الجزائر «الشروق» حورية بن سعيد باي: لا يحتاج الحديث مع السيد عبد العزيز بلخادم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الجزائرية، وزير الخارجية والمستشار الخاص للرئيس بوتفليقة سابقا، الى الكثير من المراوغات الكلامية ولا يتطلب جهدا لفك الألغاز أو القراءة بين السطور. فالرجل عاشق للوضوح، يذهب بك مباشرة في عمق الموضوع دون مواربة أو تردد ثابت وصلب في مواقفه عندما يتعلق الأمر بالمبادئ والثوابت. ومع ذلك، فهو لا يفتقر الى القدر اللازم من الليونة وطيب اللسان عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع إخوة العروبة ورفقاء النضال وهو ما جعله يمتلك قدرة عجيبة على احتواء كل الخلافات التي تطفو من حين لآخر بين الاخوة الفرقاء ورغم ضغط الوقت وكثافة البرنامج الذي وضعه ملتقى الجزائر حول مناصرة الأسرى الفلسطينيين على إجراء هذا اللقاء الخاص مع «الشروق» والذي بدأه بالتعبير عن حبه الكبير لتونس بقوله «إنها الأرض الطيبة التي امتزجت فوقها دماؤنا». سيدي الأمين العام، لماذا هذا المؤتمر حول الأسرى الآن؟ لأن الغرب يروّج أن واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط هي الكيان الصهيوني وأن ما عداه هو ديكتاتوريات قائمة على العنف وخروقات لحقوق الانسان.. أردنا من خلال هذا الملتقى أن نكشف هذا التضليل وأن الكيان الصهيوني الذي قام على الظلم مازال يمارس هذا الظلم عبر ممارسة القتل والتشريد والعنصرية وممارسة كل ما يخرق أبسط حقوق الانسان، السبب الثاني هو أن الكيان الصهيوني يغالط العالم من خلال التعامل مع الأسرى وكأنهم سجناء حق عام ومجرمون وليسوا أسرى حرب ينبغي معاملتهم وفق المواثيق الدولية الخاصة بهم. لذلك فإن المطلوب منا اليوم هو التركيز على معالجة قضية الأسرى من أوجهها الانسانية ومن جوانبها القانونية لكشف كل الخروقات المرتكبة في حقهم ومتابعة الفاعلين ومحاسبتهم خاصة وأن هناك بعض المعالجات السياسية التي تهدف الى تحييد القضايا الرئيسية كالأسرى واللاجئين. لماذا تم اختيار الجزائر لتنظيم الملتقى، وهل يعني ذلك عودتها الى الدور الذي عهدناه بها في احتضان القضايا العربية والفلسطينية على وجه الخصوص؟ أولا الجزائر لم تتخل يوما عن قضية فلسطين رغم كل المراحل الصعبة التي مرت بها خاصة في فترة التسعينات. ثانيا: تم اختيار الجزائر بإجماع كل الاخوة الذين شاركوا في اعداد هذا الملتقى وذلك لكونها عانت من احتلال استيطاني دام أكثر من قرن، مارس خلاله الاحتلال مختلف أنواع التجاوزات وصنوف التعذيب بحق الأسرى وغيرهم، لذا فمن واجب الجزائر احتضان مثل هذا الملتقى ووضع كل ثقلها السياسي والديبلوماسي. ألا تخشى الجزائر من عواقب مثل هذه المواقف خاصة في ظل الظرف الحالي (اقتصاديا) الذي يجعلها بحاجة الى طرف معروف بانحيازه لاسرائيل؟ يجب أن يعرف الجميع أن الجزائر ستظل وفية لعهودها ومتمسكة بالقيم التي من أجلها قامت الثورة التحريرية المباركة و بمساندتها لكل القضايا التحررية في العالم، لذا فإننا لا نخشى في الحق شيئا مهما كان الثمن. كيف نجحتم في جمع مختلف الفصائل الفلسطينية رغم الخلافات الكبيرة بين أطرافها خاصة فتح وحماس لحضور هذا الملتقى؟ من لطف اللّه وبركات الشهداء الأبرار أن صوت الجزائر قد لقي استجابة من قبل كل الفصائل الفلسطينية والعراقية أيضا فوضع سجناء العراق تحت الاحتلال ليس أفضل ونحمّد اللّه أيضا أن نداءنا قد لقي استجابة من كل الشرفاء في العالم سواء من العرب أو من الأجانب وهذه بادرة خير تبعث على الأمل. بعدما نجحت في الجمع بين فتح وحماس، لماذا لا توظف الجزائر ثقلها في تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام الحالية؟ نتمنى فعلا أن يكون لقاء فتح وحماس في الجزائر بداية فعلية لتحقيق المصالحة ونحن نشد على كتف كل من يرغب في انهاء الاحتلال الصهيوني وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وتحرير الأسرى وعودة اللاجئين الى ديارهم أما عن موضوع رعايتنا لملف المصالحة الفلسطينية فقد دعمنا كل جهد يحترم السيادة الفلسطينية والقرار الفلسطيني وقد تدخلنا مرارا في السابق عندما كان الخلاف فلسطينيا، لكن في الظرف الحالي لا نملك سوى الدعوة الى تحقيق استقلالية القرار الفلسطيني لأن تحقيق المصالحة لن يتم بتدعيم طرف على حساب آخر.