مصدر قضائي: رفض طلب التراجع عن المحاكمة عن بعد ومطالب الإفراج في ما يعرف ب "قضيّة التآمر على أمن الدولة 1    تونس باش تولّي تنتج أمّهات الدواجن    عاجل : رئيس النجم الرياضي الساحلي زبير بية يقدّم استقالته    صدور مجلة "جيو" الفرنسية في عدد خاص بالتراث التونسي    رجل أعمال يغتصب قاصرا ويتسبب في حملها!    الكاميرون: إعادة انتخاب بول بيا لولاية ثامنة في سن 92 عاماً    صادم: 25% من التوانسة بش يمرضوا بالسكّري    عاجل: أخصائية تحذّر التوانسة...''لمجة صغيرك فيها 13 طابع سكر''    لتحسين النوم.. هذه الفترة اللازمة لتناول المغنيزيوم    السبيخة: صياد يصيب طفلا بطلق ناري على وجه الخطأ    للتوانسة: الأفوكادو والمنڨا صاروا في نابل!    "غزة في عيون تونس" مبادرة فنية تشكيلية لتفعيل دور الفن كوسيلة للمقاومة    الكشف عن إخلالات وتجاوزات في تنظيم العُمرة.. #خبر_عاجل    إعطاء إشارة انطلاق المبادرة الوطنية التشاركية للوقاية من السلوكيات المحفوفة بالمخاطر    عاجل/ البريد التونسي يُكذّب هذه الشائعة المُنتشرة على مواقع التواصل    قبلي: حجز واتلاف كمية من الاعلاف الحيوانية وتنظيف خزانات ومحطات تحلية المياه    درة ميلاد: قطاع النقل الجوي فوّت على السياحة فرصا كبرى وخاصة في الجنوب التونسي    عاجل/ حالة إحتقان بهذه الجهة بعد حادث مرور قاتل    بطولة العالم للتايكوندو: إنسحاب فراس القطوسي وعائشة الزغبي من المسابقة    تنشط بين ليبيا وتونس.. تفكيك شبكة إجرامية دولية في مجال ترويج المخدرات    عاجل في تونس: تخصيص ألف مسكن لمنظومة ''الكراء المملّك'' في 2026    نابل: توقعات أولية بإنتاج القوارص في حدود 270 ألف طن ودعوة لاتخاذ إجراءات لتيسير عملية ترويج المنتوج    بالفيديو: مروى العقربي تُعلن ارتباطها رسميّا    ملقتى المبدعين التونسيين في المجالات التكنولوجية والرقمية يوم 29 اكتوبر الجاري بمدينة الثقافة    خطير: نصف الأرصفة في العاصمة "مُحتلّة"!!    عاجل : النادي الإفريقي يعلن عن تعليق فوري لعضوية محمد الشافعي بسبب بهذه التجاوزات    أحدهم كان في طريقه للجزائر.. القبض على اثنين من عصابة متحف اللوفر    سليانة: تلقيح أكثر من 50 ألف رأس من الأبقار ضد الحمى القلاعية والجلد العقدي    كأس الكاف: قائمة الفرق المتأهلة إلى دور المجموعات    عاجل/ الإطاحة بمروّع النساء في جبل الجلود    المعهد العالي للبيوتكنولوجيا بباجة أول مؤسسة تعليم عالي في تونس تتحصل على الاشهاد الاول وطنيا في نظام ادارة البيئية    بالفيديو : صوت ملائكي للطفل محمد عامر يؤذن ويقرأ الفاتحة ويأسر قلوب التونسيين...من هو؟    