عمّت فرحة عارمة أمس كامل أرجاء مصر احتفالا بسقوط نظام حسني مبارك الذي حكم البلاد طوال ثلاثة عقود كاملة بالحديد والنار. وأنهى المتظاهرون الذين اعتصموا 18 يوما في أماكن مختلفة من البلاد حقبة مبارك وسط أنباء من مصادر متطابقة عن مغادرته الى الامارات. وأعلن نائب الرئيس المصري السابق عمر سليمان أمس في بيان عبر التلفزيون الحكومي أن الرئيس حسني مبارك قرّر التخلي عن منصب رئيس الجمهورية وكلّف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد. وأكدت جهات رسمية أن وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة حسين طنطاوي تسلّم مقاليد السلطة واحتفل قطاع غزة بدوره بسقوط حسني مبارك، حيث أطلق الأهالي أعيرة نارية في الهواء احتفاء بالحدث المهم. كما تقاطر عدد كبير من الأردنيين على السفارة المصرية بالعاصمة عمّان للاحتفال بسقوط النظام. وعاشت مصر أمس يوما احتجاجيا استثنائيا شاركت فيه قطاعات واسعة من الشعب المصري مما أدّى بالجيش الى التدخل ليحسم النزاع القائم بين السلطة والجيش، حيث حاصر المتظاهرون مبنى التلفزيون المصري على «كورنيش» النيل وطوّقوا قصري الرئاسة بكل من العاصمة ا لقاهرة والاسكندرية. قصر العروبة وتوجّه عشرات الآلاف الى مبنى قصر العروبة مندفعين بسخطهم من خطاب الرئيس المخلوع الذي أعلن فيه بقاءه في منصبه مع تفويض صلاحياته لنائبه عمر سليمان. وأفادت مصادر عليمة أن الطريق نحو القصر الرئاسي على بعد 22 كيلومترا من ميدان التحرير كان خاليا وبلا حواجز بيد أن محيطه كان مسيّجا بأسلاك شائكة مع وجود عشرات من الحرس الجمهوري لحمايته. وأضافت أن ضباط الجيش تفاوضوا مع المتظاهرين وحاولوا إقناعهم بالعودة الى ميدان التحرير باعتباره أكثر أمنا وأنسب للتظاهر مؤكدين (أي الضباط) أن مبارك غير موجود في القصر. وفي الإطار ذاته أعلنت مصادر إخبارية عن اندلاع اشتباكات بين أنصار مبارك ومعارضيه مشيرة الى أن مؤيدي حسني مبارك اتهموا المعتصمين بإغراق البلاد في الفوضى وعدم الاستقرار وبالسعي الى تحقيق مآرب شخصية. وعبّرت جهات سياسية وأمنية مطلعة عن خشيتها البالغة من حمام دم قرب «قصر العروبة» مستدلة على خشيتها من انتصاب قنّاصة فوق القصر لاستهداف المتظاهرين. ضمان إنهاء الطوارئ وفي بيانها الثاني أعلنت القوات المسلحة المصرية أمس عن ضمانها لإنهاء حالة الطوارئ وإدخال إصلاحات سياسية وافق عليها مبارك. وحذّر البيان «رقم 2» للمجلس الأعلى للقوات المسلحة من مغبّة المساس بأمن البلاد مؤكدا أن إنهاءها ل«الطوارئ» سيبدأ عقب انتهاء الظروف الراهنة المتمثلة في الاحتجاجات. وبالتوازي مع هذه المستجدات، دعا ائتلاف «ثورة 25 جانفي» عمال مصر بجميع طوائفهم الى الاعتصام والعصيان المدني داخل المصانع والمعامل والورش بدءا من اليوم السبت بما يعني الدخول في عصيان مدني شامل. ودعا بيان الثورة الى تجنّب أي تصادم مع أي مسؤول إلا بالحسنى والكلمة السلمية. وحثّ العمال على حماية الماكينات والمصانع ممّن وصفهم ب«مخربي الحزب الحكومي السابق وفلول الأمن الهارب». وأضاف أن اليد الواحدة لا تصفق وأن التاريخ سيسجل هذه الثورة الشامخة، فلو سقط حسني مبارك سيسقط جميع الفاسدين والمفسدين. ولم يجد مبارك، حيال الثورة الشعبية المتسعة باطّراد مستمر حلاّ سوى مغادرة القاهرة، حيث أكدت وكالة الصحافة الفرنسية أن الطائرة التي أقلّت مبارك وأسرته من القاهرة حطّت في شرم الشيخ بسيناء. وأشارت الى أن 3 طائرات هيلوكبتر حلّت مساء أمس بقصر العروبة.