تتواصل الشهادات العالمية التي تؤكد ريادة بلادنا في مجالات اقتصادية عديدة، والدقيقة منها بصفة خاصة. ولئن تبعث كل هذه الشهادات على الاطمئنان على صواب الخيارات التي تبنّتها بلادنا، فإنها تجدد الأمل على مستوى حركة التشغيل وتدفعها أكثر فأكثر، فالتشغيل هو الهاجس الاساسي في هذه المرحلة لما في الشغل من كرامة للمواطن ومناعة للمجتمع. والتشغيل هو أيضا أولوية الأولويات لرئيس الجمهورية الذي أولى هذا الهدف أهمية خاصة في العمل الحكومي منذ التغيير، وللفترة المقبلة. وقد أكد تقريرا «دوويينغ بيزنس» و«التنمية البشرية لسنة 2010» المكانة المتميزة التي باتت تتصدرها تونس في المجالات التنموية، والتي انعكست في هذين التقريرين، حيث حازت مراتب متقدمة سواء على مستوى التنمية البشرية عموما، على مستوى مؤشرات الصحة والتعليم والدخل وارتفاع معدل الحياة وتراجع نسب الأمية وغيرها... أو على مستوى إيجاد المناخ الملائم لبعث المؤسسات وتوفير مختلف الظروف الكفيلة بإنجاح عمل تلك المؤسسات مثل التشريعات المنظمة لأنشطة الأعمال والرامية الى تسهيل إحداث المؤسسات وإحكام استغلالها ودعم الشفافية وتعزيز حقوق الملكية وتحسين كفاءة البت في النزاعات التجارية وغير ذلك من الضمانات والإجراءات التي من شأنها أن تشجع على بعث المؤسسات وإنجاحها. وإذا ما اقترنت هذه الظروف بنجاحات مماثلة تتحقق في مجالات التكنولوجيا الحديثة، سواء منها المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات أو بالصناعات الدقيقة الاخرى وهي قطاعات ذات قدرة تشغيلية هامة من ناحية، وذات قيمة مضافة اقتصاديا وتكنولوجيا من ناحية أخرى، فإنه يمكن القول إن تونس قد نجحت في الرهان على هذه القطاعات الحيوية لحل مشكلة التشغيل، وأن النتيجة على مستوى إيجاد المزيد من مواطن الشغل، ستكون في حجم الإنجاز رغم الظرف العالمي غير الملائم.