الجميع كان في شوق كبير لرؤية الوجه الجديد للترجي تحت قيادة ماهر الكنزاري أكثر العارفين بأدق تفاصيل فريقه ولو أن المنطق هنا يقول إنه لا يمكن الحديث عن ما يمكن أن نسميه تغييرا بعد مباراة واحدة أو حتى عشر مباريات متتالية لأن ذلك سيكون عصيا على كل مدرب. فوز الترجي كان عاديا ويؤكد ما ذهبنا إليه ولكن في خضم هذه الرتابة يمكن أن نستنتج بعض المعطيات التي تؤكد وجود تغيير نفهم من خلاله الكثير إذا ما قرأنا ما بين الأسطر أو بالأحرى ما بين اللمسات الفنية.. مؤشرات التغيير أول ما فعله الكنزاري تمثل في التعويل على سامح الدربالي في خطّة ظهير أيمن وهو الذي كان جاهزا للعب حتى مع البنزرتي، لكنه لم يعوّل عليه رغم الأخطاء المتكرّرة لأيمن بن عمر وعدم اضطلاع أفول بالدور الدفاعي بنسبة كبيرة. ثانيا أقحم الكنزاري محمد الباشطبجي في مركز قلب الدفاع وهي خطته الأصلية بالرغم من جاهزية زياد الدربالي وصيام بن يوسف للقيام بنفس الدور. ثالثا الكنزاري أعطى فرصة أولى لماهاتما أوتو هذا اللاعب الذي يمنعه البنزرتي حتى من البقاء على بنك البدلاء ورأينا ردّة فعل الجمهور الايجابية في التعامل مع دخول أوتو في أواخر المباراة والمساندة المطلقة له رغم أنه لم يقدم الشيء الكثير. الاستنتاج الرابع وهو الأبرز، يتعلق بتلك الراحة النفسية الكبرى التي لعب بها لاعبو الترجي فرأينا تحرّرا انعكس على المردود والعطاء خاصة من قبل صابر خليفة ويوسف المساكني وهما اللاعبان اللذان كانا ملزمين على الدوام بواجبات دفاعية مع البنزرتي أرهقتهما واستنزفت طاقتيهما البدنية والفنية والدليل الأكبر المردود الغزير لروجي تواندوبا (أفضل لاعب في تلك المباراة) وأكثر اللاعبين السعداء برحيل البنزرتي على ما يبدو. تلك الراحة النفسية تجلّت في رقصة العادة من الدراجي بعد تسجيل الهدف الأخير لتترجم تحسن الحالة الذهنية لجميع اللاعبين الذين عاشوا كابوسا مرعبا منذ خسارة لقب رابطة الأبطال أمام مازمبي وكأنّ حالة الاستنزاف والاستهلاك من المدرب البنزرتي قد انزاحت عن هؤلاء، فكل لاعب كان يفكر سابقا في ردّة فعل ذلك المدرب عند اهدار الفرص أو ارتكاب الأخطاء حتى قبل التفكير في غضب الجماهير وردّة فعلها لأن تواجد البنزرتي على بنك البدلاء بالقرب من حافة الميدان كان يكبّل أرجل اللاعبين ويجبرهم حتى على القيام بأدوار ليسوا مقتنعين بها. أخيرا يجب أن نعطي حق الكنزاري في محاولة استغلاله وتوظيفه لأقصى عدد ممكن من اللاعبين وهي النقطة التي تغافل عنها البنزرتي ولامة عليها الكثيرون كما أن اسكندر القصري صاحب خبرة ويعرف ماذا يفعل. ما بين السطور كل هذه التغييرات التي تحدثنا عنها والتي نؤكد أنها لا تعكس بصمة الكنزاري لأن الوقت مازال مبكرا للحديث عن هذا، كما تدلّ على أن العلاقة بين الرجلين (الكنزاري والبنزرتي) لم تكن على أحسن ما يرام، وإلاّ بماذا نفسّر قيام الكنزاري بكل هذه التحويرات مباشرة في المباراة الأولى التي عقبت خروج البنزرتي وتولي الكنزاري مهمة الاشراف كمدرب أول على الفريق؟