القاهرة وكالات دعا المعتصمون في ميدان التحرير بقلب القاهرة أمس في اليوم الرابع عشر للاحتجاجات الشعبية التي تطالب بتنحي الرئيس حسني مبارك، إلى توسيع نطاق تلك الاحتجاجات رغم بدء حوار بين عمر سليمان نائب الرئيس وعدد من القوى السياسية على رأسها جماعة الإخوان المسلمين. يأتي ذلك فيما قالت وسائل إعلام حكومية مصرية ان السلطات قلصت ساعات حظر التجول اعتبارا من يوم أمس ليبدأ من الثامنة مساء بدل السابعة مساء، إلى السادسة صباحا. وكشفت مصادر قريبة من المعتصمين في ميدان التحرير بقلب القاهرة عن فكرة يدرسها المحتجون حاليا للتوجه إلى القصر الجمهوري وعدد من الأماكن «حتى لا يمكن النظام من إطفاء جذوة الثورة». جاء ذلك في وقت واصل فيه المحتجون التدفق على ميدان التحرير بأعداد متزايدة أمس بالقياس للفترة الصباحية التي شهدت محاولات من الجيش لتضييق الساحة التي يتجمع بها المعتصمون، لفتح طرق للسيارات وتسيير الحياة اليومية للمواطنين. وقال أحد المتظاهرين في الميدان إن هناك مخاوف من محاولات الجيش للتضييق على المعتصمين مشيرا إلى أنه جرى التصدي لعمليات تحريك الآليات العسكرية المحيطة بالميدان من خلال سلاسل بشرية، كما تحدث محتجون عن منع وصول الطعام إليهم. وكان المعتصمون بالميدان اندفعوا أول أمس لوقف تحركات لقوات الجيش تستهدف -وفق ما يقولون - تضييق المساحة التي يحتلونها في الميدان. ويقول مراسلون صحافيون إنه بعد فشل الأمن اقتحام ميدان التحرير، بدأ النظام المصري يستخدم أسلحة أخرى في محاولة لتضييق مساحة الميدان بدخول الدبابات إليه وبالتالي تقليل عدد المتظاهرين، وكذلك إدخال بعض العناصر لإحداث بعض البلبلة والتشويش الفكري للتأثير على المتظاهرين ومحاولة إظهار أنهم معزولون عن المجتمع. وأطلق المعتصمون على يوم أول أمس «أحد الشهداء» حيث أقام المسلمون صلاة الغائب والمسيحيون قداس الأحد، تخليدا لذكرى من قتلوا شهداء خلال مظاهرات بدأت في الخامس والعشرين من الشهر الماضي.
غضب بالمحافظات
وفي الإسكندرية، يواصل المحتجون اعتصامهم في ميدان سيدي جابر، تضامنا مع زملائهم في ميدان التحرير. وقد جابت المظاهرات أمس شوارع المدينة ومرت بالأحياء الشعبية، ونصب المتظاهرون الخيام للبقاء هناك. وفي المنصورة قال أمس صحفي بجريدة «المصري اليوم» إن نحو ربع مليون متظاهر خرجوا أول أمس للمطالبة بسقوط النظام. كما شهدت المدينة اشتباكات بين مجموعة من البلطجية والمتظاهرين استخدمت فيها قنابل المولوتوف والأسلحة البيضاء، مما أدى لإصابة نحو ثلاثين شخصا بجروح قطعية، بينما وقف الجيش على الحياد. وقال ممدوح عرفة أيضا إن مظاهرات المنصورة امتدت على مسافة كيلومترين، ومرت على مراكز الأمن وشاهدها ضباط الأمن بدهشة، إلى أن استقر بهم الأمر في ميدان وسط المدينة حيث صلوا صلاة الغائب على أرواح ضحايا المظاهرات بعد صلاة الظهر. وفي مدينة السويس خرجت مظاهرة حاشدة جابت شوارع المدينة وشارك فيها الآلاف إضافة إلى القوى الوطنية والمعارضة، مرددين هتافات مطالبة برحيل مبارك ونظامه، مؤكدين أن المظاهرات ستستمر بالتزامن مع ما يحدث في ميدان التحرير. وأعلن متظاهرون بالسويس عزمهم التوجه إلى ميدان التحرير لدعم المعتصمين هناك. كما شهدت مدن المحلة الكبرى والزقازيق وطنطا وبني سويف وأسيوط ودمنهور والعريش مظاهرات حاشدة تطالب برحيل مبارك، رغم محاولات منع وتخويف من قبل مجموعات مرتبطة بالحزب الوطني الحاكم.
مصاعب أمام الحوار
في غضون ذلك، مازالت المصاعب تعترض الحوار بين المعارضة المصرية والحكومة بهدف الخروج من الأزمة الراهنة، خاصة بعد إصرار ائتلاف شباب الثورة على رفض التحاور قبل رحيل الرئيس حسني مبارك، ومقاطعة الحزب الناصري للحوار وإعلان الإخوان أن جولة أول أمس لم تحقق أي نتائج ملموسة. فقد أكدت قيادات ائتلاف شباب الثورة الذي يضم المجموعات المنظمة للاحتجاجات رفضها القاطع لجميع أشكال الحوار مع الحكومة، معتبرة أن «كل من يقول إنه يتفاوض باسم الائتلاف لا يمثل إلا نفسه لكون شباب الثورة لم يكلف أي أحد بالقيام بهذا الدور». وقال ناصر عبد الحميد أحد ممثلي الائتلاف أمس إن البيان الصادر عن الحكومة الجديدة مفرغ ولا يحمل أي جديد ولا يتعدى مجرد وعود، مشيرا إلى أن النظام مصمم على التفاوض «مع أشخاص انتهت صلاحياتهم، لذلك لا يمكن أن يؤدي ذلك إلى أي نتيجة». ويطالب ائتلاف شباب الثورة بضرورة رحيل مبارك وتعديل بنود الدستور المتعلقة بالترشح لمنصب الرئاسة وحل مجلسي الشعب والشورى وإنهاء حالة الطوارئ وتشكيل حكومة إنقاذ وطني يكون على رأسها شخص يحظى بثقة الجميع. في الأثناء أعلن الحزب العربي الناصري أنه قاطع الاجتماع الذي انعقد بين الأحزاب السياسية ونائب الرئيس، وأنه علق مشاركته في جلسات الحوار ما لم تتم الموافقة على رحيل مبارك. وقال الحزب في بيان له إنه «يعتبر أن شرعية ثورة 25 جانفي قضت وإلى الأبد على شرعية نظام مبارك وأنها تمثل الشرعية السياسية الوحيدة التي تمثل الشعب المصرى بطبقاته المختلفة ووحدته الوطنية، وأن الدستور القائم والمجالس النيابية والمحلية المزورة لا تمثل أي شرعية شعبية». وكانت جماعة الإخوان المسلمين قد أكدت بعد أول جولة حوار أن سليمان لم يقدم أي نتائج ملموسة، وجددت تمسكها بمطالب المتظاهرين مشيرة إلى أن استجابة النظام للمطالب الشعبية هي التي ستحدد إلى متى سيستمر الحوار.