هامبورغ تتصدر مجددا قائمة الولايات الأكثر سعادة في ألمانيا    شوفوا أحوال الطقس : تقلبات جوية بداية من ليلة الخميس    البطولة العربية للأندية النسائية للكرة الطائرة: برنامج مباريات اليوم    رسالة من صاحبة "أكبر شفاه في العالم"    زواج إليسا ووائل كفوري: إشاعة أم حقيقة؟    فيروس ''ألفا'' ينتشر في تونس: أعراض تشبه ل''القريب'' وماتنفعش معاه المضادات الحيوية!    صحة التوانسة في خطر: حجز عُلب طماطم ''منفوخة''    برنامج "The Voice" يعود من جديد.. ومفاجأة في تشكيلة لجنة التحكيم    البطولة العربية للأندية النسائية لكرة اليد - اربعة اندية تونسية في الموعد من 1 الى 9 نوفمبر المقبل بالحمامات    خبراء يحذرون: هذه الأطعمة يجب ألّا تُحفظ في باب الثلاجة    تحطم طائرتين تابعتين للبحرية الأمريكية وسقوطهما في بحر الصين    كيف سيكون طقس الاثنين 27 أكتوبر؟    هيئة أسطول الصمود تكشف عن مصير تبرّعات التونسيين.. #خبر_عاجل    ابتداء من اليوم: الصيدليات الخاصة توقف العمل بصيغة "الطرف الدافع" للأمراض العادية    هجمات بمسيّرات تستهدف العاصمة الروسية.. وإغلاق مطارين    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مقابلات الدفعتين الأخيرتين للجولة الحادية عشرة    سلسلة فيفا لدعم كرة القدم النسائية - المنتخب التونسي يحقق فوزا عريضا على نظيره الليبي 16-صفر    ترامب يغادر ماليزيا إلى اليابان بعد مراسم وداع مميزة في مطار كوالالمبور    حجز أكثر من 7.6 طن من المواد الغذائية الفاسدة وغير الصالحة للإستهلاك..    دعوة لتوجيه الدعم الى زيت الزيتون    نهار الأحد: سخانة خفيفة والنهار يتقلّب آخر العشية    رئيس الدولة يستقبل التوأم الفائزتين في تحدي القراءة العربي بيسان وبيلسان..    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشائيات: حالة اكتئاب
نشر في الشروق يوم 07 - 01 - 2011


إلى الصديقة هادية بجندوبة...
لماذا يبدأ النهار بالصباح؟ تحت لحافي مغمضة العينين، أسمع صوت زخات مطر خفيفة، أتخيلها أمطاراً طوفانية، وأتصور الدنيا غيماً، أخبئ رأسي تحت اللحاف كفأر يبحث عن جحر يؤويه من الفزع، لا أدري كم الساعة ولا رغبة لي بالمعرفة، لا رغبة لي بالعمل أو بلقاءات أو أي شيء، أريد الاندثار، عدم الوجود، التبخر. محاولة وهمية لاسترجاع شذرات من أحلام الأمس، لكن كم هي سخيفة هذا الصباح، الذاكرة مختارات من الصور، بعضها لا يمكن استرجاعه،حالة اكتئاب صباحية، من أين تأتي الكآبة ؟ هكذا دون سابق انذار؟ تتمدد، تكبر، تفترش القلب والفكر والأحلام، كدود زاحف يعشش في أحداقي، تحت جفوني المغمضة باصرار هذا الصباح، ايقونة حمراء بلون الدم.
