اعداد: محمد الهادي الحيدري هو واحد من «أباطرة» هذا العصر يملك من السلطة والنفوذ والتأثير ما لم يملكه رؤساء وملوك. روبرت ميردوخ الذي دخل على خط الأزمة المتوقعة في بريطانيا، بدعمه خطة التقشف، وتأييده سياسة الحكومة الائتلافية بين المحافظين واللييراليين الديمقراطيين، يمارس اليوم عبر امبراطوريته الاعلامية الضخمة ضغوطا على الادارة الأمريكية لمضاعفة دعمها للكيان الصهيوني، وخاصة في ما يتعلق بالاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل. يلقبه البعض بإمبراطور الاعلام وآخرون ب«الحوت» والبعض الآخر ب«بارون الاعلام»، لامتلاكه أضخم شبكة إعلام في العالم، ولمدى تأثيره على دوائر صناعة القرار في الولاياتالمتحدة وبريطانيا وعدد من الدول الأوروبية وتلعب مجموعته الاعلامية «نيوز كورب» المؤلفة من عدة قنوات فضائية ومجلات وصحف واسعة الانتشار، دورا كبيرا في دعم السياسة الاسرائيلية. وقد كرمته «رابطة مكافحة التشهير» الصهيونية يوم الخميس الماضي، ومنحته جائزتها السنوية اعترافا له بخدماته «الجليلة» لإسرائيل. والمنظمة سالفة الذكر معروفة بخدمتها لتل أبيب عبر تقارير ترفعها من حين الى آخر الى الكونغرس الأمريكي، وبقيادة حملات ضغط على إدارة الرئيس باراك أوباما. وتختص تحديدا في رصد كل ما تعتبره تل أبيب معاداة للسامية. وليست هذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها ميردوخ على جائزة من منظمة صهيونية، فسجله يشير الى حصوله على عشرات الجوائز من منظمات يهودية في مختلف أنحاء العالم. وبمناسبة حصوله على جائزة رابطة مكافحة التشهير الصهيونية، دعا روبرت ميردوخ الادارة الأمريكية الى مواصلة دعم اسرائيل، وحذّرها من التهاون في تأييد إعلان القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني. وذهب الى القول بأن اسرائيل تتعرض لحرب بهدف عزلها، وعلى واشنطن أن تحميها وتدعمها. ليس يهوديا ومن الشائع في الكتابات والتحليلات العربية أن ميردوخ يهودي، لكن الكاتب كورت هولدن أكد في تقرير له صدر في شهر جوان 1995 ان ميردوخ ليس يهودي الديانة ولا هو عضو من أعضاء «أيباك» (اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة)، وإنما يميني متطرف يعشق الصهيونية، ولا يدخر جهدا في دعمها. والشائع أن ميردوخ يهودي منحدر من أصول أسترالية، ومعروف بتعصبه الشديد، وقد اختار مع انتقاله الى الولاياتالمتحدة، الطريق الاكثر تأثيرا وسطوة، أي الاعلام، ليبني على مراحل أكبر امبراطورية اعلامية في العالم، حوالي 80٪ من اعلام العالم تحت سطوته، ويخطط لبلوغ نسبة 100٪. وتشير احصائية حديثة الى أنه يملك حاليا حصصا في أكثر من 750 مؤسسة اعلامية في العالم، وتصل عائدات امبراطوريته الاعلامية سنويا الى ما يزيد عن 40 مليار دولار. «العجوز الاخطبوط» (77 عاما) يميل أيضا الى مناهضة النفوذ الفرنسي في أوروبا والعالم، ويعمل عبر مؤسساته الاعلامية على تحجيم دور فرنسا عبر حملات عدائية لها. ويملك حاليا أكبر الاسماء التجارية في مجال الاعلام مثل صنداي تايمز، ونيويورك بوست، وقنوات «ناشيونال جيوغرافيك» وأيضا شبكة «فوكس نيوز» والشبكة الالكترونية الاجتماعية «ماي سبايس» (...). ويتسلل ميردوخ اليوم الى مناطق أخرى من العالم ليوسع نفوذه عبر عقود شراكة يملك هو غالبية أسهمها. وآخر تحركاته سعيه لشراء قنوات وصحف تركية في محاولة لاحتواء الازمة بين تل أبيب وأنقرة، وتخفيف حدّة عداء الشارع التركي لاسرائيل، وباختصار يشكل هذا الرجل بنفوذه، وعلاقاته ذراعا من الاذرع الصهيونية في العالم.