"نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    الرابطة الأولى (الجولة 28): صافرتان أجنبيتان لمواجهتي باردو وقابس    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بن علي في افتتاح المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء البيئة: مواجهة ندرة الموارد المائية، من أوكد واجباتنا
نشر في الشروق يوم 06 - 10 - 2010

أشرف الرئيس زين العابدين بن علي صباح أمس على افتتاح المؤتمر الاسلامي الرابع لوزراء البيئة الذي تحتضن تونس أشغاله ببادرة من المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الايسيسكو» والرئاسة العامة للارصاد وحماية البيئة بالمملكة العربية السعودية.
وتميز موكب افتتاح الأشغال بتسلم رئيس الدولة الدرع الذهبي للمؤتمر من الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للايسيسكو تقديرا لمبادرات سيادته الوطنية والدولية من اجل النهوض بقضايا البيئة والمحافظة عليها .
كما تسلم درع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بالمملكة العربية السعودية من رئيسها الامير تركي بن ناصر بن عبد العزيز تقديرا لدور سيادته الرائد في حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة ودعم العمل الإسلامي المشترك.
وألقى رئيس الدولة بالمناسبة خطابا في ما يلي نصّه:
« بسم الله الرحمان الرحيم
صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز، الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، رئيس المكتب التنفيذي الإسلامي للبيئة،
معالي الأستاذ أكمل الدين إحسان أوغلو، الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي،
معالي الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة،
أصحاب المعالي والسعادة،
السادة والسيدات ممثلي وممثلات المنظمات الإقليمية والدولية
العاملة في مجال البيئة والتنمية،
حضرات السادة والسيدات،
يسعدني أن أفتتح هذا المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء البيئة، الذي تتشرف بلادنا باحتضان أشغاله ببادرة مشكورة من المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة.
فتونس تبقى أرض اللقاء لشتى المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية، وهي دائمة الاستعداد للإسهام في دعم جهود الأسرة الدولية، في كل ما يخدم القضايا الإنسانية، ويقرب بين الشعوب.
وأشيد في هذه المناسبة بمثابرة معالي الأستاذ أكمل الدين إحسان أوغلو، الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، على تعزيز العمل الإسلامي المشترك، وتطوير أنشطة المنظمة وبرامجها، لتكون في مستوى طموحات شعوبنا وتطلعاتها.
وأنوه بجهود معالي الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، في تعزيز علاقات التعاون والشراكة مع تونس، وأتوجه إليه بجزيل الشكر لإسناده إلي الدرع الذهبي للمؤتمر.
كما أعرب عن شكري وتقديري لصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز، الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة ورئيس المكتب التنفيذي الإسلامي للبيئة، مكبرا مبادراته الموفقة ونشاطه المتميز طيلة فترة رئاسته للمؤتمر العام وللمجلس التنفيذي لوزراء البيئة في العالم الإسلامي. وأعرب لسموه عن بالغ شكري وتقديري لمبادرته اللطيفة بإسناده إلي درع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في المملكة العربية السعودية.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السادة والسيدات،
يشكل لقاؤنا اليوم فرصة سانحة للوقوف على نتائج ما أنجزناه من تعاون في المجال البيئي. وأذكر في هذا السياق، بما تم إعداده في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي من برامج وقرارات قيمة وواعدة، أبرزها الإعلان الإسلامي حول التنمية المستدامة الذي وقع اعتماده بجدة خلال الدورة الأولى للمؤتمر الإسلامي لوزراء البيئة سنة 2002، وتعهدات جدة للتنمية المستدامة الصادرة سنة 2006 ونحن نعتبر ما تحقق لحد الآن من خطوات على درب التعاون والتكامل، منطلقا لمزيد تطوير الشراكة بين دولنا في ميادين البيئة والتنمية.
وإذ يتزامن انعقاد مؤتمرنا هذا مع قرب انعقاد عدة مؤتمرات دولية كبرى في مجال حماية البيئة الكونية، على غرار مؤتمر الأطراف المشاركة في الاتفاقية الأممية حول التنوع البيولوجي باليابان، ومؤتمر الاتفاقية الدولية حول التغيرات المناخية بالمكسيك، فإن في ذلك تعبيرا بليغا عما أصبحت تستأثر به قضايا البيئة من عناية ومتابعة على المستوى العالمي، بسبب المخاطر العديدة التي تحدق اليوم بنا وبكوكبنا، نتيجة اختلال التوازن البيئي وتفاقم الكوارث الطبيعية.
