لأول مرة: التكنولوجيا التونسية تفتتح جناحا بمعرض "هانوفر" الدولي بألمانيا    اقتطاعات بالجملة من جرايات المتقاعدين...ماذا يحدث؟..    مترشحة للرئاسة تطرح استفتاء للشعب حول تعدد الزوجات في تونس..#خبر_عاجل    عاجل/ تحذير من بيض رخيص قد يحمل فيروس أنفلونزا الطيور..    عاجل/ مقتل 10 اشخاص في تصادم طائرتين هليكوبتر تابعتين للبحرية الماليزية في الجو    خلال يوم واحد: تسجيل أكثر من 200 زلزال وهزة ارتدادية في تايوان    بطولة ايطاليا : إنتر ميلان يتوج باللقب للمرة العشرين في تاريخه    بطولة ايطاليا : بولونيا يفوز على روما 3-1    التوقعات الجوية لهذا الطقس..    الإطاحة ب 9 مروجين إثر مداهمات في سوسة    عاجل/ تقلبات جوية منتظرة وأمطار غزيرة بهذه الولايات..طقس شتوي بامتياز..    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس..    رغم منعه من السفر : مبروك كرشيد يغادر تونس!    مدنين: حجز 4700 حبة دواء مخدر وسط الكثبان الرملية    جمعية منتجي بيض الاستهلاك تحذّر من بيض مهرّب قد يحمل انفلونزا الطيور    مهرجان هوليوود للفيلم العربي: الفيلم التونسي 'إلى ابني' لظافر العابدين يتوج بجائزتين    الأمم المتحدة: آسيا أكثر مناطق العالم تضرراً من كوارث المناخ ب2023    اتحاد الشغل بجبنيانة والعامرة يهدد بالإضراب العام    نقل مغني فرنسي شهير إلى المستشفى بعد إصابته بطلق ناري    حادثة سقوط السور في القيروان: هذا ما قرره القضاء في حق المقاول والمهندس    أراوخو يكشف عن آخر تطورات أزمته مع غوندوغان    البطولة الأفريقية للأندية الحائزة على الكأس في كرة اليد.. الترجي يفوز على شبيبة الأبيار الجزائري    الجزائر.. القضاء على إره.ابي واسترجاع سلاح من نوع "كلاشنكوف"    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    البنك التونسي السعودي ... الترفيع في رأس المال ب100 مليون دينار    في اختتام المهرجان الدولي «إيتيكات» بسوسة.. شعراء وفنانون عرب بصوت واحد: «صامدون حتى النصر»    هذه أبرز مخرجات الاجتماع التشاوري الأول بين رؤساء تونس والجزائر وليبيا    بيان أشغال الاجتماع التشاوري الأوّل بين تونس والجزائر وليبيا    مذكّرات سياسي في «الشروق» (1)...وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم .. الخارجية التونسية... لا شرقية ولا غربية    المنستير.. الاحتفاظ بمدير مدرسة إعدادية وفتح بحث ضده بشبهة التحرش الجنسي    بنزرت: غلق حركة المرور بالجسر المتحرك في الساعات الأولى من يوم الثلاثاء    الحشاني يشرف على جلسة عمل وزارية بخصوص مشروع بطاقة التعريف وجواز السفر البيومتريين    بوعرقوب.. عصابة سرقة الاسلاك النحاسية في قبضة الحرس الوطني    الإعلان عن تأسيس المجمع المهني للصناعة السينمائية لمنظمة الأعراف "كونكت"    بوعرقوب: القبض على 4 أشخاص كانوا بصدد سرقة أسلاك نحاسية خاصة بشركة عمومية    بداية من يوم غد: أمطار غزيرة وانخفاض في درجات الحرارة    مدنين: العثور على 4700 حبّة مخدّرة وسط الكثبان الرملية بالصحراء    استلام مشروع تركيز شبكة السوائل الطبية لوحدة العناية المركزة بقسم الأمراض الصدرية بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر    تونس: وفاة 4 أطفال بسبب عدم توفّر الحليب الخاص بهم    باجة: انطلاق الاستعدادات لموسم الحصاد وسط توقعات بإنتاج متوسط نتيجة