على اثر الاعلان عن تأسيس الجامعة العامة للعمال التونسيين والاستعداد لتكوين نقابات أخرى مستقلة اتصلنا بالسيد عبد ا لمجيد الصحراوي المناضل النقابي الذي تحمل منصب الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل والأمين العام المساعد الحالي للاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي وهو من أبرز الوجوه النقابية عايش من مواقع متقدمة مختلف أزمات المنظمة الشغيلة وهو من الذين تعرضوا للسجن والملاحقة والطرد من الاتحاد ومن عمله في العهدين السابقين حيث أفادنا بأن الثورة المباركة التي انجزها الشعب التونسي قد أقرت جملة من المبادئ التي تنبني على استقلالية السلط الثلاث وكرّست على أرض الواقع الحقوق الأساسية بما في ذلك حرية الاعلام والتنظيم وبعث الأحزاب والجمعيات والمنظمات بما يضمن عملية البناء والانتقال الديمقراطي. وذكر بأن التعددية النقابية وتكوين النقابات تدخل في هذا السياق مشيرا بأن القانون التونسي يضمن حرية التنظيم النقابي تماشيا مع التشريع الدولي وخاصة الاتفاقية رقم 87 حول الحقوق والحرية النقابية، والاتفاقية رقم 98 حول المفاوضات الجماعية وحق التنظيم الصادرتين عن منظمة العمل الدولية والتي صادقت عليها الجمهورية التونسية وأدرجتها ضمن مجلة الشغل التي كرّست مبدأ التعددية النقابية. وأفاد الصحراوي انه بالرجوع الى تاريخ الحركة النقابية التونسية وجب التذكير بأن محاولات تأسيس نقابات موازية للاتحاد العام التونسي للشغل كانت مدفوعة بعوامل سياسية ظرفية تهدف الى إضعاف الاتحاد العام التونسي للشغل لكنها لم تنجح على المستوى الوطني لأنها غير نابعة من الارادة العمالية حيث لم تكن لها قاعدة عمالية كافية مما انجر عنه عدم الاعتراف بها دوليا. ولذلك حلّت نفسها بنفسها وعادت الى الاتحاد العام التونسي للشغل. وبيّن الصحراوي انه كمناضل نقابي منتمي الى الاتحاد العام التونسي للشغل يعتقد انه لا يمكن لأي كان الاعتراض على تأسيس النقابات لكن يبقى ذلك مشروطا بعامل أساسي وهو قدرتها على تعبئة القاعدة النقابية والمشاركة في المفاوضة الجماعية واعتمادا على قدرتها التمثيلية. وأشار بأنه في إطار الحرية والتعددية السياسية والنقابية اثر الثورة الشعبية التي تشهدها تونس برزت مطالب أخرى لتأسيس نقابات في القطاع الأمني والديواني وارجاع الشرعية لنقابة الصحافيين بعد ان تم السطو عليها ومحاولة تدجينها. وأكد الصحراوي ان التعددية النقابية في المنطقة المغاربية موجودة بكثافة في المغرب الأقصى والجزائر وموريتانيا ومعترف بها دوليا وتشارك المنظمات الأكثر تمثيلية في المفاوضات الاجتماعية. أما في ما يتعلق بالشأن الوطني أكد الصحراوي ان الساحة النقابية متسعة للجميع وأن المحك هو القدرة على التعبئة والدفاع عن مصالح العمال وتحقيق المكاسب لفائدتهم. وأوضح ان المطالب الموجودة حاليا والتي تعبّر عليها عدة فئات عمالية والتي تتمثل في الانضمام الى الاتحاد العام التونسي للشغل وتأسيس نقابات في مختلف المؤسسات تتطلب من الاتحاد العام التونسي للشغل إعادة النظر عاجلا في هيكلته الحالية. وهذا العمل يكمن في السعي الى تنظيم وتطوير الانتساب النقابي لدى عمال القطاع الخاص والإطارات خصوصا وأن عدة قطاعات وفئات مهنية عبّرت منذ مدة عن رغبتها الشديدة في التنظيم النقابي. ولا يمكن للاتحاد ان يفوّت عليه هذه الفرصة وذلك بالانفتاح على القطاعات بهدف ضخ دماء جديدة وتكوين إطارات نقابية كفئة تضمن قدرة عالية في التنظيم ورسم التصوّرات والمشاركة الحرّة في البناء المجتمعي كما ان العمل في اتجاه تطوير هيكلة الاتحاد لابدّ ان ينبني على ضرورة إقرار عقلية التداول على المسؤوليات، في مختلف هياكل الاتحاد مع توسيع مشاركة المرأة وخاصة الشابة. إن كل هذه التغييرات تتطلب بدورها اتحادا أكثر تنظيما ومواكبا للتطوّرات النقابية الدولية العصرية وبعيدا عن عقليات ركوب الأحداث والموالاة والمحاباة ومعتمدا الديمقراطية والتعددية واحترام حرية الرأي من اجل استيعاب كافة الفئات مع التمسّك بما نصّت عليه قوانين المنظمة وما تضمنته من مكاسب لا يمكن التفريط فيها. وختم الصحراوي قوله بالتأكيد على ضرورة تمسّك النقابيين بثوابت المنظمة واستقلاليتها عن كافة الأحزاب والحذر من محاولات السطو عليها وتوظيفها في مسارات بعض التوجهات التي لا تخدم الطبقة العاملة. ودعا الى العمل من اجل تكريس صحوة نقابية تتماشى وروح الثورة الشعبية المجيدة وتقوم على التمثيل الحقيقي للعمال والإخلاص في الدفاع على مصالحهم وجعل الحركة النقابية تلعب دورا رياديا في صيانة وتطوير مكتسبات الثورة باعتبارها رافدا حقيقيا منذ سنين من روافد الحركة الشعبية الديمقراطية في بلادنا.