إنها تحديات جسيمة للبشرية قاطبة، تتطلب منا مضاعفة الجهد لمواجهتها بأكثر ما يمكن من مقومات التعاون والتكامل، وفي إطار تضامن دولي أشمل وأعم، لأن مصير العالم لا يمكن أن يتقرر إلا بتضافر جهود الدول جميعا، ومعها جميعا، ولصالحها جميعا.
ومن أوكد واجباتنا في الوقت الحاضر، البحث عن أنجع الوسائل لمواجهة ندرة الموارد المائية، باعتبارها مصدر قلق عميق لدى معظم أقطارنا بسبب ما تعانيه من فقر مائي، ونمو ديمغرافي غير متوازن، واستغلال عشوائي للموارد المائية، واستفحال التلوث، وحدة التقلبات المناخية وتواترها، وما يرافقها من أزمات الجفاف والجدب. ومن المنتظر أن تتراجع كمية المياه المتاحة للفرد الواحد إلى النصف بحلول عام 2050، مع ارتفاع عدد السكان على المستوى العالمي وفي الدول النامية خاصة.
ولما كانت تونس تقع ضمن النطاق المناخي الجاف وشبه الجاف، فقد وجهنا عنايتنا منذ ما يزيد على عشرين سنة، إلى تعبئة مواردنا المائية، وترشيد استعمالها في مختلف القطاعات الاقتصادية، بما ساعدنا على استغلال أكثر من 90 بالمائة من هذه الموارد، وتعميم تجهيزات الاقتصاد في مياه الري، والاستفادة من الموارد المائية غير التقليدية، على غرار المياه المالحة المحلاة، والمياه المستعملة المعالجة.
وحرصا منا على تعزيز هذا الاختيار وتوسيع الاهتمامات بشأنه، ندعو إلى إنشاء المجلس الإسلامي للمياه، ليكون مؤسسة علمية مرجعية واستشارية تختص بدراسة واقع مصادر المياه في أقطارنا، وبناء نظام معلوماتي بشأنها، وتوظيف التكنولوجيات الحديثة في تعبئتها وترشيد استغلالها. ونوصي بأن توكل إدارة هذا المجلس إلى كفاءات قديرة من المهندسين والخبراء، وأن تتوفر له الاعتمادات المالية الملائمة، التي تمكنه من الاضطلاع بالمهام الموكولة إليه على أفضل وجه.
ولا تنحصر أزمة المياه في العالم في ندرة المياه السطحية والجوفية فحسب، وإنما تمتد كذلك إلى طول انحباس الأمطار وعدم انتظام سقوطها زمانا ومكانا، إضافة إلى زحف التصحر، وتدهور التربة، وتفشي ظاهرة الانجراف، وتقلص خصوبة الأراضي الفلاحية، بما يؤدي إلى فقدان العالم سنويا حوالي ستة مائة وواحد وتسعين كيلومترا مربعا (691 كلم2) من الأراضي الصالحة للزراعة. وتطغى اليوم ظاهرة التصحر على معظم أراضي دولنا الإسلامية ولاسيما الإفريقية منها، والتي تضم وحدها حوالي 32 بالمائة من الأراضي المهددة بالتصحر على المستوى العالمي.
وقد قمنا في تونس بمواجهة هذه الظاهرة الطبيعية الخطيرة، بكل ما تتطلبه من يقظة وتعبئة، وذلك بدعم الإطار المؤسساتي والتشريعي المناسب في هذا المجال، وإحداث مجلس وطني ولجان جهوية لمقاومة التصحر، ووضع مجموعة كبرى من البرامج للمحافظة على المياه والتربة والغطاء النباتي، الغابي والرعوي، وتكثيف حملات التشجير في كل الجهات والمناطق، حتى ارتفعت اليوم نسبة التشجير الغابي ببلادنا إلى أكثر من 13 بالمائة بعد أن كانت في حدود 7 بالمائة سنة 1987 .
ولما كانت ظاهرة التصحر من أشد التحديات المطروحة على أقطارنا في الحاضر والمستقبل، فإننا نوصي بإرساء آلية تنسيقية في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي، تعزز برامجنا المحلية في مقاومة التصحر، وتمكننا من تبادل الخبرات والتجارب لمجابهة تداعيات هذه الظاهرة على منطقتنا. ويمكن التعاون في هذا المجال مع المنظمات الإقليمية المختصة، على غرار مرصد الساحل والصحراء الذي يتخذ من تونس مقرا له.
