٭ سليانة «الشروق»: عبد السلام السمراني بقايا رصاص.. وآثار أحذية لرجال الحرس الوطني والجيش ودماء متناثرة. خلف إحدى الروابي تنبعث منها رائحة الموت كما الشأن لرائحة الخرطوش الذي تناثر بدوره في منطقة العفية على بعد كيلومترين من مدينة الروحية من ولاية سليانة حيث وقعت اشتباكات بين أعوان الأمن والجيش من جهة وعنصرين ارهابيين لقيا حتفهما بعد أن قتلا بدورهما عنصرين من الجيش التونسي. رحلتنا انطلقت من تونس العاصمة إلى جهة الشمال الغربي وبالتحديد دوار العفية التابع لمعتمدية الروحية من ولاية سليانة. وفي أول مدخل للعاصمة تمركزت وحدات تابعة لأعوان الشرطة والديوانة والحرس الوطني حيث كانوا يفتشون السيارات الوافدة.. نفس المشهد تكرر أكثر من مرّة وقد بدت ملامح الجدية والتحلي بالروح الوطنية لدى جل الأعوان لتكون حالة الاستنفار سيدة الموقف. أثناء السير كانت تخامرني عديد الأفكار لعل أهمها بتفاؤل: كيف سيكون حال سكان تلك المنطقة باعتبار أنها لم تشهد مثل هذه المواقف المتمثلة في اشتباك عنيف بين عناصر الجيش والأمن من جهة وبعض الارهابيين من جهة أخرى. ومن المفارقات التي لمسناها أن العديد من سكان المناطق المتاخمة لمعتمدية الروحية كانوا عاديين فهذا يرعى غنمه وآخر في جولة ترفيهية. في ما كانت بعض النسوة يحملن الماء من إحدى الحنفيات العمومية. شق آخر كان في حالة رعب وبمجرد استفسارنا عن مكان الواقعة نبهونا بعدم التحول وأن الموت قد يكون المصير المحتوم. وكانوا جلهم في حالة تأهب وتآزر لمثل هذا الحدث.. وما زاد في حالات الرعب بعض الاشاعات التي تقول بأن عديد الارهابيين قد تحصنوا بالفرار هذه الإشاعة فندها أكثر من مصدر أمني حيث أكد لنا مدير الحرس الوطني السيد كمال الكلاعي الذي ذكر بأنه في حدود السابعة من صباح يوم أمس أخبرهم أحد المواطنين بأنه يشتبه في عنصرين يحملان أسلحة ليتحرك صحبة أعوانه. يضيف رئيس المركز أن العنصرين الارهابيين شرعا في إطلاق النار بشكل عشوائي ليتحصنا بأحد الأودية.. وفي تلك الأثناء قدمت وحدات أمنية للتعزيز كما الشأن للجيش الوطني لتنطلق الاشتباكات بشكل عنيف ومتواصل دام قرابة الساعة والنصف حيث استشهد ضابط سام يدعى الطاهر العياري ورقيب أول يدعى وليد الحاجي. وفي المقابل تم القضاء على العنصرين وهما يحملان اسمين حركيين (منير وأحمد التونسي) حيث كانا يحملان أحزمة ناسفة وقنابل يدوية وأخرى قابلة للتفجير عن بعد. على عين المكان بدا المشهد رهيبا فتلك المنطقة الهادئة شهدت أحداثا دامية فقد كانت رائحة الخرطوش تعم المكان وبقايا دماء متناثرة للعنصرين اللذين تم القضاء عليهما. وقد تمركزت عديد الوحدات التابعة لعناصر الجيش. ورغم محاولتنا الاستفسار عن وجودهم بعد أن عاد الهدوء كانت الإجابة تصب في خانة أسرار أمنية حتى أننا منعنا من التقاط صور للأعوان لكن ما لمسناه حالات ممزوجة من النخوة بالنصر وإنجاح المهمة وبين حالة الأسى لوفاة زميلين لهما وحالة أخرى من الترقب حول الاطمئنان على صحة زميلهم محمد الصغير الذي هو في حالة حرجة جدا جراء تلقيه رصاصات في أنحاء متفرقة من جسده أثناء المواجهة. في دوار العفيّة حيث دارت رحى الاشتباكات تواجد بعض المتساكنين فتحدثنا مع البعض منهم، حيث ذكر الشاب هاشمي عيسى أنه يعيش حالة من الرعب فهو لم يشهد مثل هذه المواجهة، لكنه كان فخورا بأعوان الحرس والشرطة والجيش الذين نجحوا في المهمة... نفس الشأن للكهل محمد الهادي الذي أضاف بأنه وجلّ سكان تلك المنطقة تسلحوا بهراوات وأسلحة بيضاء لمحاولة صدّ الارهابيين من الفرار. محمد الهادي يشعر بالفخر للتكاتف الذي لمسه بين جلّ المواطنين وعناصر الأمن والجيش... «يحيا الحرس والجيش»، بهذه الجملة ذكر لنا المتساكن الحبيب عماري الذي ذكر بأنه كان ولا يزال يعيش الرعب، لكن في ظلّ التحلي بالوطنية لدى الجميع سيتم القضاء على مثل هذه الخروقات التي لم تشهدها جهة الشمال الغربي منذ عقود.