظومة المكايل: أقدم طريقة لري الزراعات والواحات بمنطقة القطار    مع الشروق : حين تتحوّل المجاعة إلى سلاح حرب    بمناسبة عيدها الوطني.. مجلس نواب الشعب يدعو إلى تعزيز حقوق المرأة وصون كرامتها    صيف المبدعين: الكاتبة نجمة علي كراتة .. يومَ قبّلتُ الغُصن وبكيتُ لوجع الشّجرة تغيّرت حياتي    تاريخ الخيانات السياسية (45): مقتل صاحب الشامة القرمطي    عاجل: فيضان وادي الجراد يقطع الطريق في تمغزة    دواؤك في مطبخك...الثوم يتفوق على المضادات الحيوية...    رئيس الجمهورية يؤدي زيارة إلى معتمدية سجنان    مأساة في المتوسط: مقتل وفقدان العشرات إثر غرق قارب قبالة سواحل لامبيدوزا    لأول مرة عالميًا: زراعة أنسجة بشرية مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد    بطولة الرابطة المحترفة الأولى: تعيينات حكام الجولة الثانية    حسناء جيب الله: رفع سقف تمويل الشركات الأهلية من 300 ألف دينار إلى مليون دينار    أوركسترا قرطاج السيمفوني بقيادة المايسترو حافظ مقني تتألق وتمتع جمهور المسرح الروماني بالجم    وزير الإقتصاد في إفتتاح اليوم الوطني لتونس في التظاهرة الكونية " اوساكا اكسبو 2025"    الرابطة المحترفة الثانية: مستقبل القصرين يتعاقد مع اللاعب غيث الصالحي    التونسي راضي الجعايدي مدربا لنادي النجمة اللبناني    عاجل/ الجيش الصهيوني يصادق على خطة احتلال غزة..    وفاة صنع الله إبراهيم... قامة السرد العربي تفقد أحد أعمدتها    هام/ الديوانة التونسية تنتدب..    السجن لكهل أنهى حياة بائع متجول..وهذه التفاصيل..    هام/ هيئة الصيادلة تطلق منصة رقمية ذكية لتسهيل ولوج المواطنين لصيدليات الاستمرار..    المرأة التونسية في قلب العمل: فريق نسائي للديوانة يسهل حركة المسافرين بميناء حلق الوادي    "إسرائيل الكبرى".. الأردن يردّ بقوة على تصريحات نتنياهو    ترامب: قادة أوروبا "أشخاص رائعون"    تونس تشارك في بطولة افريقيا للتايكواندو ب10 عناصر    بلاغ هام للترجي الرياضي التونسي..#خبر_عاجل    تفشي عدوى بكتيرية بفرنسا ...تفاصيل    رابطة حقوق الإنسان تدعو إلى الإفراج عن السجينات السياسيات وسجينات الرأي    قرار قضائي بسجن محامٍ بتهم إرهابية وغسيل أموال    الكاف: حجز كميات من السجائر المحلية والمجهولة المصدر    هذه هي المرأة التونسية الوحيدة التي تستحق التكريم في عيدهن ...!!.    جنجون يختتم اليوم مهرجان سيدي عطاء الله بنبر    ثنائي تونسي يتوج بالدوري الليبي مع نادي الأهلي طرابلس    "أصول" لياسين بولعراس على ركح الحمامات: عرض موسيقي يعزز حوار الثقافات ويدعو إلى الانفتاح وقبول الآخر    محرز الغنوشي للتوانسة :'' السباحة ممكنة بكافة الشواطئ واللي يحب يبحر يقصد ربي''    بطولة العالم للكرة الطائرة للسيدات: المنتخب الوطني ينهزم أمام نظيره التشيلي    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    في بالك : مشروع قانون جديد يقسم المسؤوليات المنزلية بين الزوجين!    جمعية النساء الديمقراطيات تدعو إلى تطوير مجلة الأحوال الشخصية وحماية مكتسبات المرأة    وزارة الصحة تعمم منصة Njda.tn لتسريع التدخلات الطبية وإنقاذ الأرواح    ترامب وبوتين في ألاسكا: من أرض روسية سابقة إلى مسرح لمباحثات السلام المحتملة    إدارة ترامب تتجه لإعلان "الإخوان المسلمين" جماعة إرهابية...    اليوم.. الدخول مجاني لجميع المواقع الأثريّة والمتاحف    نابل ..تراجع صابة عنب التحويل بنسبة تتراوح بنسبة 25 و 30%    ثمانية أمراض ناجمة عن قلة النوم    دعوة الى تلازم الذكاء الاصطناعي مع مقاصد الدين    سمكة الأرنب السامة غزت شاطئ نابل.. خطر على صحة التوانسة!    