علمت «الشروق» من مصادر لا يرقى إليها الشكّ أنه طُلب من الرئيس السابق زين العابدين بن علي التنحّي عن الحكم منذ يوم الثلاثاء 11 جانفي، وانه لم يعد مرغوبا فيه لا وطنيا ولا حتى دوليا ومن جميع الأطراف الحليفة لتونس. وقالت هذه المصادر انه خلافا لما روّجته بعض الوسائل الاعلامية الدولية، فإن بن علي غادر القصر في اتجاه ثكنة العوينة حوالي الساعة الواحدة من يوم الجمعة 14 جانفي ولكن طائرته حلّقت في السماء عشية ذلك اليوم. وقد كان يعرف منذ البداية إلى أين ستكون وجهته النهائية أي جدة بالمملكة العربية السعودية وأين ستحطّ طائرته في مسارها إلى هناك. وقالت هذه المصادر انه عندما تمّ إعلام الرئيس السابق بعدم الرغبة في وجوده، كابر في الأول واتصل ببعض مستشاريه الذين أشاروا عليه بالتوجه للشعب بذلك الخطاب الأخير الذي ألقاه يوم الخميس 13 جانفي، والذي لم يجد أي صدى لدى النّاس فأصروا على النزول وبالآلاف إلى الشوارع مطالبين بمغادرته الحكم. لذلك انصاع إلى الواقع خصوصا انه كانت لديه ضمانات بعدم المساس به هو شخصيا وأيضا بزوجته وأبنائه. وقالت هذه المصادر انه من الطبيعي أن يكون الرئيس وقتها مرتبكا وحزينا. وانه عومل بكل احترام من ساعة مغادرته القصر إلى ساعة صعوده إلى الطائرة في رحلة يبدو أنها ستكون أبدية إلى منفى طويل. كما أكدت هذه المصادر التي اشتغلت مع الرئيس السابق لمدة سنوات طويلة، أن انهيار حكم بن علي كان سببه الأول والأخير، استفراده بحكم البلاد، وضعفه الغريب الذي لوحظ خلال السنوات الأخيرة نحو زوجته التي تمكنت منه كل التمكّن، خصوصا بعد أن أنجبت طفلها محمد زين العابدين، فقد أصبح هذا الطفل البريء مصدرا متواصلا لابتزاز بن علي عاطفيا، حيث كثيرا ما عمدت ليلى بن علي إلى حمله معها إلى الخارج كلما تخاصمت مع والده. وقال هؤلاء ل«الشروق» ان زوجته كثيرا ما تدخلت في صلاحيات تعود بالنظر أولا إلى رئيس الدولة الذي كان ورغم حسه الأمني الشديد على علم بأنها أصبحت تتدخل حتى في مسائل أمنية، وذلك بعد سيطرتها على مدير أمن الرئاسة اللواء علي السرياطي، وأيضا على وزير الداخلية رفيق بلحاج قاسم، وان سيطرتها هذه وصلت إلى حدّ مرور التقارير الأمنية اليومية عليها، فتنتقي منها ما تشاء، وتوجهها إلى حيث تريد من وجهة. وحول حقيقة ما كان يروج في الشارع من أن ليلى بن علي كانت تتوق إلى خلافة زوجها في حكم تونس. قالت مصادرنا إنه لا شيء يؤكد لديها أي للمصادر هذا التوق، إلا أنها لا تستغرب أن تكون ليلى قد طمحت إلى أن تكون رئيسة البلاد في ما لو توفرت لها الفرصة، خصوصا أنها كانت تعلم بأنه لا بدّ من ضمانات حقيقية توفر لها حياة مستقرة وآمنة بعد زوجها. لكنها أكدت ل«الشروق» ان زوجة الرئيس المخلوع هي التي كانت وراء اقناعه بإعلان ترشحه لرئاسة البلاد سنة 2014، وأنها استنجدت في هذا المجال ببعض مستشاريه المقربين منه ومنها لمساعدتها في هذه الخطة، فانصاعوا خوفا وطمعا. وذكرت مصادرنا أيضا أن ليلى بن علي عاشت شبه انهيار بعد صدور كتاب «La regente de Carthage» وأنها عولجت بسببه. كما أكدت ان تعاملها مع من في القصر من موظفين وسياسيين كان تعاملا فوقيا، وأن لغتها لم تكن تخلو عند غضبها حتى من الكلمات النابية. وأنها كانت تكنّ كرها شديدا للسيد كمال مرجان الذي عانى من مؤامراتها منذ حلوله بتونس للاضطلاع بمهام وزير دفاع.