عندما تطلق «ألسنة الدمار الشامل» الشائعات وتنسج قصصا وحكايات عن هذا وتلك وتعمل على ترويجها وايصالها الى كل الاطراف ترتج الأنفس وتتأزم العلاقات ويسود التوتر الاجواء المحيطة بالاشخاص الذين نسجت حولهم هذه الشائعات وعادة ما تشتد وطأة الشائعات وحدتها في الأوساط البسيطة والساذجة ومحدودة التعليم والثقافة لإيجادها الارضية الخصبة والملائمة للانتشار والاستفحال وغذاؤها في ذلك الامية ومخيلة شعبية واسعة متميزة بشطحاتها السردية التي تضيف للحكاية المتناقلة بهارات اضافية حتى يقع تحريفها والزيادة فيها لتصل محرفة تماما ولا صلة لها بما وقع لمربضها النهائي. هذه الشائعات التي تطال الصغير قبل الكبير والرجل قبل المرأة تدفع بالبعض الى اتيان ردود فعل مختلفة ومتباينة تتراوح بين عدم الاكتراث والاهتمام المبالغ فيه. ولمعرفة مدى تأثير وقع الشائعات على الفرد التونسي الشروق اثارت الموضوع مع عدد من الافراد من خلال التحقيق التالي فكانت هذه الشهادات والآراء المختلفة المتصلة بموضوع البحث. هي طاعون كل عصر وهي غذاء النفوس الشريرة التي تتاجر بأعراض الناس وتتسلى بالتلاعب بحياتهم الشخصية فهي تؤذي المشاعر والأحاسيس وتدمّر الناس دون سبب وقد عانى السيد عبد الرزاق بسبب الشائعات تجربة مرة فقد خلالها عمله وصديقه الحميم كان وراء ما آل اليه الان بعد ان انفضّ الجميع من حوله واصبح من المنبوذين. ويروى السيد عبد الرزاق هذه الحادثة فيقول انه وثق بصديقه ثقة عمياء وأعطاه سرّه وباح له بكل ما يجول بخاطره بما في ذلك رأيه في مدير عمله وبعض الموظفين في الشركة الذين كانت اعمالهم مريبة وغير قانونية لكن صديقه خان الامانة وابلغ مديره بما سمع ثم عمل على اضافة بعض الاشياء الاخرى التي ساهمت في تعجيل طردي من العمل واحالتي على البطالة. **اشاعات مدمّرة يعتبر السيد محسن الطرابلسي الاشاعات مرض العصر ويرى السيد محسن ان اقرب الناس الى اي فرد هم الذين يقفون وراء الاشاعات المدمّرة التي تسيء الى سمعته وشرفه. ويقول انه عانى كثيرا من الاشاعات المغرضة من قبل بعض زملائه في العمل وبعض اقاربه وكلما يتعرض الى شائعة من الشائعات المسيئة لسمعته يسعى الى تبرير موقفه وتوضيح الحقيقة وأعمال عقله ويبتعد عن الانفعال حتى يتمكن من حل المشكل واخماد هذه النار اللعينة التي تمتد الى نفسية الفرد وتؤثر عليها تأثيرا سلبيا. لعل النساء من اكثر الناس تأثرا بالشائعات نظرا لرهافة حسّهن واهتمامهن الكبير بما يقال عنهن هنا او هناك لذلك هن يسعين بكل ما اوتين من قوة الى تجنبها والابتعاد عن كل ما من شأنه ان يثيرها. هندة تشتغل راقصة باحد النزل تقول ان حياتها عرضة للشائعات الخطيرة وقد تعرضت لعدد لا يستهان به من الشائعات مما جعلها تحرم من الاستقرار والارتباط ولا تنكر ان هذه السلوكات المريضة افسدت حياتها وقلبت مستقبلها رأسا على عقب وجعلتها تعيش تمزقا داخليا وحيرة بين مواصلة عملها وعدم الاكتراث بما قيل وسيقال أم الجلوس في البيت والدخول تحت سقف البطالة خوفا من ألسنة البعض التي لا ترحم. تركنا هندة غارقة في حيرتها وانتقلنا الى وسيلة وهي امرأة في العقد الرابع تعمل موظفة باحدى الإدارات لتروي لنا قصتها مع الشائعات فروت لنا بعضا من هذه الشائعات التي كادت تدمّر حياتها الزوجية ويعود سببها الى طبيعتها المرحة وحسن معاملتها لزملائها ونجاحها في العمل الذي اثار حسد الكثيرات فنسجن حولها قصصا تمس عرضها وشرفها وكادت هذه الشائعات تدمر حياتها لولا وقوف بعض الطيبين الى جانبها وتفنيد كل المزاعم التي حيكت حولها. **لامبالاة يقرّ الكثيرون ان عدم الاكتراث بالشائعات هو الحل الأفضل لتفادي الضغوطات النفسية واساءة العلاقة مع بعض المقربين ويؤكد السيد محسن الدريدي انه لا يهتم مطلقا بالشائعات التي تطال كل فرد تقربيا مهما كان وضعه المهني والاجتماعي فهو يترفع عن مثل هذه الترهات ولا يليها اية اهمية. الموقف نفسه صرّح به الشاب رضا قائلا ان هناك عدد كبير من التونسيين لا شغل لهم سوى تتبع حركات الناس وسكناتهم ويمكن اعتبارهم مرضى بهذا الداء الكلامي لذلك فإنه لا يهتم مطلقا بها ويتخذ اللامبالاة طريقة مثلى في التعامل مع الشائعات بمختلف انواعها. **تفادي الشائعات من الناس من يتأثر بالشائعات ويشعر بألم كبير لكنه يخيّر تفاديها ومجانيتها وعدم ايلائها اهمية كبرى كما يبتعدون عن تجاهلها لأن تجاهلها يؤذي في بعض الاحيان لذلك تعمد الآنسة سارة الى البحث في الاسباب التي تدفع بالبعض الى اطلاق الشائعات من ذلك مثلا النجاح في الدراسة والعمل الغيرة من الجمال والعلاقات الجيدة مع المحيطين وخاصة رؤساء العمل وعند معرفة السبب تتجنب الاشخاص ذوي الألسن النارية التي تطال كل فرد. يسرى ايضا تقر انها لا تهتم كثيرا لأمر الشائعات لكنها تشعر بالضيق والقلق منها لذلك تعمد الى تجنبها والبحث عن مصدرها ومحاولة توضيح الامر لمن يهمه امرها ولا تترك الفرص لأصحاب النفوس الشريرة للنيل منها ومن شرفها بالقيل والقال وترويج اشاعات لا اساس لها من الصحة. * ناجية المالكي