أصحاب المعالي والسعادة
حضرات السادة والسيدات
إن التنوع البيولوجي مقوم أساسي للحياة. وقد بينت التقارير العلمية الدولية أن 25 بالمائة من الاصناف الحيوانية والنباتية معرضة لخطر الانقراض خلال العشرين أو الثلاثين سنة المقبلة بسبب الانشطة البشرية المختلة والتغييرات المناخية العنيفة.
لذلك بادرت بلادنا بتعزيز البرامج الوطنية في مجال المحافظة على الأصناف الحيوانية والنباتية وتركيز شبكة واسعة من المناطق المحمية تغطي حاليا ما يناهز 7 بالمائة من المساحة الوطنية الجملية. كما وضعنا عديد البرامج لحماية المنظومات البيئية الهشة على غرار الغابات والأماكن الرطبة والكائنات البحرية والمناطق الساحلية.
وعززنا كذلك برامج البحث العلمي التطبيقي في مجال المحافظة على موروثنا الجيني لاسيما من الأصناف النباتية والحيوانية التي تتميز بقدرتها على التأقلم مع خصائص المناخ الجاف وشبه الجاف وأحدثنا سنة 2007 البنك الوطني للجينات.
أما في مجال الطاقة فقد شرعنا في التوقي من الآثار السلبية التي يخلفها استعمال الطاقات التقليدية وذلك بدعم برامج الاقتصاد في الطاقة واستغلال الطاقات البديلة والمتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والكتلة الحيوية.
ويتضمن برنامجنا الرئاسي للفترة المتراوحة بين سنة 2009 وسنة 2014 عديد المشاريع والتوجهات الهادفة إلى مضاعفة نسبة الطاقة المتجددة من الاستهلاك المحلي لتبلغ خمس مرات في أفق سنة 2014 اضافة الى الرفع من مستوى النجاعة الطاقية في أفق سنة 2014 بما يناهز 10 بالمائة مقارنة بمستواها الحالي.
ونحن اذ نثني بالمناسبة على توفق المؤتمرات الاسلامية السابقة لوزراء البيئة في اعداد برنامج قيم لتطوير الطاقة المتجددة بأقطارنا فاننا نوصي بتحويل هذه البرامج الى مشاريع عملية في مجال الطاقة تستجيب لأولويات دولنا الاسلامية وتساندها آليات وامكانيات تقنية ومالية ملائمة لتنفيذها ومتابعة أدائها وتقييم مردودها.
وتبقى التغيرات المناخية في عصرنا تحديا جسيما لعالمنا نظرا الى ارتباطها الشديد بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد أكدت الدراسات العلمية الحديثة تأثر معظم الدول النامية بهذه الظاهرة. كما كشفت عن محدودية جهد الدولة الواحدة في التصدي لها والحد من تبعاتها لأن تكاليف الصمود أمام هذه الظاهرة والاجراءات الخاصة بمقاومتها أو التكيف معها تتطلب تضافر مجهودات كبرى وامكانيات ضخمة لمجموعة من الدول اقليميا وعالميا.
لذلك دعونا سنة 2007 وبمناسبة اعلان تونس حول التضامن الدولي لمجابهة التغيرات المناخية الى تعزيز هذا التضامن ودعم آليات التعاون والشراكة بشأنه بين سائر الدول لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية وتفادى انعكاساتها السلبية وتأمين حقوق سائر الشعوب في الغذاء والصحة والبيئة السليمة والحياة الكريمة.
ونحن نأمل أن تضفي قمة الامم المتحدة المقبلة حول التغير المناخي بالمكسيك من 29 نوفمبر الى 10 ديسمبر 2010 الى نتائج ايجابية تكون في مستوى التحديات المناخية المطروحة على عالمنا.
وترحب تونس ببرنامج العمل الاسلامي للاستفادة من صناديق التكييف وآليات التنمية النظيفة المعروض على مؤتمركم هذا باعتباره مبادرة جديرة بالدعم والتشجيع قادرة على توظيف خصوصيات دولنا الاسلامية البيئية والتنموية والثقافية وعلى الاسهام النشيط في تعزيز المجهودات الدولية في مجال الوقاية من التغيرات المناخية.
ولاشك أن ما ينتاب عالمنا من حدة في تقلب الظواهر المناخية وتفشي الكوارث الطبيعية مثل تواتر موجات الحر والجفاف وارتفاع عنف السيول والفيضانات كما حدث مؤخرا بدولة باكستان الشقيقة يقيم الدليل على النتائج الفادحة للاحتباس الحراري واختلال نظام المناخ العالمي. وهو ما يحفزنا الى توسيع مجالات التعاون مع كل الأطراف المعنية القارية والاقليمية والدولية قصد إرساء منظومة عالمية للإنذار المبكر وايجاد السبل الكفيلة بالتوقي من الكوارث الطبيعية.
