ونحن على بعد ساعات من الذكرى الثالثة والعشرين لتغيير السابع من نوفمبر، فإننا بقدر ما نستذكر تلك الأيام العجاف التي مرت بها تونس بقدر ما نعتز بما تحقق لها من مناعة مكنتها من أن تينع من جديد، وأن تعود لها نضارتها خلال عقدين من التغيير المتواصل، والمكاسب المتعددة ونتذكر جيدا ان الرئيس زين العابدين بن علي، أقدم على التغيير متوكلا على الله وحده ومستندا عليه راجيا منه التوفيق من أجل تونس، وشعبها وانقاذهما معا من الهلاك فقد كانت الدسائس تحاك ليلا نهارا، وكانت المؤامرات تنسج على مدار الساعة، وكانت العقول المدبرة مصابة بلوثة جنون، ومختلطة بجشع لا يقيم وزنا للأوطان، وبطمع لا يأبه أصلا لضحاياه وان كانت الضحية هي بلاده التي أنجبته. ولأن الأعمال بالنيات، فقد قضت ارادة الله أن ينجح الرئيس في أكبر وأدق ولعلها أخطر عملية تغيير تشهدها تونس في تاريخها الحديث فكلل سعيه بالنصر وتوج خطواته بنجاح لا مثيل له ووفقه الى أقوم سبيل فأتى التحول سلسا حضاريا وانسانيا منهيا ما كمن في النفوس من بغضاء وكراهية وما خلفته سياسات من حيف وظلم، فكان الرئيس من خلاله سمحا، متساميا، حليما، مسرعا الى انجاز ما يمكث في الأرض، وما ينفع الناس، وما يحصن تونس، غير مهدر لوقته لا في التمتع بلذة السلطة وأوهامها، ولا في تذوق مزاياها وحظوتها، بل هو ظل يعمل منذ لحظة التغيير الأولى وإلى الآن من أجل انقاذ تونس ثم ايقاظها، ثم استنفار مكامن قوتها، وشحذ هممها، وصلابة عودها، ثم تمكنها من عصرها. ولقد نجح الرئيس زين العابدين بن علي لمزاياه كرجل دولة كبير، ولصفاته كإنسان خلوق، متجذر في علاقته بشعبه وبالواقع ومحافظ على شعار كأنه عجن به، العمل ثم العمل ولا شيء غير العمل الدؤوب، المنظم والناجع، وبذلك استحق سيادته أن يكون خيار القلب والعقل، وأن يتبوأ عند شعبه مكانة علية وأن تطمئن النفوس معه، على تونس في حاضرها ومستقبلها أيضا.