احتضنت دار الثقافة بالرديف مساء الأحد الفارط، العرض الاول لفيلم «الساعة الاخيرة» للمخرج السينمائي «علي العبيدي» بحضور عدد هام من شباب الجهة.. واطاراتها وعدد هام من الصحفيين والاعلاميين. العرض الاول لفيلم «الساعة الأخيرة» اختار صاحبه ان يلتئم بمسقط رأسه (الرديف) وقد تميز بأجواء احتفالية، ويذكر ان أبطال الفيلم (ليس كلهم) سجلوا حضورهم في هذا العرض الاول على غرار الممثل «علي الخميري» والممثل «ساسي القطاري» والممثل «جعفر القاسمي». الممثلون والصحفيون وكل الحاضرين في العرض الاول لفيلم «الساعة الاخيرة» أشادوا بحفاوة الاستقبال التي وجدوها من أهالي الرديف وفي مقدمتهم المخرج علي العبيدي. «الساعة الاخيرة» وبعيدا عن المشاهد الخليعة والايحاءات الجنسية التي كانت كالملح في أغلب «الأطباق السينمائية التونسية»، جاء فيلم «الساعة الاخيرة» بطرح جديد او غير متداول في السينما التونسية، طرح اختار «الصحافة المكتوبة» موضوعا له. الى حدود هذه الأسطر، كان المخرج علي العبيدي مجددا لكن المشاهدة العينية للفيلم تضعك أمام نص او سيناريو، اختار صاحبه ان يرتكز على الحوار أكثر منه على الصورة، فيبدأ بطرح كاد ينحني من طرح درامي تراجيدي الى طرح كوميدي وليته كان كذلك، فالفيلم ينطلق بحدث في جريدة «الجريدة» وهي جريدة تونسية مختصة في مواضيع الاثارة، قلنا تونسية لأن المخرج في ملخص فيلمه ذكر انها في بلد من بلدان الجنوب بينما في الفيلم الذي جاء الحوار فيه بالدارجة التونسية، ركّز المخرج اكثر من مرة على صورة الزعيم التونسي الراحل «الحبيب بورقيبة» في بعض مشاهده. الحدث الذي جاء في هذه الجريدة، مقال كتبه أستاذ جامعي في التاريخ القديم عن القائد القرطاجنّي «حنبعل»، هذا الاستاذ وهو شخصية «صابر الهادي»، في الفيلم (منصف السويسي) يفاجأ بنشر مقاله في جريدة «الجريدة» عن طريق الخطإ مقال نزل كالصاعقة على رجل الاعمال «سيف الزحاف» (محمد سعيد) لأن هذا المقال بدا لرجل الاعمال وكأنه يقصده ويلمّح الى أنشطته وتجارته التي فيها مجاوزة للقانون. هذا الحدث كان منطلقا لتطور الاحداث وتعقيدها رغم كونه مجرد سوء تفاهم او هو قراءة خاطئة من شخص من الطبقة الاجتماعية الراقية، فالمقال في نهاية الامر يتحدث عن «حنبعل» كشخصية تاريخية. إساءة للصحافة هذا الحدث كان مسبوقا بمشاهد قائمة أساسا على الحوار بين صحفيي «الجريدة»، «عماد» (نصيب البرهومي) ووجدي» (رمزي عزيز) وسكريتير تحريرها «سميح» (ساسي القطاري) بالاضافة الى عون الاستقبال بها (أدى الدور عيسى حراث) في هذا الجزء بالذات من الفيلم عرضت مشاهد لا تخلو من إساءة للصحافة وللصحفيين رغم كونها استثناءات، فصحفيي «الجريدة» ملاّ العمل الصحفي نتيجة ضغط صاحبها وعدم تمكينهما من مستحقاتهما المادية، كما أنهما يستشيران عون الاستقبال بجريدتهما عن المواضيع التي سيكتبان فيها، ومع احترامنا للعمل الفني ككل، ولصاحبه فإن مثل هذه التصرفات غير موجودة في صحافتنا، وحتى إن وجدت فهي تعتبر استثناءً نادرا لا ظاهرة يجب تسليط الاضواء عليها. ثم إن أسلوب سكريتير التحرير في التعامل غريب عن الصحافة في بلادنا او إن شئنا تجاهله وعدم اكتراثه للزائرين غير موجود في صحافتنا. وحتى لا نحمّل الفيلم ما لا طاقة له به نعود الاشارة الى ان رئيس تحرير جريدة «الجريدة»ومديرها الذي اختار له المخرج اسم «ناظر