شهدت فترة رئاسة السيد حمدي المدب للترجي العديد من الأحداث والمواقف والألقاب ما قد يعجز عن وصفه الكلام فالرجل لملمَ جراحا وأوراقا بعثرتها بالأمس القريب الخيبات القارية المتعاقبة للأصفر والأحمر، وفتح خزائنه وسخّر أمواله ووقته وفكره وأصبح الترجي شغله الشاغل من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه فلم تعد أحلام الترجيين تولد معه من فراغ لأن كل شيء عنده يخضع للعقل والتخطيط والبرمجة ولم يبتعد السيد حمدي المدب خطوة واحدة عن تلك التقاليد والقواعد التي تلقاها عندما كان لاعبا في صفوف فريق باب سويقة وتفاصيل هذه القواعد ندرة الكلام وهو ما جعل الرجل يفضل العمل في صمت دون إثارة صخب أو ضجيج ولا يتكلّم إلا بين الحين والحين وإن حدث فهو شيء لا تتكرّر كثيرا. «الشروق» تحدثت إلى السيد حمدي المدب ساعات قليلة قبل التحول إلى مصر حيث تنتظر الترجي مقابلة مهمة أمام الأهلي المصري في إطار ذهاب الدور نصف النهائي لرابطة الأبطال الإفريقية فأكد ما يلي: تحدث السيد حمدي المدب في بداية الأمر عن المقابلة التي تنتظر فريقه أمام الأهلي المصري فقال: «لاحظنا خلال الآونة الأخيرة أن كلّ المؤشرات والمعطيات تؤكد بأن الترجي أقوى من الأهلي المصري وهو الأمر الذي حذرنا اللاعبين من الوقوع فيه لأن فريقا مثل الأهلي المصري يملك خبرة المشاركات الإفريقية في مثل هذه المسابقة ولا بد أن نعترف أن الأندية الأربعة التي بلغت الدور نصف النهائي سواء تعلق الأمر بالترجي أو مازمبي الكونغولي أو شبيبة القبائل أو الأهلي المصري كلها فرق استحقت الوصول إلى هذا الدور المتقدم لأنها الأفضل والأقوى قاريا لذلك أعتقد أنها تنطلق بنفس الحظوظ للظفر بهذا اللقب فأنا لا أعترف سوى بحقيقة وحيدة وهي حقيقة الميدان فالترجي ليس من الفرق التي يمكن أن تقع في فخّ استسهال المنافس مهما كان اسمه وحجمه وهو ما سبق أن برهن عنه فريقنا في أكثر من مناسبة حتى وإن تعلق الأمر بفرق متواضعة». هدفنا أكبر وأسمى من الحصول على رابطة الأبطال الإفريقية وأضاف السيد حمدي المدب قائلا: «يخطئ من يختزل أهداف الترجي في الحصول على لقب رابطة الأبطال الإفريقية لأن هدفنا الأسمى والأكبر يتمثل في تكوين فريق عتيد فنيا وخاصة أخلاقيا لأن الجانب الأخلاقي يبقى من أهم الأهداف التي عملنا على ترسيخها صلب النادي لأننا على يقين أن اللاعب الذي ليس بحوزته هذا الشرط لا يمكنه أن يقدّم شيئا للنادي ومن جهة أخرى وجهنا عناية خاصة للعمل القاعدي على مستوى الشبان ومؤكد أن الجميع لاحظ ثمرة هذا العمل الكبير من خلال بروز عدة أسماء سيكون لها شأن كبير في القريب العاجل. الرزنامة أرهقتنا ومطالبنا قوبلت بالرفض وجد فريق الترجي نفسه خلال هذا الموسم في مواجهة نسق ماراطوني لكونه يلعب على أكثر من واجهة وعن هذه المسألة قال السيد حمدي المدب «لا بد أن نعترف بكلّ صراحة إن الرزنامة أرهقت الترجي فالفريق وجد نفسه أمام حتمية إجراء ثلاث مقابلات في ظرف زمني وجيز جدا فبعد أن قمنا برحلة شاقة إلى الزمبابوي استغرقت حوالي 20 ساعة في الجو تحولنا على إثرها إلى قفصة ثم إلى باجة وقد سبق وأن طلبنا بكل لطف من مسؤولي الأولمبي الباجي تأجيل هذه المقابلة حتى يتسنى للترجي استعادة أنفاسه من جديد قبل التحول إلى مصر خاصة أن فريقنا إزاء مهمة رياضية وطنية سيدافع من خلالها الترجي عن راية تونس ولكن طلبنا قوبل بالرفض والحقيقة أن الإطار الفني كان متخوفا كثيرا من إمكانية تعرض بعض اللاعبين إلى الإصابات وهو ما قد يؤثر طبعا بالسلب على حظوظنا في تحقيق المطلوب أمام الأهلي المصري ولكن الحمد لله أن الترجي بحوزته في الوقت الراهن حوالي 25 لاعبا يتمتعون بالمستوى الفني والبدني نفسه تقريبا فقد عملنا منذ فترة طويلة على تأمين زاد بشري ثري قادر على مواجهة مثل هذه الطوارئ». الترجي لا يتوقف على مايكل أو حتى على حمدي المدب نفسه سبق للسيد حمدي المدب أن شغل خطة مهاجم في صفوف الترجي الرياضي ويشهد له رفاقه