بعد أكثر من أسبوع من تداول الاعلام (الاسرائيلي) فشل الادارة الأمريكية في اقناع الكيان الصهيوني تجميد الاستيطان ولو لثلاثة شهور وباستثناء القدس! ومع رزمة من الضمانات والعطايا، بلغت القيادة الفلسطينية رسميا بهذا (الفشل) بعد تسريبات أمريكية على امتداد أسبوع نشرت في الصحافة الاسرائيلية، مع أن الأمر لا يتطلب بلاغا أو بيانا بالفشل حين تتوفر الادلة (والادلة السرية) وحيث تصدق حكمة أجدادنا الأوائل (عندما تشاهد سربا يحوم من الغربان فإن في الأمر جيفة!!) الا بالنسبة لأولئك الذين يؤدون صلوات الاستسقاء من أجل مطر يأتي من سحب السراب! وهيهات أن يأتي! برغم موجة «الدفع» المسرحية يوم أمس بهدف استئناف المفاوضات وبهدف تفادي مطلب اعتراف أمريكا بالدولة الفلسطينية ووقف الاستيطان. الادارة الأمريكية تعرف الطريق جيدا الى إلزام (اسرائيل) بسياساتها واستراتيجيتها لكنها لم تفعل بل استمرت وتستمر في (تدويخنا) ومنحنا جرعات التهدئة ليستمر الاستيطان بلا انتفاضات أو هبات وطنية أو متغيرات مفترضة في الاقليم تمس طغيانها، ثم تستمر في البحث من جديد بل تعلن عن آليات أخرى تضمن استمرار المفاواضات مع استمرار الاستيطان ومع استمرار التلويح بالفيتو حيال مشروع (الدولة الفلسطينية) أو الاعتراف بها قبل أن تعرف اسرائيل هذه الدولة والتي وطبقا لما تطلقه من أوصاف عليها ومقاييس، هي كاريكاتير دولة أو (joke state) وتستمر الادارة الأمريكية في دعم نتنياهو والمشروع الاسرائيلي الاستعماري في أرضنا (كمحصلة)، وعلى ذكر الدولة الفلسطينية فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي التي عارضت اعلان دولة فلسطين منذ عام 88 حين أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 15/12/1988 القرار رقم 177-43 الذي يعترف باعلان دولة فلسطين ويعطيها دور الدولة المراقبة في الأممالمتحدة وقد صدر هذا القرار بأغلبية 104 أصوات واعتراض أمريكا واسرائيل وامتناع 44 دولة عن التصويت، أمريكا عارضت هذا القرار وثابرت لاحقا في تعطيل كل خطوة يمكن أن تساهم في تطوير هذا الاعلان نحو (الدولة)!. الولاياتالمتحدةالأمريكية ستفتش عن آليات جديدة كما ذكرت بعد اعلان (فشلها) في اقناع (اسرائيل) بتجميد الاستيطان (لثلاثة أشهر فحسب)... ستفحص هذه الادارة وتفتش وتستدعي بل ربما تسأل يوما عن هذه الآليات (فيروز الشطآن) قبل ان يكتشف الرئيس أوباما أن (الدولة الفلسطينية) في خطاباته السابقة كانت ربما مجرد زلة لسان! الادارة الأمريكية أعلنت وعلى لسان أكثر من مسؤول فيها أن الاولوية في سياساتها الخارجية باتت نحو السودان اضافة الى أولوياتها الاستراتيجة تجاه العراق وأفغانستان وكوريا الشمالية وقبل كل ذلك (أمن اسرائيل) مما يعني وضع قضيتنا في أدراج الادارة الأمريكية رغم (كرنفالات) التهريج التي تقيمها بين حين وآخر في البيت الابيض لمسؤولين قادمين من (الشرق الأوسط) ورغم توالي المبعوثين الى المنطقة وهو ما يعني بايجاز شديد استمرار (اسرائيل) في مشروعها الاستعماري بحماية أمريكية. الموقف الأمريكي الأخير (اربك) الموقف الفلسطيني والعربي! (مع انه ليس مفاجئا بالنسبة الى كل من لا يدفن رأسه في الرمال) وأصابه بالاضطراب ودوار البحر كما بدا في تصريحات كبار ساسته خصوصا وقد أعلن هذا الموقف في الوقت الذي تعيد فيه (اسرائيل) انتشار جرافاتها و(خرائط طرقها) في كامل الضفة الغربية تمهيدا لبناء منشآت استعمارية جديدة خصوصا في القدسالشرقية والتهام ما بقي من أرض... المعروف أن دوار البحر يشل من يصاب به عن الابداع والحلول الخلاقة للنجاة ويدفع بصاحبه كي يسعى الى النجاة بجلده حتى لو كان طوق النجاة في سمكة قرش! ويبدو بالنسبة الى البعض لا شيء يضارع الرقاد في (الفك المفترس)!. اسرائيل تمضي في مشروعها محاطة بأحن وأرق (الاعداء) العرب بل وأكثر الاعداء لطفا وعطفا على (نوائبها) وهو ما يضايقها ويزعجها (ربما)! فإسرائيل كيان دموي اذا فرغ من التهام ضحية راح يبحث عن ضحية أخرى وهو لذلك يسعى وفي اطار سيكولوجيته الدموية الى المزيد من الدماء حتى لو أذعنت له كل (مشاريع الفرائس) ورفعت له الرايات البيضاء ولعلم أصحاب هذه الرايات فإن أكثر ما يهيج اسماك القرش ويدفعها للهجوم وابتلاع الفريسة هو اللون الابيض!. (أمريكا المناضلة