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    ارتفاع درجات الحرارة يرجع بداية مالتاريخ هذا    إحباط محاولة تهريب 36 كلغ من مخدّر "الزطلة" بميناء حلق الوادي الشمالي    قابس: العثور على جثة شاب مفقود منذ أسبوع داخل بئر عميقة    عاجل: دخول مجاني للمواقع الأثرية والمتاحف يوم 13 أوت    رّد بالك مالبحر اليوم: الرياح توصل ل60 كلم والسباحة خطر    يهم التسجيل المدرسي عن بعد/ البريد التونسي يعلن..    تعطل وقتي لجولان عربات المترو بسبب عطل في الأسلاك الهوائية الكهربائية    تاريخ الخيانات السياسية (43) القرامطة يغزون دمشق    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«قداشنا لوجيك» طرحت الموضوع: هل ننتظر موت مبدعينا حتى يقع تكريمهم؟
نشر في الشروق يوم 23 - 09 - 2010

أثارت حلقة «قداشنا لوجيك» لسامي الفهري ووسيم فتح الله الخاصة بالممثل فتحي الهداوي بعض الجدل في الوسط الفني بين قابل للفكرة ورافض لها... حيث تناولت موضوعا في غاية الأهمية حول تكريم المبدعين والاعتراف بما قدموه من جليل الأعمال لهذا الوطن العزيز وأثروا الساحة الثقافية بإبداعاتهم الجيدة والجميلة إذ جرت العادة وهي سنة حميدة دأبنا عليها نسيان مبدعينا، ولا يحظون بتكريم أو تشريف ورد اعتبار إلا بعد مواراتهم التراب... وقد يتواصل هذا التجاهل والنكران على مدى عمر الزمن... فما أكثر الذين طوتهم الأيام... بعض الفنانين رأوا أن الوقوف على ركح قرطاج يعتبر بمثابة التكريم لهم أو الحصول على دعم لعروضهم... حتى وإن كانت هشة! فلولا اللفتة السامية والرعاية الموصولة من قبل رئيس الدولة لهؤلاء... لاستمرّ الإقصاء والتعتيم والتهميش.
ورغم ذلك ظلت بعض الجهات الثقافية في بلادنا ممتطية صهوة الإصرار بتجاهلها التام صانعو الخارطة الإبداعية التونسية...
لسبب بسيط أن بعض مسؤولي الهياكل الثقافية المحلية والجهوية مازالوا ينظرون إلى الإبداع من زاويتهم الصغيرة والضيقة... هذه حقيقة لا ينكرها عاقل ونحن نستحضر واقع مبدعينا المرّ ممن فارقونا وتركوا فراغا رهيبا في الساحة الثقافية والفنية...
القائمة طويلة ولسنا بحاجة بأن نأتي على اسم فيها ذلك أنه من المؤسف جدا أن الفنان أو الممثل أو الشاعر أو الروائي أو أي كان اختصاصه يمضي به العمر متحديا شتى أنواع الصعاب مبدعا في صمت فلا يسمع كلمة تدفع به إلى الأمام وتعطيه شحنة معنوية، سوى التقزيم وإطلاق صواريخ الشائعات في شأنه... ومن المحزن أن ينتظر الجميع موت المبدع.. تلك المناسبة بما تعنيه من لحظات مأساوية حتى نحتفي به... فتتعدد الآراء وتكثر الاقتراحات وتنتفض الأقلام وتطل من الأزقة المظلمة رؤوس المتبجحين... هذا يطالب بمهرجان يحمل اسمه وآخر ينادي بإقامة معرض له وثالث يريد إطلاق اسمه على أحد أنهج المدينة.
إنه ذر رماد على العيون لا غير فنسمع جعجعة ولا نرى طحينا... وكل ذلك يصب في خانة المصالح الشخصية والبحث عن الوجاهة على حساب مبدع كرّس حياته لخدمة ثقافة بلاده... وفي النهاية نؤبن الفنان بقطرات من دموع مزيفة حتى يرانا الناس ونحن في قمة تأثرنا البالغ لكن هي في واقع الأمر كذبة كبيرة وعنوان للنفاق... صحيح أن الأسرة الثقافية استيقظت منذ سنوات قليلة من سباتها العميق وأدركت أن التكريم في حياة الفنان لا يقل أهمية من الاحتفاء به بعد موته بل يفوقه أهمية... لم يعد محيرا فعلا بل بات واضح المعالم ولا يحتاج إلى تساؤل أو تردد... بيد أن هذه الاستفاقة بقيت محدودة باعتبار أن مؤسساتنا الثقافية في أكثر من جهة منهكة برقدتها المزمنة...
