بمرور الجولات تتأكد قناعة مفادها أن الفرق «الكبرى» في تونس فقدت الحصانة التي منعتها لوقت طويل من الزمن من الانحناء أمام فرق أخرى وصفت بالصغرى وجاء التأكيد عقب هذه الجولة بعد أن تعثر الافريقي بالتعادل على ملعبه ضد الاولمبي الباجي ولم يكن النجم أفضل حالا منه حيث خدش في كرامته الكروية مرّة أخرى بتعادله على أرضه أمام النادي الرياضي لحمام الانف. هذه الحقيقة انطلقت من واقع لا يختلف فيه اثنان وهو تواضع المستوى الفني للبطولة مما جعل التنافس يشتد وأعطى ذلك الضوء الاخضر لفرق مؤخّرة الترتيب للتمرّد على نفسها وعلى سلّم النقاط حتى صاحب الطليعة الترجي لم يكن بمعزل عن هذا الاجراء الجديد ويتذكر الجميع هزيمته في القصرين التي أعطت بعدا آخر للبطولة لكن لم يكن في وسع الملاحقين استغلال الوضع فالترجي عادة ما يمنح فرصة واحدة لمن يريد اللحاق به ومن يرفض هذه الهدية يخسر البطولة ونتذكّر جميعا ما حصل في الموسم الماضي. حساب عسير إذا كنا نتحدّث عن تراجع مستوى فرق الصدارة ونعني به الرباعي، الترجي والافريقي والنجم والملعب التونسي، فلا يجب ان ننسى حقيقة أخرى مفادها أن فرق أسفل الترتيب لن تسامح أحدا ولن تتنازل عن حقها في حصد العلامة الكاملة كل أسبوع أمام اشتداد عسر حساب النقاط ونحن نقترب من نهاية الموسم مع بداية العد التنازلي فلا نتصوّر أن فرقا مثل نادي حمام النف وقوافل قفصة والاولمبي الباجي ومستقبل القصرين ستنحني مستقبلا مهما كان حجم المنافس وهي تعلم أن نقطة واحدة قد تنقذها من النزول فما بالك بالحديث عن فوز قد يفتح أجنحتها ويجعل أحلامها تكبر ونتحدث هنا عن فرق مثل شبيبة القيروان والنادي البنزرتي التي تبحث عن مركز تؤهّلها لمشاركة اقليمية وقارية. كل هذه المعطيات جعلت البعض يتحدث عن التشويق في البطولة وهذا ما يؤكّد أن «الانقلاب» كان ببصمات فرق مؤخرة الترتيب لأن الرباعي التقليدي لا يتبدّل عادة لولا أن النادي الصفاقسي كسّر القاعدة هذا الموسم فيما اهتزت مواقعهم في أكثر من مناسبة وسحب بساط «القوة» و«النرجسية» الكروية من تحت أقدامهم هو هذا اطار هذا التحقيق الذي فتحته «الشروق» مع الفنيين والمختصين في الشأن الكروي في تونس. محمد الهمامي عامر حيزم: ليس هناك فرق كبرى وأخرى صغرى ظاهرة «انقراض الكبار» و«تمرد الصغار» ليست ظاهرة جديدة في الكرة التونسية بل ان ذلك كان نتيجة طبيعية لتقارب المستوى في المواسم الاخيرة بين جميع الفرق وشخصيات لا أريد الحديث عن فرق كبرى وأخرى صغرى لأن المستوى العام للبطولة في تقارب لكن هذا المصطلح برز مع دخولنا عهد الاحتراف وقيامنا ببلورة مفهوم خاطئ لحقيقة الاحتراف وها قد أثبتت الايام ان الفرق منذ البداية متساوية من حيث المستوى الفني العام والفارق كان فقط في الأمور الثانوية. من جهة أخرى يجب أن نقول أن فرق أسفل الترتيب أصبحت تعرف كيف تتعامل مع المباريات التي تجمعها بفرق أخرى تفوقها على مستوى الزاد البشري وأصبحت تعوّل على تكتيك معين يمكنها من جمع النقاط بأفضل السبل، ثم لا ننسى أننا دخلنا في منعرج حاسم كثرت فيه الحسابات ما يعني ان كل الاندية ستلعب من أجل الفوز ولن تتنازل عن ذلك. محمد المنجي دلهوم: القوة... «قوّة فلوس» الجمعيات الكبرى مازالت قائمة الذات صحيح أنه لم يبق منها سوى الترجي التونسي والنادي الافريقي بفضل حكمة مسيريهما وحسن اختيارهما للاعبين الجدد الذين بامكانهم توفير الاضافة على غرار المساكني واينرامو في الترجي والذوادي والعكروت والمويهبي في الافريقي أما بقية الفرق التي كانت في الماضي القريب «كبرى» فبدأت تضعف لأن مسؤولي البعض منها لا يعرفون الكرة وفيهم «العطّار» وفيهم من يملك «معمل لوح» ومنهم «النجار» و«الطبيب» وكلّهم أصبحوا «علماء» في الكرة والحال أن الكرة تبقى للكوارجية الذين مارسوا هذه اللعبة وكما يقولون من لا يتقدم يتأخر وهذا