ضد الارهاب) تدفع بالكيان الصهيوني من خلال دعمها له ليواصل التمرد على الاقليم والعالم... وترسيخ العقاب الجماعي والجرائم البشعة بحق شعبنا الفلسطيني بتغطية أمريكية على الصعيد الدولي، (أمريكا) تعرف الارهاب بالدفاع عن النفس حين يكون الارهاب مصلحة أمريكية، تلك كانت عقيدة الآباء المؤسسين تجاه الهنود الحمر، وعقيدة الآباء المؤسسين للكيان الصهيوني أمثال ابراهام شتيرن وجابوتنسكي، (أمريكا المناضلة ضد الارهاب) هي من أسس ودعم ومول عشرات (الجماعات الراديكالية) بهدف ابتزاز نظم سياسية حاولت الخروج يوما عن سكتها، وهي التي حرضت دولا عربية صديقة لها بعدم احتواء الآلاف ممن وصفوا بالمجاهدين العرب بعد (فتح كابل) واعادة دمجهم في الحياة المدنية في دولهم، لتستمر في ابتزاز دول مشكوك في ولائها أو ولاء أجنحة داخل أنظمتها السياسية ولم تحسب يوما أن هذه «الجماعات» ستخرج عن النص وستنقلب عليها وعلى أصدقائها بل وتناست «أن الساحر ليس بالضرورة أن يسيطر دائما على الكائنات التي يصنعها»!. (أمريكا المناضلة ضد الارهاب) تعلم علم اليقين أن العدالة وحدها هي من ينهي الارهاب وأن لا عدالة مع الاحتلال والقمع والعنصرية بل تعرف أن مجرد (القمع بهدف الإخضاع ارهاب) بموجب اتفاقية جنيف 1892 فما بالها بالاحتلال الفاشي الدموي الصهيوني في فلسطين والذي تحرمه كل القوانين والمواثيق والشرائع الدولية... الرئيس أوباما لم يحتمل أن تحظى دولة عربية ليست معادية له باستضافة كأس العالم وبعد اثني عشر عاما من الآن ! وهو الذي عانى مع سلالته من العنصرية .. أمريكا ( الإدارات بالطبع) ترفض ومع سبق الإصرار عقد أي مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب حتى لا يطال الأمر( إسرائيل) وحتى لا تقر بالخط الفاصل بين المقاومة الوطنية و(الإرهاب) والخط الفاصل بين الثائر الوطني والسفاح. (أمريكا) تتصرف كقوة إلهية وفوق كل الأديان السماوية وشرائعها ونواميسها، فوق القوانين الدولية، فوق ميثاق الأممالمتحدة الذي وضعته وصاغته هي مع الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، فميثاقها هو الأعلى، جائر وظالم ومصدر (الشرور) كما قال فيها الرئيس شافيز ومكرس فحسب لدعم مصالحها ومصالح زبائنها وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني العنصري الإرهابي المستعمر لارضنا العربية، (أمريكا) تدعم كيانا فاشيا (سحب دماء الفلسطينيين لمداواة اليهود بقرار من (البيت الأحمر) في تل أبيب آنذاك وبقرت عصاباته بطون الأطفال في دير ياسين وقطعت رؤوسا وحرقت أجسادا لأطفال أبرياء هناك...وحقنت الآبار بالتيفونيد والكوليرا وسممت الحمضيات والقول للكاتب الأمريكي «الن بابيه» في مؤلفه الجديد (التطهير العرقي في فلسطين ) ولا نريد فتح ما لدينا فهو معروف لكل من اطلع على جرائم الكيان الصهيوني وعصاباته المؤسسة (أحزابه الحاكمة اليوم)، وهي الجرائم التي لا تزال مستمرة ومرة أخرى بحماية أمريكية على الجبهة الدولية مكنت قادة هذا الكيان من الإفلات من كل عقاب دولي، كما مكنته من مواصلة حصاره لقطاع غزة دون أن ترمش لها عين...(أمريكا) تمارس كل هذه السياسات ثم تسأل بعد ذلك: لماذا تجافيها الشعوب العربية والإسلامية بل تعاديها!.. إن الواقع ينبئنا أن لا سبيل للثقة بها في ظل كل سياساتها المتحيزة والظالمة والعدوانية حتى لو أنفقت موازنتها على (محاولات التطبيع) مع هذه الشعوب!. تعلمنا في المدرسة قبل زهاء ستين عاما حكاية بليغة الدلالات ولطالما كانت ملهما للسياسيين...قصة ( العصفور والصياد) فقد أطلق صياد (النار) على العصفور...سقط العصفور وكان يرتجف (بكى) الصياد على رعشة العصفور الأخيرة ثم اخرج سكينه وذبح العصفور، كان ثمة صديقان يراقبان المشهد قال أحدهما لصديقه: انظر الى الصياد كيف تنهمر دموعه وهو يذبح العصفور فأجابه صاحبه: لا تنظر الى دموع الصياد بل انظر الى السكين التي في يده! تلك هي (أمريكا) تجاهنا وكل ما عداه أوهام وأضغاث أحلام، ختاما وإذ (وصلنا الى خيارين أحلاهما مرّ: الغرق أو سمكة القرش فان الخلاص يتطلب معجزة والشعب هو المعجزة والملاذ الذي لابد من العودة الى أحضانه وإرادته الوطنية! وبعده كل خيارات سياسية وطنية أخرى، لقد حان الوقت للتخلص من انتظار المطر من السراب الأمريكي!!