انتهى لقاء السبت على ما لم يكن في الحسبان وتاه لاعبو «السي آس آس» في المهيري وخذلوا جماهيرهم التي منّت النفس بالقبض على رابع كأس ل«الكاف» وتحطيم رقم قياسي وتعويض الخروج المبكر من سباق الأميرة. عنصر المفاجأة كان حاضرا بقوة في مواجهة أول أمس من أول المباراة الى نهايتها ففي الوقت الذي امتثل فيه أصحاب الأرض لطقوس فترة جسّ النبض لم يحترم لاعبو الرباط خصائص هذه الدقائق ومع أول فرصة اقتنصوا هدف السبق في دق 8 برأسية بوخريص. الرباط لا يتراجع الهدف أعطى شحنة للاعبي الفتح الذين أغلقوا المنافذ المؤدية الى الحارس عصام بادة بإحكام محاولين امتصاص ردّة فعل أصحاب الأرض والتصدي لبنائهم الهجومي بالضغط في منطقة المنتصف معتمدين الهجمات العكسية والمركزة وبخاصة التسديد ولا سيما عن طريق رشيد روكي الذي كان إثر تصويبتين قريبا من اضافة هدف آخر. العارضة وأشياء أخرى كلما اندفع النادي الصفاقسي الى الأمام إلا وهدّد الحارس بادة وكلما اقترب من التهديف إلا وارتكب لاعبوه بعض الأخطاء التقديرية في التمرير ليسترجع بفضلها فريق الرباط أنفاسه ويضيع الصفاقسي النسق مفرطا في مزيد تضييق الخناق كما أنه من سوء الحظ تضافرت العارضة مع هذه الأخطاء لتساعد على بقاء النتيجة على حالها. السيناريو الأفضل السيناريو المفاجئ في أول المباراة تحول الى السيناريو الأفضل ل«السي آس آس» بالتعديل في آخر الشوط واستهلال الفترة الثانية بهدف التقدم لزعيّم إثر حصوله على ضربة جزاء وأصبح الفريق قريبا من اللقب وجاءت فرصة التثليث وقطع الطريق على طموحات الرباط إلا أن تسديدة حمزة يونس أخطأت الشباك الخالية. هجوم بلا مخالب لئن كان من الثابت غياب «العمق» الهجومي وعجز الفريق عن التهديف إلا في حضور الكرات الثابتة في ظلّ الافتقار الى هداف قناص من بين مهاجميه إلا أن الأخطر من ذلك فقدان استراتيجية لعب واضحة الملامح بل وغياب كلي على مستوى التنشيط الهجومي وهو ما لمسناه في مباراة الرباط وتأكد في الإياب كما تأكد أيضا أن عدم المجازفة في الذهاب والتراجع المبالغ فيه للوراء كان خطأ جسيما دفع الفريق بموجبه ثمنا باهظا في المهيري. وسط بلا روح هذا الخط الذي كان في الماضي القريب نقطة قوة الفريق تحول في لقاء أول أمس وعلى غرار المباريات السابقة الى نقطة ضعف محيرة فلم يفلح لا في المهمة الدفاعية ولم يفلح أيضا في الاسناد الهجومي وتمويل الخط الأمامي بالكرات الحاسمة فضلا عن العجز في الربط بين الخطوط والتقريب في ما بينها. فريق منزوع السلاح عادة ما يزجّ الفريق بكل ثقله في مباريات بهذا الحجم ويستعمل كل أسلحته وأوراقه الرابحة إلا أن الاطار الفني شذّ عن هذا النهج ولم يستكمل ايسوفو الذي يعدّ من أفضل اللاعبين في مركزه في البطولة وكذلك توراي الذي يمتاز بالتصرف باقتدار في الكرة والقدرة على المراوغة ومساندة الهجوم فالأول حرم الفريق من خدماته طيلة شوط كان مطالبا فيه بالهجوم المطلق لا سيما بعد تأخره في النتيجة والثاني كان أفضل من الموجودين على المستطيل الأخضر ولا نعتقد أن دكّة الاحتياط كانت مكانه بالنظر الى مجريات اللقاء يوم المباراة. نهاية كارثية بمنطق الربح والخسارة لكل مباراة كأس لا بد من فائز ولكن نهاية المباراة على تلك الشاكلة وإضاعة اللقب بعد الرجوع في المباراة في توقيت من ذهب لم يكن مستساغا بالمرة لدى الأحباء والجماهير العريضة التي ساءها الانهيار الكلي للفريق وقبوله لهدفين بتلك السذاجة وهو الذي طالما تمرّس بمثل هذه المباريات فالفتح لم يسرق الكأس واستحقها عن جدارة لكن حقيقة الميدان وأخطاء من هنا وهناك ساهمت في تلاشي الحلم بالتتويج في مباراة لم يجد فريق عاصمة الجنوب التعامل لا مع بدايتها ولا مع نهايتها.