في ظل الأوضاع الراهنة التي تعيشها بلادنا اليوم بعد اندلاع ثورة الحرية وسقوط الحزب الحاكم الذي بقي جاثما على قلوب الملايين منذ عشرات السنين بدأت الأفواه المكممة تتكلم والضمائر المغيبة تصحو والحريات المقموعة تعود. ولعل ما شاهدناه جميعا في التلفزة التونسية هذه الأيام خير دليل على ذلك فقد لاحظنا جل الإعلاميين يتنفسون حرية فالخطاب الذي كان محظورا وممنوعا أصبح مباحا والأسماء التي كانت مبجلة مقدسة أصبحت ملوثة غير مرغوب فيها ورأينا كيف غاب الخوف ومنطق الأعراف والأمر والنهّي وحضر منطق الاعلام الحر الذي فسح المجال للشعب ليقول كلمته ويعبر عن رأيه ويعلو صوته «لا لجلاد الشعب نعم لإرادة الشعب..» ولأول مرة في تاريخ تلفزتنا الوطنية وحتى التلفزات الخاصة نستمع الى الرأي والرأي المخالف دون قمع أو خوف. نستمع الى تحليلات سياسية صريحة وحرة دون توجيه أو تسيير وبالرغم من تعثر وتلعثم إعلاميي التلفزة وهذا طبيعي لأنهم لم يتعودوا بالتعبير الحر فانهم أكدوا أنهم في استعداد تام لاستثمار هذه الحريات من أجل إعلام حر ونزيه... إن إعلاميي التلفزة اليوم بدؤوا يتنفسون حرية وأطلقوا العنان لأصوات كانت في وقت قريب مخنوقة ونفضوا غبار الخوف والصمت المشحون بالقهر والظلم وتحملوا المسؤولية وامتثلوا الى واجبهم الحقيقي وأعطوا الكلمة الى الشعب الثائر ليتحدث ولأول مرة وبصوت عال وفي تلفزية الوطنية عن قمع الحريات وكبت النفوس وخنق الآراء...فاليوم اذن رأينا التلفزة الوطنية تستعيد شعبها بعد أن هجرها منذ سنين في ذاك الوقت الذي كانت تهلل فيه للحزب الحاكم وتروج لفساده...لذلك لابد أن يعلم كل المسؤولين على وسائل الإعلام أن الاعلام هو صوت الشعب وإذا قيد الاعلام اختنق صوت الشعب.