تونس الصباح مساء السبت الماضي وعلى غير العادة كان الاقبال على حفل افتتاح الدورة 27 لمهرجان المدينة الذي احتضنه قصر خيرالدين بالمدينة العتيقة متواضعا.. فاعداد المتفرجين الذين اموا الفضاء كانت لا تستعصي على العد بالعين المجردة. رغم القيمة الفنية للحفل الغنائي «ليالي باب سويقة» هذه الامسية امنتها مجموعة من الاصوات الشابة بادارة الموسيقار الاستاذ حمادي بن عثمان وكانت بها قيمة فنية و«تاريخية» مع حلاوة الاغاني التونسية التي تداول على ادائها المطربون الشبان المشاركون في الحفل. اذا جاز لنا ان نصنف الموروث الغنائي لجيل الخمسينات والستينات من فناني القرن الماضي في تونس في خانة «العتيق» من الاغاني بما تعنيه الكلمة: من قيمة فنية وتاريخية وخصوصية فانه يمكن القول بأن الاصوات الشابة التي تداولت على اداء مجموع الاغاني في حفل افتتاح الدورة 27 لمهرجان المدينة وهي في الاصل اغان لرموز فنية في تاريخ الاغنية التونسية من امثال «فتحية خيري» و«صليحة» والهادي القلال» و«علية» و«علي الرياحي» و«نعمة».. لم تكن اصوتا معتقة.. صحيح ان اغلب هؤلاء المطربين الشبان قد اجادوا الاداء ولم «ينشزوا» وانهم بدوا متشبعين موسيقيا وحتى «طربيا» بروح وكنه هذه الاغاني.. ولكنهم مع ذلك لم يرتقوا في ادائهم الى مستوى ذلك الجيل من الفنانين التونسيين الكبار الذين رددوا اغانيهم.. بين فتحية خيري وروضة بن عبد الله المطربة الشابة روضة بن عبد الله مثلا اختارت اداء مجموعة من اغاني الفنانة فتحية خيري فغنت من بين ما غنت «ما احلى ليالي شبيلية» و«يا محرمتها» و«خاتم حبيبتي» و«عشيري الاول» وقد كانت تحاول جاهدة ان تكون في مستوى القيمة الفنية لمجموع هذه الاغاني.. ولئن توفقت احيانا في الاقناع بالاداء مثلما هو الشأن عند ادائها لبعض الاغاني الخفيفة مثل «عشيري الاول» و«خاتم حبيبتي» فانها وعند ادائها لعدد اخر من اغاني الفنانة فتحية خيري مثل اغنية «يا محرمتها» بدت طاقتها الصوتية وحنجرتها وكأنها دون مستوى هذه النوعية من الاغاني.. ونفس الملاحظة يمكن ان تنطبق ايضا على مشاركة الفنان الشاب عماد عزيز الذي اختار اداء مجموعة من اغاني الفنان علي الرياحي مثل اغنية «زينة يا بنت الهنشير» التي اجاد اداءها ولكنه حين غنى اغنية «أنا كالطير في وكري نغني» استعصى عليه اداؤها وبدا وكأنه «يجاهد» من اجل تقديمها بصوته.. بالمقابل بدت الفنانة الشابة منجية الصفاقسي التي اختارت اداء باقة من قديم اغاني المطربة نعمة مثل اغنية «يا طير تعديت منين» واغنية «التلفون» بدت مقنعة صوتا واداء واستطاعت ان تعطي الانطباع بأن الجيل الجديد بامكانه ان يأخذ لنفسه مكانة على الساحة وانه جيل لا يقل موهبة عمن سبقوه.. فالفنانة الشابة منجية الصفاقسي لم تكن «تقلد» الفنانة نعمة وهي تؤدي مجموعة من اغانيها بل كانت تجتهد و«تتفن» في اداء هذه الاغاني بصوتها وعلى طريقتها.. كذلك ايضا كان الشأن بالنسبة للفنان منير المهدي الذي اختار اداء مجموعة من اغالي المطرب الهادي القلال مثل اغنية «يا دار الحبايب» واغنية «ها الغيرة اللي فيك»، فكان ان اجاد اداءها وهو امر ليس بمستغرب من هذا الفنان المعروف بعذوبة صوته وباجتهاده في مجال «عمله». حفل افتتاح الدورة 27 لمهرجان المدينة شهد ايضا مشاركة كل من ليليا الدهماني التي غنت لصفية الشامية «قالولي أسمر» و«ما احلى قدك» وسارة النويوي التي ادت مجموعة من اغاني المطربة صليحة، فضلا عن مراوحة فكاهية امنها باقتدار شاب ادى مجموعة من الاغاني الفكاهية للراحل صالح الخميسي ومراوحة اخرى راقصة وفرجوية امنتها راقصة شابة قدمت مجموعة لوحات من الرقص الشرقي.. عرض «ليالي باب سويقة» في افتتاح الدورة 27 لمهرجان المدينة في سهرة السبت الماضي بدا متنوعا وحتى ثريا وطريفا فنيا وموسيقيا وكان يمكن ان يكون انجح لو أن الجمهور كان ليلتها في الموعد وازر مجموعة الفنانين الشبان الذين شاركوا فيها..