وكنا قد دعونا في مناسبات سابقة الى تركيز مراصد إقليمية في اطار هذه المنظومة الخاصة بالمتابعة المناخية والتدخل العاجل تكريسا للتضامن الدولي وتماشيا مع أهداف الالفية.
وإن تونس التي تعمل على دعم المبادرات الإنسانية الهادفة الى تحسين ظروف العيش وتوفير الأمان والاستقرار والازدهار للشعوب كافة تبقى على أتم الاستعداد لاحتضان هذا المرصد الاقليمي للإنذار المبكر والتنسيق بشأنه مع المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة ومختلف المنظمات الاممية المختصة وذلك للحد قدر الإمكان من مخاطر الكوارث الطبيعية والمساهمة في توفير الظروف الملائمة والامكانيات اللازمة لتشغيل هذا المركز حتى يضطلع بالدور الحيوي الذي نأمله منه.
ونحن حريصون على مزيد تكريس مبادىء التنمية المستدامة والمحافظة على المحيط والموارد الطبيعية من كل أشكال الاستنزاف والتلوث ضمانا لحقوق أجيالنا الحاضرة والمقبلة في العيش الكريم والبيئة السليمة. وقد وضعنا برنامجا خصوصيا في هذا المجال يعتمد منوال تنمية مستدامة قوامه نمو اقتصادي بمحتوى تكنولوجي رفيع صديق للبيئة مقتصد للطاقة ومجدد.
حضرات السادة والسيدات
إن سعينا المشترك إلى المحافظة على البيئة ونشر التنمية المستدامة بأقطارنا ودعم مقومات أمننا المائي والغذائي لا يتحقق إلا بتضافر الجهود الرسمية وغير الرسمية من هياكل حكومية ومؤسسات اقتصادية وتجمعات مهنية ومراكز للبحث العلمي وقطاع خاص وجمعيات غير حكومية.
ولا بد أن نولي في هذا المجال أهمية كبرى لحملات التربية والتثقيف وذلك لدورها الحاسم في تنمية السلوك الواعي إزاء البيئة وترسيخ المسؤولية الجماعية في المحافظة عليها.
وتندرج في هذا السياق مبادرتنا بتركيز شبكة كبرى من المدارس النموذجية في اطار ما أقرته منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو لعشرية التربية من أجل التنمية المستدامة 2005-2014 .
وتقديرا منا للمنزلة الرفيعة التي أصبح يحظى بها اليوم الشباب في مجتمعه وعالمه دعونا الأسرة الدولية إلى إقرار سنة 2010 سنة دولية للشباب قصد اثراء الحوار الدائم والمتواصل مع الشباب وتعزيز مساهمته في البرامج التنموية.
وانطلاقا من ايماننا العميق بالدور الذى يمكن أن يضطلع به شباب دولنا الاسلامية في المحافظة على موروثنا من الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي فاننا نوصي المكتب التنفيذي للمؤتمر الاسلامي للبيئة بصياغة إعلان حول الشباب والتنوع البيولوجي يقع عرضه قريبا أمام المؤتمر العاشر للاتفاقية الأممية حول التنوع البيولوجي باليابان تزامنا مع إقرار المجتمع الاممي لسنة 2010 سنة دولية للتنوع البيولوجي تحت شعار «التنوع البيولوجي هو الحياة، التنوع البيولوجي هو حياتنا»
أصحاب المعالي والسعادة
حضرات السادة والسيدات
أجدد لكم اعتزاز تونس بانعقاد هذا المؤتمر على أرضها وتأكيد استعدادها الدائم لتوثيق أواصر الاخوة وعلاقات التعاون والشراكة مع الدول الاسلامية الشقيقة بما يؤمن استدامة التنمية والحياة الكريمة لشعوبنا قاطبة.
وإني على يقين بأن أهمية المواضيع المطروحة عليكم ومشاركة عدة كفاءات علمية من الخبراء والباحثين في هذا المؤتمر ستساعدانكم على إصدار توصيات ترتقي الى مستوى جدير بمنزلة أمتنا وتثبت للرأي العام العالمي مدى وعي شعوبنا بالرهانات التي يواجهها عصرنا وقدرتهم على التفاعل الايجابي معها حتى يكونوا شركاء فاعلين في عالمهم ويسهموا في حل مشاكله والمحافظة على توازنه وازدهاره.
