كرويّا لم يكن الترجي في أفضل حالاته.. ومنطقيا لم يكن الأهلي يستحق أكثر مما حدث له.. وأخلاقيا «واحدة بواحدة» على مستوى التهديف باليد.. وحسابيا بقي نادي مازمبي فقط أمام الحلم الكبير للترجي.. تلك هي خلاصة مباراة الأحد بين الترجي والأهلي بعد ذهاب ترك سيلا جارفا من الكلام المباح وغير المباح.. وهي فرصة كان فيها للترجي «اليد العليا» ليمضي مايكل اينرامو منذ الدقيقة الأولى على وثيقة الانتصار بيده اليمنى بعد أن أباح بعض الحكام في مختلف أصقاع العالم هذه الهفوة التي تدخل في نطاق اللعبة وحتى الأهلي المصري الذي كعادته يريد أن يركب على صهوة الحدث بمسح كل عيوبه في قميص الحكم، فإنه جنى الكثير من صفارات الحكام طالما رجال الكنفدرالية الافريقية لكرة القدم يمدّون أرجلهم قرب «أبو الهول» ويغسلون خطاياهم في نهر النيل.. وبالتالي فإن الترجي بعيدا عن أي تعصّب لم يسرق انتصاره حتى وإن مدّ مايكل يده الى كرة وضعها في شباك إكرامي وعلى إخواننا المصريين أن يبحثوا جيّدا في تراخي أطراف الهرم الرابع لمصر (الأهلي) حتى يستعيد أمجاده بعيدا عن حفر مطبات أخرى لا تليق بعراقة الفراعنة تزيد في سخط الجماهير هنا وهناك على فريق الأهلي الذي نعرف سمعته وتاريخه وأمجاده ونتمنى له العودة السريعة الى معركة البقاء في القمة الشماء داخل القارة السمراء.. الترجي لم يكن رائعا مساء الأحد الى درجة سرقة كل الأضواء، لكنه أيضا لم يكن رديئا حتى نستكثر عليه تلك الفرحة التاريخية بإبعاده ل«فرعون» الكرة العربية والافريقية.. وإن نسينا فلن ننسى في خضم كل ما جرى أعمار لاعبي فريق باب سويقة وتعاطيهم مع ماراطون المباريات وإحداث التنقلات بما يجعلهم يستحقون أحلى التتويجات.. ويكفي التذكير ب«بيكاسو» الفريق والكرة التونسية أسامة الدراجي الذي ما فتئ يرسم بساقية ما تعجز عنه مخيّلة بقية الرسامين.. كما أن الغول مايكل اينرامو مازال يعيش «طفولته» الكروية اضافة الى الحارس وسيم نوّارة والجناح الطائر «أفول» والعياري والصخرة الصاعدة للدفاع وليد بن منصور.. وهي معطيات تجعل فريق «الدم والذهب» جديرا بالاهتمام واللعب من أجل أغلى لقب.. قمة الأحد كشفت لنا مرة أخرى معدن التونسي في التعامل مع أي حدث.. وحتى «السيد الشمروخ» الذي كان نجم مباراة الذهاب وكادوا يجعلون له نصبا تذكاريا لأنه منحهم تبرير كل ما حدث لأبنائنا هناك، حضر هو الآخر في الصفوف المصرية ولم يمسسهم بشر.. الى حين انطفأت كل الشماريخ. وانطفأت معها شعلة الأهلي ولعلعت فرحة حمراء وصفراء في قلب السماء الدكناء وقد قال أحدهم ممّن يملكون زاوية أخرى للرؤية «التسامح هو العطر الذي تطبعه زهرة البنفسج على القدم التي سحقتها» وليت بعض النافخين في بالونة الخلافات بين الأشقاء يدركون روعة هذا النداء.. على جناح الأمل.. فرحة العبور الى النهائي على حساب الأهلي تجعلنا نتساءل ماذا ترك الترجيون للقبض على الكأس أمام مازمبي.