بشكل أو بآخر فإن المواطنين في جهة المناجم سجلوا استياءهم العميق تجاه التلفزة الوطنية (1) التي فاجأتهم بقطع غير منتظر للملف التي تم الاعلان عنه ليهتم بالحوض المنجمي الذي أصبح حديث الشارع في مختلف الاوساط الاجتماعية وخاصة بعد الاعتصام الذي قام به المعطلون عن العمل منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. هذا الاستياء كان سببه الاول غياب أصحاب القرار وخاصة وزير التنمية الجهوية أحمد نجيب الشابي الذي أكد حضوره في بداية الامر قبل الاعتذار في آخر لحظة في حين أن سببه الثاني يبقى في الانقطاع المفاجئ للملف بعد تشخيص الداء الذي ينخر الوضع في الحوض المنجمي وقبل التوغل في المقترحات العملية وتقديم الحلول التي يمكن أن تمهّد لفض الاشكال وفك الاعتصام خاصة أن الحاضرين في حصة هذا الملف «الخطير» والحساس والدقيق جدا استمعوا قبل تحولهم الى مقر التلفزة الى مشاغل المعتصمين وعديد القوى الحية من المثقفين وأصحاب الشهائد ومن المدركين لكل جزئيات حقائق الوضع في الحوض المنجمي. ومن غريب الصدف أن التلفزة الوطنية كانت قد أكدت من خلال تدخلات المسؤولين عنها أنه لا تراجع في الحرية ولا جذب الى الوراء مشيرين الى أن هذه القناة ستكون مرآة عاكسة لنبض الشارع وبالتالي فإنه لا وصاية على هذا الخيار ولكن الحقيقة انكشفت وترجمت أن هذه القناة مازالت تحنّ الى ما قبل 14 جانفي ولم تتفاعل بعد مع الثورة المجيدة والخالدة كما أن إدارة التلفزة ومن ورائها الحكومة الوقتية وبقدر ما تروّج لمبادئ الثورة أكدتا عدم لامبالاتهما للقضايا الرئيسية والجوهرية في البلاد على غرار قضية الحوض المنجمي... فهل بمثل هذا الشكل يمكن أن يساهم الاعلام المرئي وخاصة التلفزة الوطنية في طرح القضايا والاقتراب من مشاغل المواطنين ومن نبض الشارع ككل... وهل أن الحصة الوثائقية حول الجريمة في العالم أكثر أهمية من ملف الحوض المنجمي أم أن إدارة التلفزة والحكومة الوقتية اللتان فضلتا قطع الملف التلفزي لم تنصهرا في منظومة مبادئ الثورة التي أشعل فتيل شرارتها أبناء الحوض المنجمي منذ سنة 2008؟... وقد تبقى دار لقمان على حالها وقد يحتج أبناء دار التلفزة على طريقة الوصاية والاوامر التي مازالت تنزل على رؤوسهم... ولكن هل سيقتنع المشاهدون وخاصة من أبناء الحوض المنجمي بما ستبثه القناة الوطنية التي أكدت لضيوف ملف الحوض المنجمي أن الحصة ستتواصل الى حدود الحادية عشر و(40) دقيقة ولكن الادارة والحكومة المؤقتة اكتفيتا بأقل من ساعة ونصف على أن تتوقف الحصة قبل ساعة و(15) دقيقة لمزيد تهميش الحوض المنجمي وقضاياه وبالتالي تعميق الجرح أكثر لتتجلّى حقيقة الجذب الى الوراء والحرص على الانقلاب على كل القضايا الجوهرية.