(كاتب تونسي) ... وانتفض الشعب المصري بدوره هذه الأيام وقد قدم له الشعب التونسي مثالا ملحميا في كسر القيود التي تكبّله ومناشدة حياة أفضل يسودها العدل وتنبني على المساواة والحرية والديمقراطية المسؤولة.. وحين تأجّجت شعلة الإرادة التواقة عبر الشوارع والساحات والمدن والأرياف حاول النظام المصري البائد ترقيع ما يمكن ترقيعه في أشلائه المهترئة وطلعت علينا أسماء لوزارة بديلة كان منها مع الأسف للثقافة الكاتب د. جابر عصفور.. صاحب المؤلفات العريقة والذي ساير التاريخ العربي المعاصر في رجالاته وأدبائه.. هكذا قبل من كان يلقّب بالكاتب الحر أن يتربّع على كرسي الثقافة في زمن يُزهق فيه دم المصريّ الحرّ، المطالب بالعدالة الاجتماعية.. في زمن جنّد فيه النظام وأتباعه الذين ظلّوا عهودا يمتصّون دماء العمال ويحيلون الشباب المصري على البطالة واليأس رهطا من «البلطجية» يقولون إنهم لصوص ومرتزقة ومجرمون هاربون من العدالة ومتحالفون معها عند الاقتضاء.. وقد يكون هؤلاء «البلطجية» هم، في الواقع، أنصار يعيشون على فُتات السادة وفضلات صحونهم وكؤوسهم.. وقد يكونون من الذين كانوا يهبّون لإخماد أيّ صوت حرّ ويخنقونه وهو يحاول الصراخ.. هكذا تآمرت يا جابر عصفور ضد مصر العظيمة.. ضد مصر طه حسين والعقاد ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويحيى الطاهر عبد اللّه.. و.. و.. هكذا خنت ما كنت تكتبه في كتب وصفحات مجلاّت.. مدّعيا كرامة المفكّر، ومدافعا عن الحريات.. وكان الوزير السابق فاروق حسني الذي ارتكبت في عهده الطويل على كرسي الثقافة أبشع التجنيات على من له رائحة ثقافة وعلى كنوز الثقافة المصرية وحضارتها ومتاحفها.. ولم يفكّر النظام البائد قط في تغييره وتحرير الثقافة المصرية منه.. هكذا تربّعت على كرسي دنس، قذر.. والشعب المصري بشبابه وكهوله ونسائه المقهورين يزحف نحو الساحات مطالبا بعصر أفضل وبالحق في الخبز والكرامة والديمقراطية والثقافة المتحرّرة.. تربّعت على كرسي ومن حولك ترتفع هتافات المطالبة بالنور والضياء وكرامة الانسان.. هل أصبحت يا جابر عصفور «بلطجيا» مثقفا تهجم على الشعب الأبدي الكادح «بجمل» يُذكّر بحروب داحس والغبراء وأيام العرب في عصر الأنترنيت والصواريخ وال«فايس بوك».. هنيئا لك يا جابر عصفور!.. هنيئا لك.. لقد أصبحت وزيرا للثقافة حتى لأيام قليلة..، ولكن.. هل ستظلّ تطلّ علينا في السجلات ك«دبي الثقافية» وتلقّننا دروسا في الوطنية وحرية التعبير وحق الشعوب في التحرّر؟؟.. أخاف عليك من مصير «يوسف السباعي».. أخاف عليك، بل أتوقّع لك انتفاضة أحرار هذه المرة وستكسّر قلمك.. وتنكمش على نفسك وسيلفّك رداء الخيانة والجبن ولاخرس.. هنيئا لك يا جابر عصفور على كرسيّ الثقافة!.. هنيئا لك على كرسي منتصب في دماء الشهداء والأحرار.. هنيئا لك على أيام «فرعونية».. وبعدها.. بعدها.. سيلفّك الشتاء القارص.. سيلفّك..