مازالت قنواتنا التلفزية تتجاهل الكتاب التونسيين، وخاصة الأحرار منهم وأصحاب المواقف والنضالات. وفي المقابل مازالت القنوات نفسها تعتني بمن لا ثقافة لهم... مدربون فشلوا في التدريب، فأصبحوا بقدرة قادر محللين... والتحاليل أنواع!!! قيل، في كل أصقاع العالم، حصلت ثورة في البلاد التونسية... وقيل ان الثورة، ثورة كرامة شملت كل القطاعات... وظل الجميع ينتظر تغييرات جذرية تشمل خاصة الاعلام والقضاء. لكن هيهات... يلزمنا احتياطي كبير من الضمر ومعه صبر أيوب حتى تتغير العقليات... مازال الحذر من الكتاب والكتاب سيد الموقف، ومازالت مسافة الأمان بين القنوات التلفزية والكتاب، هي نفسها ذاتها، عينها على حد تعبير الكاتب الحر سليم دولة. قد يذهب البعض الى تفسير هذه القطيعة المتواصلة بكونها ترد الى أسباب تجارية، كان ذلك كذلك، فرب عذر أقبح من ذنب، لأن ما يمكن يقوله كاتب من أحرار هذا الوطن، عن السياسة أو الثقافة أو الاقتصاد، يتوفر حتما على رصيد جمالي لن يوشك اطلاقا عن النفاذ وقادر كذلك على الاقناع والامتاع. كما أننا في هذا العصر، اذا سلمنا بأن هناك ثورة حصلت في هذا الوطن العزيز، فإنه من الضروري أن تشمل الثورة كل وسائل الاعلام وخاصة منها المرئية لأنه للأسف الشديد هي الأكثر تأثيرا في المتلقي ولما كان ذلك كذلك فإن الشعر والرواية والكتاب والكتاب، يجب أن يتوفر لهم فضاء من خلاله يقدم الكتاب الحقيقيون، مواقفهم ورؤاهم، ومن خلاله أيضا ولخاصة يخاطبون «القارئ» فينا... هذا «القارئ» الذي قتلته وسائل الاتصال الحديثة أو كادت... وأبادته السياسة التعليمية، والرؤى والمخططات السياسية الفاسدة للنظام الفاسد الذي أبى أن يعطي لشعبه ثقافة ومعرفة كان يفتقدها. لن نبكي على أطلال الماضي، لكن التاريخ لن يرحمنا ولن يرحم اعلاما برامجه قريبة الى التظليل والتهميش أكثر منها الى التثقيف والتعليم. لقد مللنا برامج التعاسة وفضح أسرار العائلات، وكرهنا برامج كرة قدم تتحدث عن أخطاء التحكيم ومشاغل المسؤولين تاركة الكرة خارج الملعب. اليوم نحن كشعب في حاجة الى أطروحات ثقافية، اجتماعية، والى أفكار اقتصادية وسياسية تنهض بالبلاد والعباد، ودور المثقفين أكثر من ضروري، فكافانا أرجوكم من التفاهات فزمن «عند كشي عندي» قد ولى وفات....