تضرّر 35 بالمائة من مساحات الحبوب بالجهة    الكاف: تقدم مشروع بناء سد ملاق العلوي بنسبة 84 %    وصول محمد الكوكي الى تونس فهل يكون المدرب الجديد للسي اس اس    بن عروس: توجيه 6 تنابيه لمخابز بسبب اخلالات تتعلق بشروط حفظ الصحة    بعد ترشّحها لانتخابات جامعة كرة القدم: انهاء مهام رئيسة الرابطة النسائية لكرة اليد    تقرير: شروط المؤسسات المالية الدولية تقوض أنظمة الأمان الاجتماعي    حليب أطفال متّهم بتدمير صحة الأطفال في الدول الفقيرة    تكريم هند صبري في مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة    الرابطة الأولى: تعيينات منافسات الجولة الخامسة لمرحلة التتويج    رئيس غرفة القصّابين عن أسعار علّوش العيد: ''600 دينار تجيب دندونة مش علّوش''    وزارة الدفاع الوطني تعرض أحدث إصداراتها في مجال التراث العسكري بمعرض تونس الدولي للكتاب    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس    هاليب تنسحب من بطولة مدريد المفتوحة للتنس    حريق بمحل لبيع البنزين المهرب بقفصة..وهذه التفاصيل..    لأقصى استفادة.. أفضل وقت لتناول الفيتامينات خلال اليوم    في سابقة غريبة: رصد حالة إصابة بكورونا استمرت 613 يوماً..!    أولا وأخيرا..الكل ضد الكل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقفة متأنية: ثلاثون سنة على الحرب العراقية الايرانية
نشر في الشروق يوم 25 - 09 - 2010


بقلم: عبد الرحمان مجيد الربيعي
عندما غادرت العراق للعمل في بيروت لم تكن الثورة الايرانية قد قامت، ولم أكن أعرف لا أنا ولا الكثير من العراقيين زعيمها القادم الامام الخميني، حتى إبعاده من العراق لم يطرح بشكل واسع بحيث يلمّ المواطن العراقي بالتفاصيل، ولكن المقايضات السياسية تحصل في كل البلدان، وكان نظام الشاه يجد خطرا عليه بوجود الخميني في العراق وفي المدينة الأكثر شهرة بالنسبة لشيعة إيران النجف الأشرف حيث مرقد الامام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه الذي كانت تصله وفود الزوار من ايران وبلدان أخرى.
وقد كان إبعاد الخميني من العراق بناء على طلب ملح من الشاه بعد اتفاق الجزائر أو كان السافاك الايراني يدعم المجموعات الكردية ويزودها بالسلاح لإقلاق السلطة المركزية في بغداد، بكل عهودها، الملكي والجمهوري، لأن بعض الزعماء العشائريين لأكراد العراق ارتضوا أن يكونوا «بنادق للإيجار» مع الأسف على حد وصف أحد الصحفيين لهم، تتساوى عندهم كل العهود والولاء لمن يدفع ولنا دليل ماثل في حماس زعيمين منهم هما البارزاني والطالباني للاحتلال الأمريكي.
لقد رأيته مع عدد من الأدباء والاعلاميين قصر الملاّ مصطفي البارزاني المحاذي تماما للحدود الايرانية وفيه أبواب خلفية تنفذ الى داخل الحدود الايرانية، ومنها هرب الملاّ مصطفى اليها بعد اتفاق الجزائر، ومادامت ايران قد رفعت يدها عن دعمه فلم يبق له إلا الهروب.
ذلك القصر كان قصرا مموّها بحيث لا يستطيع رؤيته القادم إلا عندما يقترب منه فقد اختير له مكان دقيق بين الجبال وغابات الأشجار.
وكانت العلاقات قد تحسّنت بين العراق وإيران في عهد الرئيس عبد الرحمان عارف رحمه اللّه الذي أطيح بنظامه عام 1968 في 17 تموز (جويلية) وهو الرئيس الوحيد الذي لم تتمّ تصفيته بطريقة وأخرى في سلسلة الموت العراقي حيث تمّ إبعاده الى تركيا بعد أن خُيّر في مكان الإبعاد.