وفي الختام أجدد الترحيب بكم راجيا لكم إقامة طيبة بيننا ولأشغالكم التوفيق والنجاح.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
وكان الرئيس زين العابدين بن علي قد التقى قبل انطلاق الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بالأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة بالمملكة العربية السعودية رئيس المكتب التنفيذي الاسلامي للبيئة والاستاذ اكمل الدين احسان اوغلو الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي والدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للايسيسكو. كما التقى رؤساء الوفود وممثلي وممثلات المنظمات الاقليمية والدولية العاملة في مجالي البيئة والتنمية المشاركين في المؤتمر الاسلامي الرابع لوزراء البيئة .
بن علي يتسلم الدرع الذهبي للمؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء البيئة
٭ قرطاج (وات):
تميز موكب افتتاح المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء البيئة الذي اشرف عليه الرئيس زين العابدين بن علي صباح أمس بتسلم سيادته الدرع الذهبي للمؤتمر من الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ايسيسكو تقديرا لمبادرات سيادته الوطنية والدولية من اجل النهوض بقضايا البيئة والمحافظة عليها.
وثمن المدير العام للايسيسكو في كلمته بالمناسبة الدعم الموصول لرئيس الدولة للمنظمة مكبرا مبادراته الإنسانيةالرائدة التي من شانها أن تعزز جهود المجتمع الدولي من اجل بناء مستقبل آمن ومزدهر للبشرية جمعاء.
وأشاد بالتجربة التونسية المتميزة فى مجال البيئة التي قال «انها تجربة جديرة بان تكون مثالا يحتذى في العالم الاسلامي» معبرا عن بالغ تقديره للمشروع التنموي الذي ينهض به الرئيس زين العابدين بن علي للارتقاء بتونس في المجالات التربوية والعلمية والثقافية التي هي أساس التقدم في كافة المجالات.
ولاحظ ان انعقاد الدورة الرابعة للمؤتمر الاسلامي يصادف مرور عقد على انعقاد قمة الأمم المتحدة سنة 2000 التي أطلقت أهداف الألفية الثالثة و التي حددت سنة 2015 موعدا لاستيفاء تحقيقها مبينا أن الهدف السادس من الأهداف الثمانية للألفية من اجل التنمية يرمي إلى تكثيف جهود الأسرة الدولية لحماية البيئة وللحفاظ على سلامتها.
وبعد أن أكد انخراط الدول الأعضاء في هذه الشراكة العالمية من اجل التنمية استعرض المراحل التى تم قطعها منذ الإعلان الاسلامي حول التنمية المستديمة في دورته الأولى في سنة 2002 بهدف دعم هياكل العمل الاسلامي المشترك في مجال البيئة.
بن علي يتسلم درع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بالمملكة العربية السعودية
٭ قرطاج (وات):
تسلم الرئيس زين العابدين بن علي لدى افتتاحه أمس المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء البيئة درع الرئاسة العامة للارصاد وحماية البيئة بالمملكة العربية السعودية من رئيسها الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز رئيس المكتب التنفيذي الإسلامي للبيئة تقديرا لدور سيادته الرائد في حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة ودعم العمل الإسلامي المشترك.
وعبر الأمير تركي في كلمة بالمناسبة عن مشاعر الإكبار للرئيس زين العابدين بن علي لما شمل به الموتمر من رعاية كريمة تقديرا للأهداف السامية التي يسعى المؤتمر إلى تحقيقها في إطار العمل الإسلامي المشترك مشيدا بما تحقق لتونس بقيادته الحكيمة من تقدم وتطور في المجالات كافة.
وبين أن المؤتمر أصبح يمثل احد أنماط مؤسسات التضامن الإسلامي ومن أهم هياكل العمل الإسلامي المشترك فضلا عن كونه أداة فعالة للعمل الاسلامي المشترك في مجال حماية البيئة.
وأشار إلى أن انشغال العالم كله بقضايا البيئة يأتي انطلاقا من الوعي بخطورة التحديات التي تواجه المجتمعات الإنسانية كافة من جراء استفحال الأخطار المحدقة بالبيئة في جميع أقطار الأرض موضحا أن مواجهة التحديات والتغلب على المشكلات الناتجة عن تلوث البيئة وضمان المحافظة عليها واستدامتها لا يمكن ان يتم على الوجه المطلوب الا بتظافر جهود الأسرة الدولية في الإطار المحلي وعلى المستوى الإقليمي.
وأكد ضرورة تكثيف العمل الجماعي والمبادرات المشتركة وتقوية أوجه التعاون إلى ابعد الحدود للتغلب على الصعوبات التي تعترض الدول الإسلامية في مجال حماية البيئة وتلقي على عاتقها أعباء ضخمة لا تقوى على تحملها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.