بالموهبة لولا دراسته التي عجلت بمغادرته النادي منذ صنف الأواسط لذلك فهو أفضل من يتحدث عن الهداف الأول للفريق مايكل اينرامو تحدث قاڈڈئلا عنه : «الجميع يدرك الإمكانات الفنية والبدنية التي بحوزة مايكل ولكن الترجي أثبت للجميع أنه لا يتوقف على النجم الواحد أو المسؤول الواحد لذلك أقول بالصوت العالي إن الترجي لن يتوقف على خدمات مايكل إينرامو أو حتى على خدمات شخص حمدي المدب لأنه أكبر من الأفراد... وعندما استحق مايكل أن يتعرض إلى العقوبة فإننا لم نتردد في اتخاذها تجاهه على الفور علما أنني عادة لا أعاقب لاعبا ما إلا بعد أن يكون قد وقع في الخطإ سابقا ولا بد من الاعتراف أنه من الصعب جدا التصرف مع لاعب مثل مايكل ومع ذلك فقد أحكمنا حسن تأطيره وتوجيهه». العرض الوحيد الذي قدمه لنا الأهلي يخص عامر البحري! لا حديث في الآونة الأخيرة إلا عن تهافت الأهلي المصري على نجوم الترجي قصد الظفر بخدماتهم مستقبلا وعن هذا الأمر قال السيد حمدي المدب «أؤكد بأنني طالما أنا موجود صلب الترجي فإنني لن أسمح بمغادرة أي لاعب للفريق فنحن نعمل على تدعيم النادي بعدة لاعبين وليس العكس ولديّ الثقة التامة في أبنائي فهم لا يمكنهم أن يتلقوا أي عرض من أي فريق دون إبلاغي بالأمر على الفور نظرا للثقة الكبيرة والمتبادلة بيننا وكما سبق أن قلت إننا قمنا بتكوين جيل من اللاعبين يتمتعون قبل كل شيء برفعة الأخلاق لذلك ليس من شيم أبنائي التفاوض مع الأندية الأخرى في الخفاء». وأضاف السيد حمدي المدب مازحا: «أما العرض الرسمي الوحيد الذي وصلني إلى حد اللحظة من الأهلي المصري فهو بخصوص السيد عامر البحري لكنني وضعت شرطا ماليا ضخما لتسريحه للنادي المصري وذلك مقابل مليار!». هذا أهم سألنا السيد حمدي المدب كذلك عن القرار الذي اتخذته الجامعة التونسية لكرة القدم بشأن منع رؤساء الأندية من الجلوس على دكة البدلاء فقال: «ليس لديّ أي إشكال تجاه هذا القرار لأنني بطبعي أرفض الجلوس على دكة البدلاء لأن ذلك المكان مخصص فحسب للفنيين وبعض المسؤولين ولا بد على رئيس النادي أن يحترم الإطار الفني لذلك من المنطقي أن يجلس في مكان آخر كما هو الحال في مختلف البطولات الأوروبية ولكن لا بد من الاعتراف في هذا الصدد بأن ملاعبنا تفتقد إلى الأماكن المخصصة لرؤساء الأندية وذلك باستثناء رادس والمنزه وأنا شخصيا وجدت نفسي مضطرا إلى مشاهدة مقابلة الترجي والقوافل الرياضية بقفصة من شرفة الفندق! ولكن طالما أن ملاعبنا تفتقد إلى أهم عنصر لتعاطي كرة القدم وهو العشب فكيف لنا أن نتحدث بعد ذلك عن تخصيص أماكن لجلوس رؤساء الأندية؟! منح اللاعبين ستكون عادية لئن تحدث البعض عن إمكانية تخصيص منح خيالية من قبل هيئة الترجي للاعبين تحفيزا لهم في مسابقة رابطة الأبطال الإفريقية فإن السيد حمدي المدب أكد أنها ستكون عادية وتخضع هذه المنح أساسا لمردودية اللاعبين. سنقوم بتكريم أبو تريكة والدراجي معا ومن جهة أخرى أكد السيد حمدي المدب أنه سيقوم بتكريم اللاعب المصري محمد أبو تريكة حيث قال: «نعم سنقدم على تكريم اللاعب محمد أبو تريكة وذلك خلال مقابلة الإياب بتونس لأنه لا يمكننا أن نفعل ذلك في مقابلة الذهاب بمصر لكون فريقنا سيكون تركيزه منصبّا على المقابلة نظرا لأهميتها وأنا شخصيا أعترف بإعجابي الشديد بهذا اللاعب لأنه قبل كل شيء مثال يحتذى في الأخلاق ولأنه لاعب مميز من الناحية الكروية ثانيا وبالإضافة إلى تكريم أبو تريكة سنقوم كذلك على تكريم ابننا أسامة الدراجي اعترافا له بكل ما قدمه للترجي ولأنه لاعب مميز أخلاقيا وكرويا والأمر هنا ينسحب كذلك على شخص والده. هذه رسالتي إلى جماهير الترجي وختم السيد حمدي المدب حديثه برسالة وجهها إلى الجماهير الصفراء والحمراء والتي تقوم بزحفها المعتاد وراء فريقها إلى مصر فقال: «أطلب بكل لطف من جماهير النادي التي ستتحول بأعداد محترمة إلى مصر بأن تقدّم درسا في الانضباط والسلوك المستقيم وثقتنا كبيرة في جماهيرنا الغفيرة».