من أين تأتي تلك الكآبة اللعينة،تأخذك من عنقك، خانقة قاسية، تترك الجهد جانباً، تستسلم خشية من الانهيار، دوامة الفناء تدفعك إلى التلاشي، أخطبوط تلتف حولك، نهمة، جبارة، تأكلك، تخنقك، تبتلع عزمك وشغفك وحبك للحياة ، تجد نفسك عاجزاً عن الحركة، عن التنفس، عن الحب، عن التفكير، الكآبة تحوم حولك هوائية، ترفرف لا تلمسك، تدور، تحدد حدود ارادتك وحركاتك، كأفلام الصور المتحركة، فجأة ينفجر الحزن والألم، تدخل الروح من ثغرة في أعماقك وتخنقك لتتلذذ كالخطيئة اهمالك لها،تتمدد، تتكسل. يبدأ الأخطبوط في زحفه بصمت وتموجات هادئة للروح، تتمالك، تهتز ثم تتمالك، تتدلل، تتعزز، بين مد وجزر، تحاول أنت أن تلقفها، لكن فات الأوان، استلمها الأخطبوط، لم تعد لديك القدرة على كبتها، تمددت وتمركزت وأخذت مكانها تحت الحجاب، وتبدأ تتنفس، تتنهد، احساس بمرض مزمن معد، تتحدث عنه بصوت خافت، علك تبعد شرور لعنته، ربما استلبستنا عدوة الكآبة ان أشرنا اليها أو بحنا بوجودها، الكآبة كالتابعة لا تذكر، تتمرد وتفرز سمها على من تجرأ وتصدى لها، انها مرض لعين، لا يوصف ولا يتعاين، انها آفة تستيقظ فجأة دون انذار بعد فترة تخدير، فتعصر القلب حتى الدموع، وتتسرب في أعضائك بحثاً عن فراش مريح من الروح، تمارس حركاتها الرياضية تحت قفص صدرك، تتلوى كأفعى جامحة، تتكسل وتندفع إلى الأمام، شهيق، زفير، شهيق، زفير، انثناء، انبساط، انثناء، انبساط، تضطرب الأنفاس وتتسارع دقات القلب، وتندفع الدورة الدموية إلى الرأس، وينفجر الألم تحت مطرقة حداد قديمة، ويشتد الصداع، وتظلم العينين، وتهطل الدموع، ويبدأ من حولك يواسيك، وتبرق في العيون تلك الشفقة الحائرة. تحاول أن تضغط على كل ما تملك من ارادة فيندفع الدم إلى رأسك وتسود الدنيا أمام عينيك، ويبدأ فيلم أسود دون بياض يتدرج أمام عينيك، تشعر أنك مذنب، لكن كيف؟ لماذا؟ وفي حق من؟ تحاول الهروب، نحو أشياء، لكن الأشياء تتشابك ويصبح كل شيء تفاهة، تدق الساعة الملعونة، ساعة الزمن اللولبية، ميزان الشيطان، التوازن المبتور، الحزن القاسي، الذنب الأزلي، القرارات المترددة، هروب النفس والواقع، فوضى الأفكار وجحيم الجسد، الملل، الملل الرهيب، الأرق والخوف من الوحش الداخلي، ملتهم الروح، مرارة الوهم.
كيف يأتي كل هذا دون أن تكون النفس معرضة ومؤهلة لذلك، وكأنك تحمل الروح ربطة حول عنقك.
الروح؟ عندما يكون كل شيء على ما يرام، حاول أن تحصرها أو تموضعها؟ الروح لا تتمركز الا عند الأسى المختبئ، الاسم نفسه حزين بما أننا لا نستعمله الا للمجهول المتناقض. أيتها الروح صبرك، أيتها الروح المطمئنة، الروحانيات، كل هذا ضمير مستتر مبني للمجهول.
القلب؟ القلب فرح، القلب عيد، القلب حزين، القلب أحمر، له لون، له دقات، له نزوات وتقلبات تفسر وتشرح وتداوي، هل يمكن أن يكون للروح عيد أو دواء ؟
ما زلت وحدي تحت اللحاف، أشعر في القلب بشوق كسيح، أحمل قلبي فوق كفي، أرفع الغطاء، وأفتح عينا تواجه ضوء الصباح، صوتي يناديني، يسألني : لماذا يأتيك الحزن قنديل مختنق الأنفاس يضيء ؟ لا أدري لماذا، لكن سأفترش اليوم حزني، سأغلق الباب ونوافذي،وسأسبق أحلام الشعراء،سأعتذر عن مواعيدي ووعودي، سأستسلم هذا الصباح بلطف لهذه الكآبة، ربما في المساء، سأنظم أشياء الحياة، ربما غداً سأعلق لحظة الضعف العابرة على المشجب،وأسترجع طاقتي الشاسعة على الفرح، ربما سأكون تلك الأخرى...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.