ما حصل لبعض الاندية وأنا شخصيا أعتبر الاولمبي الباجي وخاصة أمل حمام سوسة من أحسن الفرق ووراؤه رجل يعرف الكرة لكن الحظ أدار له ظهره. القوة أصبحت قوة «فلوس» واغراءات وهذا خطأ من أساسه وتسبّب في تراجع بعض الفرق التي يعبرون عليها بالكبرى. البكوش محمد الهادي البياري: غاب اللاعبون الكبار صحيح أننا نعيش عهد تقارب المستوى بين الاندية على عكس ما كان يحدث في السبعينات ويعود ذلك الى عدة أسباب منها غياب اللاعبين الكبار القادرين على احداث الفارق في الاندية الكبرى أما العامل الثاني فيعود الى مقتضيات عالم الاحتراف وأعني بذلك ما تقوم به الاندية الصغرى من انتدابات لتعزيز صفوفها وهو ما من شأنه أن يقدم الاضافة لهذه الاندية حتى اننا أصبحنا اليوم نرى اندية كبرى تواجه اندية صغرى بلاعبين انتدبتهم منها الا أن هذا لا يحجب حقيقة وهي ان الألقاب تبقى حكرا على الاندية الكبرى لعاملين اثنين: ان البطولة تتطلب طول النفس وثراء الرصيد البشري. الامكانات المادية. فريد فتحي الواسطي (نجم سابق للأولمبي والترجي): كثرت الحسابات... وقلّت البركات للأسف الشديد تراجع مستوى كرتنا الى درجة تاه فيها «كبار» الأندية وباتوا مهدّدين بالانقراض وبشكل واضح... ولا يمكن بأي حال من الأحوال ان نعيد تقارب المستويات بين كل الاندية الى استفاقة «الصغار» بل الى تدنّي مستوى «الكبار»... بالأمس لم يكن الترجي والافريقي والنجم والصفاقسي يساومون في النتائج أمام الاندية المتراهنة على البقاء واليوم نراهم يبحثون عن مبرّرات «واهية» للهزيمة ضد هذا أو التعادل مع ذاك... و«الأتعس» من كل هذا ان نتحدّث عن التكوين واعطاء الفرصة للشبان والصبر على الاداء والنتيجة في أندية شعارها وقدرها الا تلعب الا من أجل الالقاب... بالأمس كان «كبار» الأندية يكسبون مبارياتهم من الحركات الاحمائية والتصريح بعناصر التشكيلة الاساسية التي تضمّ أسماء رنّانة من حارس المرمى الى اللاعب رقم 11 دون اعتبار الاحتياطيين... واليوم ما يسمّونهم نجوما لا يصلحون حتى احتياطيين في ذلك الزمن... كثرت الحسابات المالية... وقلّت البركات الكروية... إيهاب رضا عكاشة: مؤشر صحي رغم كل شيء في البداية يجب أن نؤكّد أن تقارب المستوى بين جميع الفرق يعتبر مؤشرا ايجابيا يصب في صالح البطولة ليس على مستوى تحسن المستوى الفني العام بل على مستوى التشويق والسبب الأول حسب رأيي هو غياب لاعبين كبار قادرين على صنع الفارق في أي لحظة في صفوف الفرق الكبرى كما كان الأمر في السابق مع لاعبين أمثال البياري وعبد المجيد بن مراد والطاهر الشايبي وغيرهم. والسبب الثاني في نظري يكمن في تحسن الفرق الصغرى على مستوى الانتدابات وعلى مستوى العمل القاعدي والتدريبات ورأينا كيف نجحت فرق مثل الترجي الجرجيسي ونادي حمام الانف في القيام بانتدابات مهمة جعلتها قادرة على مقارعة الكبار كما لا ننسى تواجد عدد كبير من اللاعبين أصحاب الخبرة في الفرق الصغرى وهو ما يجعلها تتمتع بقدرة عالية على المنافسة. الهمامي محمود الورتاني: الفرق مازال قائما في الميزانية فقط!! الملاحظة البارزة هي أن الفرق بين مختلف الاندية مازال قائما على مستوى الميزانيات فقط أما من حيث المستوى الفني فهناك تقارب كبير بين مختلف الفرق والسبب هو أن هناك بعض اللاعبين الذين كانوا ينشطون بالفرق الكبرى أصبحوا يلعبون في فرق أخرى أو تلك التي توصف بالصغرى وهناك وظّفوا امكاناتهم وخبراتهم لصالح هذه الفرق فارتفع مستوى هذه الفرق وأصبح يماثل الفرق الكبرى. من جهة أخرى لا يجب ان ننسى أن مستوى الرباعي التقليدي يشهد تراجعا رهيبا منذ سنوات وهو ما يجب أن نأخذه بعين الاعتبار وهو ما يجعلنا نتحدث عن تقارب المستوى نحو الأسفل، لأن المستوى المتدني أصبح قاسما مشتركا بين الجميع وهذا سبب مهم من الاسباب التي جعلت عرش الفرق الكبرى يمكن ان يتزعزع في كل لحظة.