وكانت المرة الوحيدة التي زرت فيها إيران هو ذلك العام ضمن سفرة جامعية في شباط (فيفري) من العام نفسه شارك فيها أكثر من ألفي طالب عراقي نقلتهم سيارات الركاب الكبيرة في موسم الثلج حيث كانت توضع سلاسل في عجلاتها حتى لا يعيقها الثلج، قطعنا الطريق الوسطى.. قصر شيرين، كرفشاه، همدان، فطهران التي مكثنا فيها أسبوعين وأنزلونا في المبيتات الجامعية هناك.
تلك أيام خلت، وكان كل عراقي ينشد أن تبقى علاقات بلده مع ايران ومع تركيا طيبة وهما البلدان غير العربيين اللذان يحدان العراق من الشمال والشرق، لأن الخطر لا يأتي من الأهل الذين يحدّون العراق وأعني بهم البلدان العربية.
وعندما حصلت الثورة الايرانية كنت أعمل في بيروت وكان لها صدى هستيري إذا جاز لي الوصف، فكأن هذه الثورة قد أتت بالحل السحري لمشاكل كل البلدان الاسلامية وعلى رأسها قضية فلسطين التي كان الشاه أحد المتآمرين عليها بإقامته علاقات قوية مع الكيان الاسرائيلي.
ومازلنا نتذكر كيف تحول الرئيس الشهيد أبو عمار الى طهران لتهنئة قادتها الجدد وعلى رأسهم الامام الخميني حيث افتتحت سفارة فلسطين في المبنى نفسه الذي كانت تشغله سفارة الكيان الصهيوني في عهد الشاه الذي لم يجد بلدا يستقبله حتى وليّتا أمره أمريكا وبريطانيا رفضتاه ولم يستقبله غير السادات.
كانت الثورة الايرانية درسا للعملاء لأن يحسبوا لشعوبهم حسابا لأن يوما سيأتي يضيق عليهم فيه العالم على سعته كما حصل للشاهنشاه.
لكن ما الذي حصل؟ ولماذا جعل الخميني العراق في أولى أولوياته؟ ولماذا رفع مبكرا شعاره المعروف «تصدير الثورة»؟ ولمن يصدّرها؟
إن تناول أي تصرّف سياسي من قبل بلد من البلدان وقراءة مجرياته يجعلنا نقتنع بمسوغاته أم عدم الاقتناع، فهل «حقد» الخميني المبكر على العراق وعلى رئيسه تحديدا كان بسبب إبعاده رغم أن هذا الابعاد كان في صالح الثورة الايرانية وما كان بمستطاع الخميني أن يبعث بخطبه المسجلة وبياناته وهو في العراق، ولكن في فرنسا الأمر ممكن جدا.
ثم قامت الحرب التي مرّت عليها ثلاثون سنة، ودامت ثمانية أعوام، حطمت البلدين اقتصادا وبنية تحتية وقوة عسكرية وكانت الدول الكبرى تغذيها وتدعمها لأنها بين نظامين مكروهين من الغرب رغم أنهما لا يتشابهان ولكنهما يلتقيان في عدائهما للغرب ومصداقيتهما في الدعوة لتحرير فلسطين.
وخسرت إيران الحرب وأذعن الخميني فتوقفت و«شرب السم»، ولكن ايران ومع خسارتها العسكرية احتفظت بيدها بأوراق للجولات القادمة وتتمثل في الأحزاب والميليشيات والعملاء الموالين لها من العراقيين الذين كوّنتهم على أساس المظلومية الطائفية!
هؤلاء كانوا جزءا أساسيا من الطبخة التي هُيّئت للاحتلال، والدليل ماثل أمامنا في أن الذين يحكمون العراق بعد احتلاله هم عملاء إيران الطيّعون.
وهنا يبرز الازدواج العجيب لدى نظام خطابه ضدّ أمريكا ولكنه تعاون معها لتحطيم بلد عظيم مثل العراق؟
هل «الحقد الفارسي» المتوارث له كل هذه القدرة على الكُمون ثم الانفجار حتى لو كان ذلك ضد المبادئ والمواثيق وحقوق الجيرة وكل الروابط التاريخية؟
تلك الحرب كانت درسا بأن الحروب ليست الحل أبدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.