الحجّ هو خامس أركان الاسلام وقد فرضه الله على المسلم المستطيع بدنيا وماليا. وهو يتكون من أربعة أركان هي: الاحرام والسعي بين الصّفا والمروى والوقوف بعرفة وطواف الافاضة فاذا لم يقم الحاج بركن من هذه الأركان بطَل حجّه: 1) الاحرام : وبه يبدأ الحاجّ مناسك الحجّ وهو نيّة الدخول في الحجّ والعمرة بحيث يلتزم بالقيام بأعمال معينة وينتهي عن أعمال أخرى, وهي تشمل الكيفية التي سيحجّ بها امّا مفردا أي ناويا الحجّ فقط ثم يحرم من جديد للعمرة بعد أن يتم أعمال الحج، أوقارنا أي ناويا الحج والعمرة معا بطواف واحد وسعي واحد وحلق واحد مقدما أولا العمرة، أو متمتّعا أي ناويا العمرة فقط، ثم يحرم من جديد للحج يوم الثامن من ذي الحجة. وأفضل الأنواع هو الافراد لأن النبي ے عندما حجّ حجة الوداع دخل بالافراد ثم لأنه ليس فيه هدي. وأما القارن والمتمتع فيتوجب عليهما هدي. ويقوم الحاج عندئذ بعدّة أمور :أ) فيتجرّد من المُحيط والمخيط فلا يلبس سروالا ولا قميصا ولا جوارب بل يلبس رداء وازارا ويضع نعلين في رجليه بدل الحذاء, كما يَحرُم عليه تغطية رأسه سواء باستعمال شاشية أو قلنسوة أو أي غطاء آخر. ب) ويتجنّب مسّ الطّيب بعد احرامه. ج) ويشرع في التلبية ولفظ التلبية: (لبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك لبيك انّ الحمد والنّعمة لك والملك لا شريك لك ). وبالاضافة الى ذلك فانّ الحاج المحرم يُمنع عليه الجماع ان كان مصاحبا لزوجته, كما يَحرُم عليه قصّ الشّعر وحلق اللحية وتقليم الأظافر والخطبة وابرام عقد الزواج والصيد وقلع شجر الحرم ويَحرُم عليه كذلك الفسوق والجدال وأخذ اللقطة(ما يلتقطه من الأرض كالأموال والأشياء الأخرى) الا لايداعها بمراكز حفظ الودائع، ويَحرُم على المرأة استعمال الحنّاء والكحل وكل أنواع العطر. ولباس احرام المرأة هو لباسها العادي بحيث يكون ساترا لكامل جسمها ماعدا وجهها وكفيها. وللاحرام ميقاتان : ميقات زماني وهي أشهر الحج: (شوال. ذو القعدة. ذو الحجة). وميقات مكاني هو: 1) مطار الحجيج بجدة بالنسبة للحجيج التونسيين القادمين من تونس عن طريق الطائرة 2) ذو الحليفة ( أبيار علي ) بالنسبة للقادمين من المدينةالمنورة. وعند الوصول الى مكةالمكرمة وبعد التمكن من السكن وأخذ قسط من الراحة يتوجه الحاج الى الحرم المكي للقيام بطواف القدوم ان كان مفردا أوقارنا أو طواف العمرة ان كان متمتعا ضمن المجموعة التي يقودها المرشدون والمرافقون, والطّواف كالصّلاة لا يصحّ الّا بالطّهارة فلا يطوف بالكعبة الّا وهوطاهر من الحدث الأصغر والحدث الأكبر مستور العورة، والطواف يتكوّن من سبعة أشواط يبدأ من ركن الحجر الأسود، ولابدّ من تتابع الأشواط ,ويقطع الحاج طوافه لاقامة صلاة مفروضة، وأمّا اذا أقيمت صلاة جنازة فعليه أن يستمرّ في طوافه، فان صلّاها أعاد الأشواط كلّها، ثمّ بعد أن يتمّ طوافه يتوجّه الى مقام سيدنا ابراهيم أوأي بقعة من الحرم المكي ليصّلي ركعتين. وللطّواف سنن منها : تقبيل الحجر الأسود ان استطاع ,فان كان هناك زحام شديد فليكبّر كلّما مرّ أمامه قائلا : (بسم الله والله أكبر) ومن سننه أيضا الدّعاء في الأشواط، واذا ما انتهى الحاج من الطّواف والصّلاة بالمقام، يتّجه الى بئر زمزم ليشرب من مائها ويرتوي وقد قال فيه الرّسول : (ماء زمزم