خصّص برنامج «خزائن الألحان» الذي ينتجه الزميل عبد العزيز فتح اللّه حصته الأخيرة للحديث عن أحد رموز الأغنية التونسية الراحلة صليحة إحياء للذكرى الثانية والخمسين لرحيلها وقد قدم الزميل فتح اللّه صورة صادقة عن حياة هذه المطربة. وتكاد تكون هذه الاذاعة من بين وسائل الاعلام القلائل التي أعطت حق هذه المطربة الرمز وأحيت ذكرى وجه فني بارز وصوت من أصواتنا التونسية التي نعتز بها في مختلف المحافل الدولية وخاصة العربية منها وقد أشار منتج برنامج خزائن الألحان بأن القضية لا تكمن في تقديم بعض المعطيات عن هذا الرمز أو ذاك وإنما القضية تكمن في الوفاء لمن بذل الكثير من الجهد في حياته وأجزل الأرض كل العطاء وهي قضية إحساس بالواجب نحو رموزنا: رموزهم من أهم ملامح الفخر بالتجذّر والانتماء. من هي صليحة؟ المطربة الراحلة صليحة اسمها الصحيح صلوحة بن عبد الحفيظ والدها ابراهيم جزائري الأصل ووالدتها تونسية الجنسية وتدعى امباركة بنت عمارة الرزقي ولدت في مطلع 1914 ببلدة نبّر من ولاية الكاف وتوفيت يوم 26 نوفمبر 1958 وقد دفنت بمقبرة الفدان الكائنة قرب ضاحية العمران، لها أخت واحدة واسمها علجية وابنة وحيدة من زوجها علي عباس واسمها عروسية التي تعرف باسم شبيلة راشد. مسيرتها الفنية في رصيد الراحلة صليحة 63 أغنية من بينها 14 أغنية من العتيق وقد تعاملت مع 19 شاعرا و5 ملحنين وهم: خميس ترنان (29 أغنية) وصالح المهدي (11) ومحمد التريكي (7) ومحمد النابلي (1) وقدور الصرارفي (أغنية واحدة). أغانيها من العتيق غنّت صليحة 14 أغنية من العتيق وهي: «انزاد النبي» «بخنوق بنت المحاميد» «باللّه يا حمد يا خويا» «خالي بدّلني» «ساق نجعك ساق» «شرق غدا بالزين» «عرضوني زوز صبايا» «فراق غزالي» «أنا وجمالي فريدة» «مع العزّابة» «اوادعوني يا لبنات» «يا خيل سالم» «يا مقواني» و«في الغربة فناني». قصة وفاتها في أواخر سنة 1957 دعيت صليحة الى اقامة حفل بمدينة الكاف ولم تكن المنصة التي غنّت فوقها على درجة كبيرة من الاتقان وبعد أن أدّت هذه المطربة وصلتها أرادت النزول، ولكن الصندوق الذي كان يشد أحد أركان المنصة انزلق وسقطت صليحة على جنبها الأيمن فأحسّت بآلام فظيعة ونقلت الى العاصمة بعد جهد جهيد وهي مسندة في السيارة على رضا القلعي. وبعد وصولها الى العاصمة حاولت صليحة معالجة نفسها بالطرق التقليدية ورغم أن الآلام الفظيعة لازمتها إلا أن هذه المطربة واصلت تشبثها بالعلاج التقليدي وكان وجهها يزداد شحوبا الى أن أغمي عليها ذات يوم فوقع نقلها الى المستشفى حيث أجريت عليها عملية جراحية بعد أن اتضح وأنها أصيبت بتمزق على مستوى كليتها اليمنى. وقد أمرها الأطباء بالركون الى الراحة لمدة 6 أشهر لكنها عادت الى سالف نشاطها بعد 3 أشهر فحسب. وجاء موعد حفل المغرب العربي الذي أقيم مساء العاشر من نوفمبر 1956 الذي أقيم بالمسرح البلدي بالعاصمة وأصرّت على المشاركة فيه رغم نصيحة المقربين إليها بغير ذلك، وقد غنّت ليلتها بكل جوارحها وكأنها كانت تدري أن هذا الحفل سيكون آخر لقاء لها مع أحبائها. وقد غنّت ليلتها: «خالي بدّلني» «أودعوني يا لبنات» «باللّه حمد يا خويا» «عرضوني زوز صبايا» واختتمتها بأغنية «مريض فاني». وبعد الحفل أعيدت الى بيتها منهكة القوى ونقلت الى المصحة حيث أجريت عليها عملية جراحية جديدة لكن العملية لم تنجح هذه المرة وتوفيت صليحة ظهر يوم 26 نوفمبر 1958 عن سن تناهز 44 عاما. ومن المؤلم أن ليلة وفاتها كان من المفروض أن تحيي فيه حفلا ساهرا في مهرجان سياحي. وصلة من الأغاني الى جانب التعريف بحياتها الشخصية ومسيرتها الفنية قدم المنتج عبد العزيز فتح اللّه الذي يتميز في كل حصة بتقديم أروع الأغاني فيستقطب جماهير غفيرة من عشاق الفن الأصيل عددا كبيرا من الأغاني وهي: «عيون سود» «زعمة يصافي الدهر» «يا خيل سالم» «مريض فاني» «آش يفيد الملام» «من فراق غزالي» «خالي بدلني» «اودعوني يا لبنات» «باللّه يا حمد يا خوي» «عرضوني زوز صبايا» «في الغربة فناني» «مع العزابة» و«بخنوق بنت المحاميد». وهكذا تصنع هذه الاذاعة الحدث مرة أخرى.