٭ تونس «الشروق» تغطية: أمين بن مسعود: أكد الباحث التونسي في مجال الحركات الصهيونية الدكتور علي منجور ان النازيين خاصة وكافة الأطراف والمؤسسات والدول المعادية لليهود والمضطهدة لهم يمثلون الحلفاء الاستراتيجيين للصهاينة مشيرا الى أن «المشروع الصهيوني» لن يقف عند فلسطينالمحتلة. وفي محاضرة ألقاها مساء أول أمس ونظمتها جمعية قدماء «الصادقية» قال الدكتور علي منجور «إن الفهم الصحيح للصهيونية لابدّ ان ينطلق من القرن 18 مسيحيا وأن يدرس العوامل والمناخات والسياقات الفكرية والسياسية والدينية التي أفضت الى ولادة الفكر الصهيوني وإلى انعقاد مؤتمره الأول ببازل عام 1897. واعتبر الباحث التونسي ان فهم الروابط الوثيقة والمتينة بين إسرائيل والغرب يحتّم على الباحث التطرّق الى الأصول الفكرية للحركة الصهيونية وتحالفاتها الأولى حتى تظهر الصورة على حقيقتها.. توافق تام وأشار د. منجور في مستهل حديثه عن الصهيونية الى أن المسيحيين يعتقدون في التوراة (الكتاب المقدّس لليهود) طالما انها تمثل الاسفار الخمسة الأولى للانجيل (الكتاب المقدّس للمسيحيين..) مما يعني أن هناك توافقا بينهما فيما يخص «أرض الميعاد» و«شعب الله المختار» حتى وإن اتهم المسيحيون اليهود بقتل عيسى عليه السلام. وأضاف انه لم يتسن للصهيونية اليهودية انجاز اي شيء في غياب مساندة فعالة وقوية ومتواصلة الى اليوم من طرف الصهيونية المسيحية. وفي بسطه لمفهوم «الصهيونية اليهودية» ذكر المحاضر ان اليهودية الحاخامية والتي كانت مسيطرة على السواد الأعظم من اليهود كانت تؤكد انه على اليهود عدم عصيان الربّ وأن بناءهم لدولة إسرائيل وعودتهم لفلسطين لابدّ ان تكون عقب نزول المسيح عليه السلام. وأضاف انه تسنى لرجل دين يهودي اسمه «يهوذا القلعي» (17971877) ان يحدث اول ثغرة في صفوف «اليهودية الحاخامية» وتجاوز بذلك مفهوم «تلمودا بابل» عبر تأكيده انه على اليهود التمهيد لعودة المسيح عبر الرجوع الى «فلسطين» وبناء المستوطنات وأن مسيحا آخر سيسبقه الى «أرض الميعاد» حتى يبشّر بعودة «المسيح الاصلي». وشدّد على أنه بهذا المعطى تسنّى ل «يهوذا القلعي» ان يوحد بين اليهود العلمانيين والمتدينين. وفي تحديده لمصطلح «الصهيونية المسيحية» بيّن المحاضر ان الصهيونية المسيحية تلتقي مع الصهيونية اليهودية في التفسير الباطني للعهد القديم (أي التوراة) حيث تقوم على تعجيل عودة المسيح عبر تسهيل عودة اليهود الى «أرض الميعاد» حتى يعتذروا كلهم من المسيح. تأثر بالصهيونية الدينية وأوضح ان تيودور هرتزل (مؤسس الصهيونية السياسية 18601904) كان شديد التأثر بآراء الصهيونية الدينية وكان جده سيمون هرتزل أحد التلاميذ المقربين للقلعي بمثابة الملقن لهرتزل لأفكار الصهيونية اليهودية والتي أثّرت فيه وعلى مقارباته الفكرية على الرغم من علمانيته وأبرز في المقابل ان «ويليام هيشلار» (18451931) أحد رموز الصهيونية المسيحية ومبعوث الكنيسة «الانقليكانية» في فيانا وأحد أعضاء الديبلوماسية البريطانية في العاصمة النمساوية. التقى بهرتزل في العقد الاخير من القرن 19 وقبيل انعقاد مؤتمر بازل بهشلار وكان لقاء يفوق الجانب الفردي بل كان رسميا وتمثيليا للتحالف الديني الذي كان وسيكون بين بريطانيا وإسرائيل. وأضاف الباحث انه منذ ذاك اللقاء قام هشلار بدور كبير لكي يجتمع هرتزل بأبرز الرؤساء والسياسيين الألمان والبريطانيين بل واجتمع هرتزل بالسلطان عبد الحميد الثاني الذي رفض تسليم فلسطين بأي ثمن. وتطبيقا لقرار رسمي بريطاني تدفقت الأموال البريطانية واليهودية على هرتزل حتى تسنى له تكريس مشروعه الصهيوني على أرض فلسطين وذلك قبل وعد بلفور 1917. وأوضح انه من بين الأسباب التي جعلت بريطانيا تثق في هرتزل أكثر من غيره من الصهاينة هو احترامه للحاخامات ورجال الدين اليهود اضافة الى إقراره بأنه سيكون رأس حربة الغرب المتحضر ضد البرابرة المسلمين. وفي نقاشه لأبرز الملاحظات التي سيقت له، أكد الدكتور علي منجور أن الصهيونية لا يمكنها ان تعيش دون معاداة لليهود وتحريض عليهم مؤكدا بالوثائق ان الحزب الصهيوني كان ممثلا في الأطراف النازية التي قتّلت اليهود وارتكبت بحقهم الجرائم البشعة. وشدّد على ان إسرائيل ستسقط من الداخل وليس من الخارج حيث ان نموذج «الغيتو» الموجود حاليا في فلسطينالمحتلة غير قادر على الاستمرار والمفارقات الثقافية والاجتماعية والدينية ستعصف بإسرائيل وتجعلها أثرا بعد عين..