منذ مدّة غير بعيدة وبالتحديد في بداية التسعينات وقبل ذلك كانت وحدة الإنتاج التلفزي التابعة لإذاعة صفاقس تتميّز بحضور ملفت في المشهد المرئي التونسي بمختلف البرامج الثقافية والمنوعات المباشرة والمسجلة وحتى برامج الأطفال إلى جانب طبعا نقل المقابلات والتحاليل وحتى برامج الأطفال إلى جانب طبعا نقل المقابلات والتحاليل المرافقة وإن كنت بفعل الزمن نسيت أو غابت عني لحظة كتابة هذه السطور عناوين بعض تلك البرامج وحتى المسلسلات فإن العديد من المشاهدين لازالوا يُذكّرونني ببرنامج رائع ثقافي متميز خفيف ظريف للثنائي المبدع على الدوام رضا بسباس وابتسام المكوّر بُثّ على شاشة تونس 7 أيام زمان. وبمرور الوقت وفي الوقت الذي انتظر فيه «الصفاقسية» أن «تكبر» وحدة الإنتاج التلفزي لتتمرّد على محدودية إمكانياتها وتنتفض كطائر الفينيق بغية تحقيق ذاتها ها أن دورها تضاءل حتى أصبح لا يُرى إلاّ في بعض المناسبات القليلة كنشرات الأخبار الجهوية وطبعا المقابلات الكروية. وكأنّنا بوحدة الإنتاج التلفزي بإذاعة صفاقس اختصّت في كرة القدم فاسحة المجال للتلفزة الأم لتحلّ محلها وتنوب عنها والحال أن عاصمة الجنوب تحتاج إلى أكثر من وحدة إنتاج لتغطية التظاهرات الثقافية الهامّة ومواكبة الحراك الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والتربوي الذي يميّز هذه الولاية المملوءة بالمواهب والفضاءات والمبدعين القادرين على ملء عديد القنوات التلفزية. العديد من المواطنين في صفاقس اليوم وحين طرحنا عليهم سؤال: هل تتذكرون برامج أنتجتها وحدة الإنتاج التلفزي التابعة للإذاعة هذه الأيام؟ أجابوا بالسلب لأن هذا الجيل لا يعرف غير برامج قنواتنا الوطنية المعروفة بحكم تراجع إنتاج وحدات الإنتاج والتي اسمها فقط ينبئ عن دورها وهو «الإنتاج» يعني المساهمة الفعّالة في تأثيث المشهد المرئي في بلادنا بعديد الإنتاجات والبرامج التي تنطلق من الجهات لتلامس الواقع وتنقل الوقائع وتكون العين النافذة على كل المستجدات والشواغل وتعرّف بالتجارب الجميلة والأفكار الرائدة وتنبشُ في التراث الجميل حتّى لا يندثر ويتآكل بمفعول النسيان. والحديث عن وحدة الإنتاج التلفزي بصفاقس يجرنا حتما إلى مطربي هذه الجهة التي تتوفّر على أصوات ممتازة جدّا وعازفين مهرة بدأت الذاكرة الجماعية تتناساهم بفعل بعدهم عن ضوء الكاميرا شيئا فشيئا ولولا برامج اكتشاف المواهب بالقنوات العربية لما اكتشف الجمهور أصوات أماني السويسي وأحمد الشريف وعماد الجلولي... وغيرهم كثير. كما أن غياب مطربي صفاقس عن الدورة الأولى لأيام قرطاج الموسيقية يطرح أكثر من سؤال.