سجلت الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي تراجعا في أعداد السياح نحو الوجهة التونسية بنسبة بلغت 2.3٪ إذ أفادت آخر الاحصائيات الرسمية أن 4 ملايين و973 ألف سائح زاروا بلادنا الى حدود 10 سبتمبر الحالي مقابل 5 ملايين و92 ألفا خلال نفس الفترة من العام الماضي. ويطرح هذا التراجع الواضح تساؤلات عديدة حول أداء القطاع خاصة أن أكثر من نصف هؤلاء السياح يمثلون ثلاثة أسواق بارزة هي فرنسا وليبيا والجزائر ولم تسلم بدورها من التراجع. ولا يمكن أن نبرر هذا التراجع فقط بالأزمة الاقتصادية العالمية وانعكاسات بركان ايزلاندا ومخلفات كأس العالم وتزامن رمضان مع ذروة الموسم بل علينا أن نشخص الوضع مليا ونتدارس بشكل عقلاني عوامل التراجع واخلالاتنا في الترويج والدعاية لأن وجهات سياحية أخرى بما في ذلك بلدان الجوار حققت نموا ملحوظا واستفادت من الانتعاشة الاقتصادية التي ظهرت في عديد الأسواق الكبرى المصدرة للسياح. فنحن اليوم نحصد نتيجة سياسية ترويجية كلاسيكية وجامدة مازالت خاضعة لسيطرة كبريات وكالات الأسفار التي أحكمت قبضتها على القطاع واختارت نوعية وأعداد الحرفاء المتجهين الى الوجهة التونسية. فلا يعقل اليوم أن تغيب الانترنات في عملنا الترويجي وفي عمليات الحجز الفردي والجماعي وأن نبقى مركزين على السياحة الشاطئية في الاشهار والترويج على حساب منتوجات أخرى قد تكون أعلى مردودية مثل السياحة الصحراوية والسياحة الثقافية والايكولوجية... إننا نعيش اليوم أزمة صور وتصور في عملنا الترويجي ويبقى الأمل في نتائج الدراسة الاستراتيجية للقطاع في أفق 2016 وما ستخلفه عمليات التأهيل التي انحسرت على مستوى الفنادق فقط بينما الأجدر أن تشمل كامل الجهات السياحية وجميع مكونات المنتوج السياحي وأيضا ترسانة الاجراءات والقرارات (160 قرارا) وأساسا التفاف المهنيين حولها وانخراطها مع الادارة لاقرار دفعة جديدة وقوية ولو أن الاستشارات الجهوية الماضية لا تبعث كثيرا على التفاؤل في ظل الاقبال المتواضع للمهنيين ومقترحاتهم عليها وهو أمر قد يتم تداركه خلال الاستشارة الوطنية التي ستنعقد خلال بداية الشهر القادم.