للسبب ذاته تعذرت الاتصالات، تكرر حادث تصادم القطارات ليهز مجددا صورة النقل الحديدي في الوطن وليطرح أكثر من سؤال حول سلامة سير القطارات. ويبدو المشهد أكثر خطورة هذه المرة اذ بلغت حصيلة حادث عشية الجمعة 57 جريحا وقتيلا واحدا من بين المسافرين. ومايزال القرار الطبي حتى صباح أمس متذبذبا ما إن كان سيتم بتر ساق سائق قطار الاحواز المتضررة أم لا... وبالتالي فقدان شركة السكك الحديدية لسائق آخر بعد ان أحالت حوادث القطارات سواقا من قبله على مهام أخرى غير القيادة. بعد 14 شهرا من حادثة فندق الجديد (ولاية نابل) أين تصادم قطاران مع شاحنة عاد السبب ذاته للظهور ليؤدي الى حادث تصادم بين قطارين في بئر الباي بشكل أكثر خطورة. هذا السبب تمثل في غياب التنسيق بين القطارات وعدم اعلام غرفة التحكم التابعة لادارة شركة السكك الحديدية بحصول أي عطب أو تصرف استثنائي لسير القطار من ذلك توقفه نظرا لتعذر الرؤية وذلك تفاديا للحوادث وهو ما لم يحصل أول أمس. خسائر وتشير تفاصيل حادثة 31 جويلية 2009 بفندق الجديد أن غياب التنسيق وتعذر الاتصال بغرفة التحكم أدى الى تصادم القطار السريع القادم من نابل في اتجاه العاصمة مع شاحنة لنقل الغلال عالقة في السكة بعد ان اصطدمت مع القطار القادم من تونس في اتجاه سوسة. وكانت حصيلة حادث فندق الجديد 6 جرحى فقط مع هلع وخسائر مادية فادحة كان يمكن تفاديها لو تم ابلاغ سائق قطار نابلتونس بحادث التصادم في سكته. خسائر أخرى مادية ومعنوية تم تسجيلها في حادثة أول أمس الجمعة بعد ان حالت رداءة الطقس دون مواصلة القطار القادم من توزر سيره بسبب عدم وضوح الرؤية فتوقف في محطة بئر الباي جنوب العاصمة. أين البديل؟ ولم يتمكن سائق القطار المتوقف من اعلام غرفة التحكم فانجر عن عدم التنسيق تصادم عنيف من الخلف بينه وبين قطار الضاحية الجنوبية القادم من برج السدرية مما أدى الى انقلاب القاطرة الخلفية للقطار المتوقف وتشير مصادر من الشركة الى أنه يجري الاتصال مع سواق القطارات عبر الهواتف الجوالة التي توفرها الشركة لموظفيها.. ولأن شبكة الهواتف الجوالة غير مستقرة في الأحوال الجوية الاستثنائية ما البديل الذي تعتمده غرفة التحكم للتواصل مع سواق القطارات؟ وللإشارة نذكر أن «الشروق» استقبلت قبل أكثر من ثلاثة أشهر مساعد سائق قطار جاء محملا بالصور والوثائق والأشرطة القصيرة المصورة يشتكي سلامة مهددة في سير القطارات. وقال المشتكي ل«الشر وق» انه ليس هناك أية جدية في التعامل مع ملف تكوين وتدريب سواق القطارات مع وجود تجاوزات عديدة في ترقية الموظف من مهمة مساعد سائق الى سائق قطار. كما توقع مساعد سائق القطار وقوع مزيد من الحوادث وربما سقوط ضحايا.. وصدقت توقعاته بوفاة ضحية في حادث أول أمس الجمعة. فوضى وقال مساعد سائق القطار أيضا انه لا وجود للصيانة الوقائية للأسطول كما لا يتم تنظيم ورشات للصيانة ولم يتم حسب قوله تجهيز القاطرات بأجهزة استشعار الاشارات أو إعادتها داخل غرفة القيادة. وأثار المتحدث مسألة نظافة القاطرات مشيرا الى أن العمل بالقاطرة أصبح يكاد ينعدم بسبب رائحة التبول ما اضطره الى رفع احتجاج كتابي الى السيد مدير مصلحة الجر للنظر في الأمر بتاريخ ماي 2009. كما سبق للمتحدث أن تقدّم بمكاتيب عديدة الى ر.م.ع. شركة السكك الحديدية يطلب مقابلته لتوضيح مسألة تتعلق بسلامة سير القطار.. ولم يحصل سوى على استجواب من الشركة. ووصف المتحدث ما يحصل في سياقة القطارات بالفوضى خاصة وأن كل المسؤولين رفضوا الاستماع إليه. فهل يتمّ إدراج هذه المسألة ضمن التحقيق الذي ستجريه الشركة حول الحادث؟