لم استغرب شخصيا اصرار نقيب الصحافيين الزميل ناجي البغوري فأغلب الاستضافات الاعلامية وحتى في الجلسة العامة الطارئة التي عقدتها نقابة الصحافيين يوم الاربعاء الماضي على التطرق الى موضوع ميثاق شرف المهنة الصحفية وضرورة احترام ضوابط العمل الاعلامي الحر فالساحة أصبحت مفتوحة فعلا خلال الفترة الأخيرة لقول ما يستقيم وما لا يستقيم ولكتابة أشياء في السياسة وفي الرياضة كذلك تجاوزت مبدأ الحرية التي اشتقنا اليها منذ 5 عقود ... سمعنا شتائم في المباشر وذهب بعضنا بقلمه الى حد الخوض في مسائل جنائية هي في الأصل من اختصاص العدالة وحدها موجها الشبهات الى بعض الأطراف وكأننا نريد كاعلاميين الحلول محل القضاة الذين عانوا من الاستحواذ على استقلالية قرارهم!! الساحة الاعلامية أضحت تعج أيضا بمواضيع تخص الفساد والتهم أصبحت تلقى جزافا يمينا وشمالا دون ان يملك الصحفي الدليل على ما يقول وبالطبع كانت تدخلات النقيب في هذه النقطة بمثابة الجرس الذي دق لينبه الى ان الخروج من قمقم الرقابة الادارية والرقابة الذاتية أفرز انفلاتا واضحا واستسهالا للمادة الصحفية. بالتوازي مع موقف النقيب استوقفنا كلام الزميل زياد الهاني وهو ينبه الى ضرورة التفاف الأسرة الاعلامية وطي صفحة الماضي وعدم نبذ زملاء اضطروا بحكم الواقع المفروض عليهم الى ارتكاب أخطاء وانتهاك ميثاق الشرف باحتراف التطبيل للوزير والغفير كما يقول أشقاؤنا المصريون وهذا دون اعتبار المختصين في مدح المراتب العليا. كان زميلنا رائعا ومتواضعا كعادته وهو يؤكد على أنه لا أحقاد بين أبناء المهنة الواحدة وأن مداواة الجروح التي أفرزتها سنوات طويلة من التعتيم وانتهاك حقوق زملاء أكفاء يمر عبر المصالحة بين كافة أفراد الجسم الاعلامي وبناء هيكل مهني يوحد الصحفيين لا ولاء فيه الا للحقيقة والحرية ...كان هذا رأيه ونظنه اختزل اراء أغلبية الصحفيين. لقد كان زميلنا زياد في مستوى المبادئ التي دافع عنها ودفع بسببها الثمن في الوقت الذي اختارت فيه الأغلبية الركون الى الصمت وعدم المواجهة واذا كان هو قد تحلى بهذه الجرأة في زمن عزت فيه الشجاعة وكادت تتحول الى تهمة فاننا ننتظر من الذين ارتكبوا أخطاء كبيرة أن يقوموا بنقدهم الذاتي لفتح صفحة جديدة تؤسس لواقع أجمل يرتقي خلاله الاعلام الى طموحات الشعب التونسي. اعتقادنا الشخصي أن ما يجمعنا أكبر مما يفرقنا ومهما كانت الاختلافات في المواقف والاراء فان شرف الانتماء الى هذه المهنة النبيلة التي أفنى بعضنا فيها نصف عمره هو القاسم المشترك بيننا وهو صمام الأمان الذي سيحمينا من الانزلاقات وهو شعاع الضوء الذي سيقودنا الى اعادة بناء الصحافة الوطنية على أسس صلبة. مسؤوليتنا كصحفيين ومهنيين في هذه اللحظة التاريخية الفارقة والمهمة ليست سهلة لكننا نملك الكفاءة والارادة.