ككل سكان البلاد التونسية لم يتوقع مواطنو حي التضامن والأحياء الغربية للعاصمة ما يحصل من تواجد للعصابات للقيام بأعمال تخريبية بعد أن حملت ما يسمى ب«انتفاضة الياسمين»... فرغم حالات القلق والحيرة والخوف من المصير المجهول فقد تحلى الجميع بالشجاعة لحماية مناطقهم من أي خطر كان ورغم فرض حظر التجول بعد الأحداث التي حصلت أخيرا والمظاهرات التي أطاحت بالحكم السابق... فقد لمسنا بعض المفارقات العجيبة في مجال الأحياء الغربية للعاصمة فالليل تحول الى نهار... الأطفال تحدوا الخطر وخرجوا الى الشوارع للعب بالخضروف وببراءة كان البعض منهم ينادي بتخلي بن علي عن الحكم. فئة أخرى من الشباب تسلحوا بهراوات ووضعوها جانبا ليتم اجراء مقابلات في كرة القدم... سكان حي التضامن ودوار هيشر ومعتمدية المنيهلة وحي بن خلدون وسيدي حسين السيجومي تكاتفوا وتآزروا لنشر الأمن ولعب البعض منهم دور أعوان الشرطة اذ كانوا يفتشون السيارات الوافدة والغريبة عن الأماكن لينسقوا في ما بينهم تسيير الشؤون... كان المرور من شارع الى شارع عسيرا فقد أقيمت الحواجز قصد صد أي هجوم محتمل للعصابات كما أن مرور شخص غريب يعتبر من المستحيلات حتى أننا استأجرنا مرافقا ليسهل لنا عملية المرور وما لمسناه أن جل الشرائح العمرية كانت تتحدث في الشؤون السياسية بعد أن كان من المحال أن يتفوه أحدهم بكلمة... طيلة عقدين ونيف من الزمن... وكان كل منهم يحلل حسب منظوره الخاص ليلعب البعض دور المطلع وفي المقابل يلعب شق آخر دور المنصت عله يظفر بمعلومات أو تحاليل في شؤون السياسة لم يعهدها من قبل. رحلتنا فاقت ثلاث ساعات لتكون اللبنة أن جل سكان المناطق تشابهوا في السلوك والتصرفات فلا فرق بين مثقف وغير مثقف فكلهم تحلوا بالتضامن وحبهم لبعضهم البعض ليناشدوا الطمأنينة والسلام وكلهم عزم للتصدي لأعمال العصابات المحتملة.