رفض الجنرال رشيد عمار رئيس اركان جيش البر (قائد الجيش) إطلاق النار على المحتجين، مشيرا إلى أن جنوده حاولوا حماية المتظاهرين من الشرطة وأعوان الأمن. وذكرت صحيفة الشروق المستقلة امس، أن عمار أكد أنه تمسك باحتضان ثورة الشعب، كما أصدر تعليماته بالمساهمة الجادة في ايقاف عصابات النهب والقتل والتخريب. وقالت إنه في صباح 14 يناير وحين كانت الجماهير تحتج وتطالب بالتغيير، تحول عمار إلى قصر قرطاج، وبعد محاولات عديدة تمكن من لقاء زين العابدين بن علي، وخاطبه «لقد انتهيت»، وطالبه بالتنحي. وأضافت «مثلما كان الجنرال حاضنا لانتفاضة البوعزيزي فقد كان رافضا للامساك بالحكم وتوليه، وحريصا على حماية الدستور والنظام الجمهوري». والمعروف ان عمار (63 عاما) سعي بن علي إلى اقالته لرفضه اطلاق النار على المتظاهرين. كيف استطاع عمار الانتصار على بن علي و هناك لغز كبير لا يوجد جواب واضح له إلى حد الأن في تونس، وهو كيف استطاع الجنرال رشيد عمار قائد جيش البر أن يقلب الطاولة على بن علي في الساعات الأخيرة قبل رحيله رغم وضعه تحت الإقامة الجبرية؟. سيناريوهات عديدة طرحت في هذا المجال، فالعديد من المصادر تقول أن الجنرال رشيد عمار عاد بفضل الوزير الأول محمد الغنوشي، والذي قام بعد لحظات من هروب “بن علي” خارج البلاد عبر طائرته الخاصة باستدعاء الجنرال رشيد عمار، وعهد له بمهمة حفظ الأمن في البلاد عن طريق إعلان حالة الطوارئ وقيادة البلاد من خلف الستار، في الوقت الذي يسعى فيه الغنوشي للانتقال إلى الوضع الجديد وفق أسس دستورية. السيناريو الآخر الذي يرجح أن يكون الأقرب الى الصحة في نظر المراقبين يتمثل في أن الجنرال رشيد عمار والذي وضع تحت الاقامة الجبرية في الأيام الاخيرة قبيل هروب بن علي، استطاع عن طريق نفوذه في المؤسسة العسكرية أن ينتصر في الساعات الأخيرة لرغبة “الثورة الشعبية” عن طريق التخلص من الإقامة الجبرية التي فرضت عليه وأن يقوم بتحريك قواته من أجل الاستجابة الى رغبة الجماهير. ولا يستبعد المرجحون لهذا السيناريو أن الجنرال رشيد عمار لم يكن راضيا على البيان الذي تلاه الوزير الأول محمد الغنوشي ليلة 14-15 يناير، والذي كان يقول فيه بأنه يعوض الرئيس بن علي بصفة وقتية طبقا للمادة 56 من الدستور، وهو ما كان يعني ضمنا أن غياب بن علي مؤقت واحتمال عودته قائم، ولذلك، وبعدها بأقل من 12 ساعة، خرج للإعلام رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع ليعلن أنه هو الرئيس بالنيابة طبقا للمادة 57 من الدستور التي تنص على ذلك في حال غياب الرئيس الدائم. وما يدعم هذا السناريو ما تقوله العديد من المصادر من انه عشية يوم هروب بن علي في 14 يناير 2011، قامت قوات من الجيش بحصار للقصر الرئاسي و لمطار قرطاج، واستطاعت أن توقف هروب العديد من أفراد عائلة بن علي و زوجته ليلي الطرابلسي، وعندما دخلت قوات الامن العسكري قصر قرطاج تبين أن الرئيس غادره منذ ساعة تقريبا عبر طائرة مروحية إلى مطار قرطاج ومن المطار إلى جهة غير معلومة في ذلك الوقت. وقام الجيش التونسي طوال الأيام الاخيرة قبيل انتصار الثورة بالانتشار في العديد من المناطق الحساسة في المدن دون أن يتدخل من أجل فض المتظاهرين أو اطلاق النار نحوهم، وهو ما أعطى صورة إيجابية عن دور الجيش التونسي والتحامه بالشعب وبانتفاضته. وتتكون القوات العسكرية التونسية من حوالي 35 الف جندي، وهو عدد متواضع مقارنة بالأعداد الضخمة من قوات الأمن الداخلي والقوات الخاصة التي أنشأها بن علي، والتي يقدرها المراقبون بحوالي 300 ألف عنصر، وهو ما يفسر الصعوبات التي يجدها الجيش في فرض الأمن أمام مليشيات النظام السابق التي يرجح تورطها في أعمال النهب والسلب التي شهدتها البلاد بعد هروب بن علي.