لما شرب له ). ومن ثمّ يتوجّه الى الصّفا والمروى ويشرع في السّعي وهو الرّكن الآخر من أركان الحجّ سبعة أشواط بادئا بالصّفا ومنتهيا بالمروى مع الموالاة بينها ويسنّ للرجل دون المرأة الهرولة بين الميلين الأخضرين. وهنا ننبه الحجاج الذين دخلوا بالافراد والقِران أنه لا يجوز لهم التحلل بحلق أو تقصير الشعر بعد الانتهاء من السعي وانما يبقْوا في احرامهم, ويحق للمتمتعين فقط التحلل من احرامهم بالحلق أو التقصير لأنهم دخلوا بالعمرة ويباح لهم ما كانوا ممنوعين منه الى أن يحرموا للحج يوم الثامن من ذي الحجة. وفي اليوم الثامن من ذي الحجّة وهو يوم التروية يتوجه الحجاج عبر الحافلات الى صعيد عرفات فيبيتون هناك، ومن الغد أي يوم التاسع من ذي الحجة ، هذا اليوم الذي عظم شأنه عند الله، الذي قال فيه الرسول: (الحجّ عرفة) وفيه يجتمع الحجاج وفيه من مشاهد الابتهال والتضرع والخشوع ما يدلّ على قوّة هذا الدين، وهو يوم تفضّل الله به على عباده ليغفر لهم ذنوبهم. روى الامام مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ے قال: (ما من يوم أكثرَ من أن يعتق الله فيه عبدا من النّار من يوم عرفة وانّه ليدنو ثمّ يباهي الملائكة) وفي رواية أخرى (هؤلاء عبادي جاؤوا شعثا غبرا يرجُون رحمتي ويخافون عذابي ولم يروني فكيف لو رأوني؟ أشهِدكم أنّي قد غفرت لهم). ويقف الحاج في هذا اليوم أي اليوم التّاسع من ذي الحجّة جزءا من النّهار ويصلّي الظّهر والعصر جمع تقديم مع تقصيرهما وهذا هو الوقوف الواجب ويقضي يومه في الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن . ثمّ يقف جزءا أخر بعد الغروب وبه تمّ الركن الثّالث من أركان الحج ّ. وبعد ذلك يتّجه الحاجّ الى مزدلفة ويصلّي بها المغرب والعشاء جمع تأخير مع تقصير العشاء فقط, ثمّ يجمع الحصى. ومن الغد أي يوم العاشر(يوم العيد) يرمي بمنى جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيات فقط، وبها يتحلّل التّحلّل الأصغر فيحلق أو يقصّر من شعره ويحلّ له كلّ شيء كان محرّما عليه الا النّساء ويكره الطيب. وهنا للحاج الخيار بين أن ينزل الى مكة ليطوف طواف الافاضة وهو الركن الرابع من أركان الحج بنفس الشروط وبنفس الكيفية التي قام بها في طواف القدوم أو طواف العمرة مع اختلاف النية أوأن يبقى بمنى لاتمام أيام التشريق فيبيت بها ليلة ثاني وثالث العيد اذا كان متعجلا ويرمي الجمرات الثلاث مبتدئا بجمرة العقبة الصغرى فالوسطى فالكبرى (21 حصية بالنسبة لليوم الأول من أيام التشريق) ( 21 حصية بالنسبة لليوم الثاني من أيام التشريق ) فيكون جملة ما رماه الحاج(يوم العيد ويومي التشريق). (49 حصاة) مع الاشارة الى أن على الحاج المتعجّل مغادرة منى في اليوم الثاني من أيام التشريق قبل غروب الشمس وبذلك يتحلّل التّحلّل الأكبر وبهذا تنتهي أعمال الحجّ. وعلى الحاجّ وبعد غروب شمس اليوم الرّابع من أيّام العيد أوفي الأيّام الموالية أن يخرج الى مسجد عائشة( التنعيم) ويحرم من جديد بنية القيام بمناسك العمرة. فيطوف بالكعبة ويسعى بين الصفا والمروى ثم يحلق أو يقصّر وبذلك تنتهي أعمال العمرة. حجيجنا الميامين سدّد الله خطاكم وجعل حجكم مبرورا وذنبكم مغفورا وسعيكم مشكورا ونسأل الله العلي القدير أن يعيدكم الى أهلكم ووطنكم سالمين غانمين.