انطلقت السنة السياسية بعد وجملة من التطلعات تطبع انتظارات متابعي الشأن السياسي الوطني بخصوص ما يمكن تسجيله من مستجدات وتطورات على مشهد الساحة السياسية. العديد من المواعيد الحزبية منتظرة للفترة القريبة المقبلة منها أساسا استكمال تجديد الهياكل القاعدية للحزب الحاكم ومجالس وطنية لعدد من أحزاب المعارضة ستبحث بالأساس الاستعدادات للمرحلة المقبلة التي تتميز لدى العدد الأهم من تلك الأحزاب بعقد مؤتمراتها الوطنية. خطاب رئاسي داعم وربما من اللافت وكما اعتادت ذلك الساحة السياسية فقد منح الخطاب الرئاسي (7-11-2010) السنة السياسية الجديدة أنفاسا هامة جدا المزيد دعم المسار التعددي واثراء المشهدين السياسي والاعلامي عبر حزمة من القرارات والمبادرات السامية منها على وجه الخصوص بعث ملتقى دائم للأحزاب ورفع المنحة المسندة للأحزاب السياسية وصحافتها وضرورة مزيد انفتاح وسائل الاعلام الوطنية على مختلف الآراء والمقاربات والتوجهات مع التأكيدات الواضحة على أنه لا رجعة عن التعددية والديمقراطية اللذين أصبحا من ثوابت المسار الاصلاحي السياسي التونسي الذي انطلق سنة 1987. ومن الوجيه في هذا الباب التلميح الى أن قرارات رئيس الدولة كانت دوما متجاوبة مع الواقع مستجيبة للتطلعات والانتظارات فواقع الحياة السياسية أبرز وخلال العديد من المناسبات وحتى الانتخابية منها حالة من التجاذب السلبي بين الاحزاب والرغبة في الهيمنة والسعي الى الزعامة السياسية وتحجيم أدوار عدد من الفاعلين والشخصيات السياسية وحتى الأحزاب. فرصة نادرة فعلى خلفية مبادرة السيد الرئيس ببعث «ملتقى الأحزاب» سيتوفر للحياة السياسية ولأول مرة منذ تجربة الميثاق الوطني بداية تسعينيات القرن الماضي فرصة نادرة لمعاينة لقاءات دورية بين مختلف الاحزاب (كل 6 أشهر) وهو معطى مهم جدا في دفع المشهد السياسي نحو المزيد من التقارب والتجانس خاصة حيال الملفات وشواغل والقضايا الوطنية الكبرى. هذا اضافة الى أن الدعم المادي المتزايد سيضع الحجة على قيادات الأحزاب التي كثيرا ما اشتكت من نقص الامكانات المادية كما أن ترفيع هذا الدعم سيوجه الانظار لاحقا حول طرق التصرف ومدى القدرة على استغلال تلك الأموال العمومية من أجل مزيد الاقتراب من الناس والعمل على تأطيرهم وتحفيزهم للعمل السياسي مثلما نص على ذلك الدستور اضافة الى أهمية رؤية أشكال جديدة في العمل الحزبي خاصة على المستوى الاتصالي والاعلامي حيث لا تزال مردودية جل الاحزاب محدودة وغير ذات فاعلية في هذا المجال. آليات وأهداف ويرى عديدون أن جملة المبادرات الرئاسية تتطلب تعاطيا جديا من مختلف الاحزاب لانجاحها وتكريسها على أرض الواقع حتى تتحقق الأهداف السامية المرجوة في مزيد اثراء الحياة السياسية وتجسيم التعددية المأمولة التي تتخلى عن جميع صورها السلبية وتتفاعل ايجابيا وبالشكل المطلوب مع رهانات المرحلة وتحدياتها على أكثر من صعيد وفي أكثر من مستوى. ولا خلاف في أن من أبرز سلبيات الحياة السياسية حالة التنافر بين الاحزاب وواقع الاتهامات المتبادلة والتصنيفات المجحفة في كثير من الأحيان (أحزاب وفاقية/ أحزاب راديكالية/ أحزاب كبرى/ أحزاب صغرى/ أحزاب ديكور أحزاب معارضة جدية)، ناهيك عن حالة الانقطاع عن الناس ونخبوية العمل السياسي المعارض على وجه الخصوص وتآكل البنى الهيكلية التنظيمية لجل الاحزاب. اليات جديدة (المبادرات الرئاسية) ومواعيد حزبية هامة (المؤتمرات الوطنية) ستحدد دونما شك النهج الذي ستنهجه الحياة السياسية في سنتها الجديدة 2010-2011.