جسّد الممثل جلال الدين السعدي مساء الثلاثاء بالمسرح البلدي مسرحية «ورقة حمراء» على طريقة ال«وان مان شو» وقد حضرها جمهور محترم من مختلف الأعمار والأذواق لذلك رصدنا ردود أفعال مختلفة متباينة. اختار مؤلفا المسرحية كمال العابد وحافظ الجديدي مشاغل كرة القدم مرجعا الى هذا العمل الفني فكان موضوع المسرحية وثيق الصلة بما يتعرض له الحكام في الملاعب وخارجها من عنف وتهديد وابتزاز وقد ورد في المعلقة التي قام بتصميمها السيد أحمد الباروني ملخص لهذا العمل جاء فيه «يتلقى حكم أثناء إدارة مقابلة نهائية في كرة القدم مكالمة صوتية يمنح على إثرها ركلة جزاء لأحد الفريقين.. «قامت القيامة» ونزل الجمهور الى الملعب فيهرب الحكم وتقع له أحداث مأساوية متتالية تجمع بين الهزل والنقد والفكاهة.. تأكد لنا من خلال متابعتنا المسرحية أن مسألة العنف ضد الحكام لم يكن كما ظن بعض المتابعين مطية للتطرق الى مشاغل أوسع ذات أبعاد انسانية واجتماعية وفكرية وذوقية وحضارية بل كان العمل وثيق الصلة بما يجري أسبوعيا تجاه الحكام.. اللافت للنظر أن الخطاب في مسرحية «ورقة حمراء» بدا مباشرا صريحا الى أبعد الحدود فكان الحديث عن جمهور الترجي والنجم الساحلي وما يختزنانه من كره وعداء كما أن الدعوة الى اللعب النظيف والروح الأولمبية اتخذت طابعا أقرب الى لغة المنابر الرياضية منه الى الخطاب الفني القائم على الخيال والإيحاء مما دفعني الى التساؤل في استنكار هل تحتاج كرة القدم منابر أخرى لتتناول قضاياها وهي التي تكاد تحتكر تلفزاتنا وإذاعاتنا وصحفنا الورقية والالكترونية وجلساتنا ودردشاتنا.. حتى إن سلمنا أن المسرحية أرادت أن تعالج ظاهرة التحكيم بشكل ساخر فإنني أجزم أن الملح والنوادر والحكايات والقصص التي يتبادلها جمهور الكرة أكثر طرافة وعمقا وإثارة وانفتاحا على أبعاد شتى أغنى مما عالجته مسرحية «ورقة حمراء». ومن علامات انشداد المسرحية الوثيق الى ملاعب كرة القدم أنها تفتتح وتنغلق على مشهد يجسده طفل في العاشرة من عمره يقوم بحركات فنية وقد تفاعل معه الجمهور لا لأن المشهد معبر أو مؤثر وإنما لأن أغلب الجماهير مولعة بمشاهدة كرة القدم مما يدفعني الى التساؤل هل أصبح الفنانون يستميلون الجمهور الرياضي في ظل إعراض الجماهير عن المسرح خاصة والفن عامة وهجرته الجماعية الى «كوكب كرة القدم». مفارقة أخلاقية عبّر جلال الدين السعدي في المسرحية عن تطلعه الى أن يتحلّى جمهور الكرة بالروح الرياضية وأن يتخلّى عن الشتائم والكلام البذيء حى يتسنّى للعائلات التحول الى الملاعب.. إلا أن خطابه وقع في التناقض فالمسرحية حافلة بالإيحاءات الجنسية والشبقية التي دفعت أحد الجالسين في المقعد الأمامي في أقصى اليمين الى الخروج مصحوبا ببنتين في منتصف العرض تقريبا وهو ما دفع الممثل الى التعليق مخاطبا الجمهور في شأن الرجل قائلا «حْشمْ» شيء يحشّم فعلا!