في سياق تعليقه على مباراة الملعب التونسي والترجي الجرجيسي نعت الزميل نبيل خيرات لاعبين أجنبيين مستعملا كلمة «وْصيف». هذا النعت لم يكن ينطوي على أيّ رؤية عنصرية أو موقف تمييزي أو فكر إقصائي إنما كان في سياق عفوي هو أقرب الى الدّعابة. هذه الدعابة الخفيفة حسبناها ستمرّ مرور الكرام إلا أنها سرعان ما تفاعلت في بعض المواقع الالكترونية فالتقطتها «قناة الجزيرة» وحوّلتها الى «قضية» فدعت أحد الأساتذة الجامعيين في علم الاجتماع إلا أنه سحب منهم البساط بذكره أن هذه الكلمة لا ترقى الى مستوى «الخطاب العنصري رغم أنها مستهجنة». هذه «القضية» العابرة تدعونا بإلحاح الى التحرّي في بعض المفردات التى تحتمل أكثر من قراءة حتى لا يضطرّ الواحد في كل مناسبة الى توضيح موقفه وتقديم اعتذاراته كما حدث قبل سنوات في برنامج بالمكشوف في نسخته القديمة. عندما يتحول التحليل الرياضي الى فوضى خواطر يدعى بعض المحللين الرياضيين للمساهمة في التعليق على بعض المباريات وينتظر منهم أن يدلوا بملاحظات تكتيكية وفنية لكن في ظل الفراغ التكويني والعجز عن التعبير وضعف التركيز يجنح الى ملاحظات عشوائية توحي بكونه لم يتهيّأ للمقابلة واستنتاجات سطحية تؤكد أنه لم يكلف نفسه دقيقة واحدة لإعداد جذاذة حول المباراة والاستعداد لها فيتحول كلامه في سبيل ملء الفراغ الى ما يشبه شجن الحديث وتداعيات الوجدان وفوضى الخواطر. التحريض غير المباشر على التراخي ضد الأندية الكبرى من بين الحكم التي يجود بها هؤلاء المحللين دعوة الأندية الصغرى الى الاقتصاد في المجهود عند ملاقاة الأندية الكبرى وذلك بعدم التعرض الى الاجهاد والاصابات والأوراق الحمراء والصفراء وادّخار كل أشكال الاندفاع واللعب الرجولي والمنافسة القوية الجادة الى ما يسمى بالمباريات من فئة ست نقاط. هذه الحكمة إن أخذت بها الفرق الصغرى ستجعل بعض الأندية الكبرى محرومة! فعلا محرومة من خوض مباريات ذات حجم تنافسي كبير. إن صاحب هذه النظرية التكتيكية العجيبة لا يهدد فقط الفرق الصغرى والقيم الرياضية والأولمبية إنما يتسبب في «أزمة تقييم» داخل الأندية الكبرى التي لا تستطيع اظهار حجمها الحقيقي إلا في التظاهرات القارية. في هذا السياق أذكر فصلا من حوار أجريته مع هيكل عاشوري بطل إفريقيا في المصارعة سألته فيه عن سبب إخفاقه في الألعاب الأولمبية فأجابني بأنه لم يجد أثناء تدريبات شخصا في حجمه يدفعه الى بذل مجهود أقوى يساهم في تطور مستواه الفني والبدني.