أبوعين» (علي الخميري)، يمثل نقطة استفهام خاصة في المشهد الذي استعمل فيه العنف مع «صابر الهادي» (منصف السويسي) لادخاله عنوة الى منزل «سيف الزحاف» ألهذا الحد تصل الامور؟! فرئيس تحرير جريدة او مديرها او صحفي لا يمكن ان يعنّفوا مثقفا أكاديميا جامعيا مهما كانت الأسباب، اذن ثمة مبالغة كبيرة في بعض مشاهد الفيلم تحط من قيمة الصحفي والصحافة رغم ان المخرج علي العبيد حاول في عديد المشاهد ابراز معاناة المهنة الصحفية، بيد أنه في المشاهد التي تضمّنت إساءة حسب تقديرنا للصحافة، لا ننفي ان بعض الممارسات التي تخلّ بأخلاق المهنة الصحفية موجودة لكن «الشاذ يحفظ ولا يقاس عليه»... مفارقة فيلم «الساعة الاخيرة» كان ضبابيا من حيث الفترة الزمنية التي تدور فيها الاحداث، ورغم ان ذلك بدا مقصودا الا ان التركيز في عدة مشاهد على الصور المعلّقة بجدران مكاتب الصحفيين ب«الجريدة»، يجعل المتفرج أمام مفارقة، فسلوكات الصحفيين والمنحى التجاري «للجريدة»، مختلفة عن فضاء عملهم الذي علّقت به صور ترمز الى معاني نبيلة كالثورة، فما معنى أن تعلّق صور «شيغيفارا» و«ڤاندي» و«فيدال كاسترو»، والزعيم الراحل «الحبيب بورقيبة»، والرئيس العراقي «صدام حسين»، ليلة اعدامه. كل هذه الصور تدلّ على المفارقة بين المبادئ الصحفية والسلوكات الموجودة في تصرّفات الصحفيين، كما أن الصورتين الاخيرتين للزعيم التونسي الراحل وللرئيس صدّام حسين، أضفتا نوعا من الضبابية عن الزمن الذي تدور فيه أحداث الفيلم، رغم أن الصورة الثانية (إعدام صدّام حسين) هي الأقرب الى زمن الأحداث باعتبار الملابس من ناحية ونوعيات السيارات المستعملة. الصورة عموما، «الساعة الأخيرة» هو عمل فنّي سينمائي بالأساس، ويفترض حريّة الابداع، وموقف صاحب العمل، مهما كان فهو يخصّه هو، أما في ما يخصّ العمل على المستوى التقني فإن الصورة السينمائية في هذا العمل لم تكن في مستوى التطلّعات، وكأن الفيلم صوّر في الستينات والسبعينات لكن قد تكون الصورة أفضل ممّا كانت عليه في العرض الأول للفيلم بدار الثقافة، بالرديف، نظرا الى صعوبات البث في دور الثقافة بأغلب جهات الجمهورية على أمل أن تكون أجود وأوضح في قاعات السينما خلال العروض القادمة لفيلم «الساعة الاخيرة». معطيات عامّة وتجدر الاشارة الى أن عنوان الفيلم «الساعة الاخيرة»، هو عنوان مقال فكّر صاحب جريدة «الجريدة» في كتابته، أثناء تطوّر الاحداث، عنوان يهدف الى الاثارة الاعلامية، كما نشير الى أن أجمل المشاهد في الفيلم، كان ذلك المشهد الذي ظهر فيه للمرّة الوحيدة الممثّل «جعفر القاسمي»، صاحب المطبعة التي تطبع فيها جريدة «الجريدة»، هذا المشهد رفض خلاله صاحب المطبعة الثمن الخيالي (ثلاثة مليارات) الذي اقترحه عليه رجل الاعمال سيف الزحاف لاشتراء المطبعة، وهو الذي يعلم مسبقا أن صاحب المطبعة يمر بظروف مادية قاسية، إلا أن ردّة فعل صاحب المطبعة والتي لا تخلو من الطرافة، كانت ايجابية بالنسبة الى الجمهور الذي صفق لرفض صاحب المطبعة بيع مطبعته، احتراما لوعوده لصاحب «الجريدة» الذي هو مدين بمستحقات مالية، لصاحب المطبعة. ولا يفوتنا الحديث عن أهمية شخصية «إلهام العريف» (ريم الرياحي)، في تطوّر أحداث الفيلم، لنخلص في هذا السياق، الى أن المخرج علي العبيدي نجح كثيرا على مستوى الكاستينغ، وهذا يحسب لمخرج «الساعة الأخيرة».