الشيء من مأتاه لا يُستغرب
جميل أن نذكر موتانا بخير وأن نستغل سهراتنا ومسامراتنا لتكريم كل من ساهم إيجابا في مسيرة العطاء والإبداع في الوطن... ولكن الأجمل حقا أن نتعود على تكريم مبدعينا من أهل الفن والثقافة في جميع المجالات في حياتهم وفي غمرة إخلاصهم لمجالاتهم وتفانيهم في مشوارهم وخلال رحلة عطائهم حتى يجدوا ثمرات ذلك العطاء أمام أعينهم وحتى لا يحرموا من لحظات معنوية حرم منها كثيرون... رحمهم الله وكأن تكريمهم بعد وفاتهم وعندما أصبحوا ذكرى أملى علينا الواجب تأبينهم وتكريمهم... إن ما يثلج الصدر ويبعث على الفخر والاعتزاز عندما تتولى عديد المنظمات والهيئات والجمعيات المختلفة تكريم بعض الوجوه الفنية والإبداعية الأخرى وهم في قمّة حيويتهم ونشاطهم وفي عز عطائهم تقديرا لمجهودهم الجبار الذي تواصل سنوات وللرسالة التي تحملوها وأدوها بثقة و اقتدار... فقد حظي الزميلان ا لبشير رجب والمكي كربول بهذا التتويج والاعتراف من قبل جمعية المتقاعدين... كما سبق لإدارة مهرجان محمد عبد العزيز العقربي بدوار هيشر خلال إحدى دوراته أن كرمت ثلة من ممثلي الدراما الإذاعية الذين سجلوا حضورهم منذ سنوات طويلة في آذان المستمعين وناضلوا من أجل الحفاظ على فن التمثيل الإذاعي وحمايته من الاندثار وسط هيمنة القنوات التلفزية والانترنيت على غرار الممثل أنور العياشي...
فتكريم الفنان في حياته وفي مرحلة معينة من التميز والأقدمية والرسوخ في الساحة الفنية هو أفضل تكريم حتى يعايش هذه الحلاوة بين زملائه وأهله... وبالتالي يجني ثمار جهده ويلتمس مدى حب الآخرين له... من غير المعقول بل هوالظلم بعينه أن ننتظر موت المبدع حتى نكرمه ونمجد أعماله ويكون هذا التكريم من نصيب عائلته وأبنائه... التكريم في الحقيقة هي لحظات من نصيبه وحده وهو أفضل ما يقدم له حتى يتحسس مكانته... فأي لفتة ولو بسيطة تكون دافعا له ومحفزا لنشاطه... ثم أن المبدع الحقيقي لا ينتظر مقابلا ماديا بقدر انتظاره لدفع معنوي مرهون في كلمة أحيانا خاصة إذا كان متقدما في السن... من الواجب أن نذكره في حياته ويكون الجميع سندا له بدلا من انتظار مماته حتى يقع تأبينه وتكريمه في شخص أقاربه إن وجدوا طبعا...
خلاف فئة من مبدعي هذا الزمان الذين لا هم لهم سوى جمع المال واللهث وراء «العرابن» بدعوى كسب القوت بالهرج والمرج والأعمال المسروقة! كما أن التكريم في حد ذاته بادرة جد جميلة ترفع معنويات الفنان وتوطد علاقته أكثر بفنّه وتحمسه أكثر للعطاء.. كذلك بعد وفاته حتى يعطي دافعا لأبنائه لأن يحذوا حذو والدهم أو والدتهم ويلتمسون مدى عظمة رسالته وتفانيه في أداء عمله... الزميلة كلثوم السعيدي ساهمت بشكل جيد في إعادة الاعتبار في بعض برامجها الإذاعية وعلى طريقتها الخاصة لعديد الأسماء صنعت مجد الإذاعة الوطنية معتبرة إياهم «الكبارات».
فمهما اجتهد الجميع... يبقى ذلك منقوصا خصوصا ونحن نعلم أن كما من المبدعين في مجالات عدة تقدم بهم العمر شيبا لكنهم ظلوا على دفة النسيان... أليس من حق هؤلاء كرمضان شطا وعادل يوسف... ورفيعة بلحوت ومحمد العش ومليكة بن خامسة وآخرين بالمناطق الداخلية أن ينالهم التكريم قبل فوات الأوان ويصبح حينذاك «حكاية فارغة».
هي فقط رسالة إلى مسؤولي اللجان الثقافية ومديري دور الثقافة بضرورة التفكير في أبناء جهاتهم كتابا كانوا أو فنانين من خلال تكريمهم ورد الاعتبار لهم اليوم قبل غد بدلا من انتظار كلمات الإطراء والمديح أو التصفيق من «حفنة» لا يفهمون أصلا معنى الإبداع... فالأجدى بهؤلاء أن يتعلموا درسا ولو واحدا من عاصمة الجلاء بنزرت صاحبة السبق والفضل برد الاعتبار لأهل الإبداع أيا كان موقعهم في الخريطة الوطنية خصوصا تلك السنة الحميدة التي دأب عليها مكتبها الإعلامي في مناسبة أو دونها...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.