تعقيبا على ما جاء بجريدة «الشروق» بتاريخ 15 فيفري سنة 2011 الصفحة 45 حول ما جاء في حوار بين الدكتور العربي بن ضيف والأستاذ النوري الصل حول قضية زيارة أحدهم لإسرائيل وما تبع ذلك من أخبار أراها جدية دون توثيق وأراها مهمة دون غوص في العناصر المركبة لقضية تشغل العرب وتونس هي واحدة من هذه المجموعة تؤثر أو لا تؤثر ولا يقتضي الأمر التأكيد على أي فعلين يكون! وبما أن لتونس جالية عبر التاريخ من اليهود لا يمكن فصلها عن الواقع فإن الطرح يقتضي التالي: اليهود ديانة: الصهيونية ثم إسرائيل نهاية المطاف. وإن تشابكت هذه العناوين في تداخل يفرض نفسه فإن الأمر يقتضي الفصل بين عديد الأشياء التي تنير الحقيقة وبالتالي تضع المسائل ضمن عناوينها دون إثارة مما يجعل المعالجة سهلة وواضحة. إن الديانة الموسوية والتأكيد على موسى أكثر من غيره لأنه مصري حامي قبل أن يكون ساميا اسيويا وإبراهيم له أهميته غير أنه شراكة بين المسلمين واليهود رغم إقرار القرآن بما جاء {إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى} وإبراهيم كان عراقيا كما هو معلوم هاجر إلى الجزيرة العربية والقصة معروفة هي ديانة سماوية كسائر الديانات التي جاءت بعدها ويخلص الباحثون إلى الاتفاق الضمني في اللغة بين عربي وعبري فما عدا التقارب الروحي هناك تقارب لغوي من خلال الساميات. إذن أصحاب الديانة الموسوية تواجدوا بكثرة في الأقطار العربية والإسلامية وتتوافر للباحث عديد المراجع المهمة في هذا الشأن. دون شك احتوت تونس اليهود عبر تاريخها بعد قرطاج 800ق.م وكانوا كتلة ضمن المجتمع مع التميز الذي يفسره طبيعة الأقلية. وبما أن اليهود جاؤوا إلى تونس في مراحل واضحة إلى حد ما على أن هناك مراحل تبدو أشد وضوحا من غيرها. لا أبدأ إلا بما كان واضحا جاء اليهود مع الهجرات الأندلسية إلى تونس عبر البر والبحر وكان لهم وجود في تستور والكاف ومدن الشمال الغربي وتونسالمدينة وغيرها وتعتبر هذه الهجرة مكثفة إلى حد بعيد لم يبرز شأنهم كما في الأندلس فقد كانوا شعراء وكتابا وأصحاب صناعات اقتصر أمرهم على الصناعة والأعمال في تونس وللعلم فقد هاجر اليهود الأندلسيون إلى كامل أوروبا ووصلوا إلى تركيا (للإفادة اليهود الشرقيون يسمون في اللغة العبرية سفراديم سفراديا تعني إسبانيا في العبرية والأمر يدل على الكثير في المجال الثقافي فقد قال أحد مؤرخي اليهود بأنهم عاشوا وعاشت العبرية عصرا ذهبيا) إسحاق ولفنسون. من هنا يجب الإقرار بأن الموسوية تحمل في طياتها عرقيات مختلفة كما هو الشأن للمسلمين والمسيحيين وغيرهم إذن لا عرق خالصا لليهود ألم يكن الكثير من العرب يدينون باليهودية وأحد شعراء ما قبل الإسلام يهودي هو السموأل (صمويل). ما يجمع التركي والعربي والهندي هو الإسلام وما يجمع الإسباني والمجري والتركي وغيره هو الموسوية الرابط روحي قبل أن يكون شيئا آخر إذا ما قدرنا بالاعتبار الرابط الديني في تفاوته بين رؤية وأخرى. تأتي الموجة الثانية من الهجرة هجرة يهود إيطاليا (لفورن) أو كما يسمى لدى التونسيين «قورنا» ومنهم تأسس سوق القرانة في مدينة تونس وكان لهم الدور التجاري والمالي ونحن نعرف أن الإعانة العسكرية الثانية التي أرسلت إلى تركيا والتي كان قوامها 14000 جندي سنة 1854 كان طبيبها يهوديا اسمه لمبروزو. الديانة الموسوية هل هي تدعو الى الصهيونية؟ سؤال لا تبدو الاجابة عنه مستحيلة فالديانة هذه لا تدعو بالمرة مطلقا غير ان هناك تحريفا لبس الدين لغايات لا تخفى عن أحد،وكثيرة هي الطوائف التي ترفض دولة اسرائيل ظهر سنة 1952 كتاب الامريكي اليهودي «الفرد ليتنتال» بعنوان راية اسرائيل ليست رايتي! واسرائيل دين لا دولة منها طائفة (قولدن مدينة) والسامريون والحسيديم وغيرهم ومازالوا الى حد الآن متناثرين في العالم وهناك من منهم في اسرائيل يرفضون الخدمة العسكرية، وربما كانوا اكثر تزمتا من طالبان. على ان اثر اليهود في تونس بدأ منذ ظهور عهد الامان 1861 ثم اللجنة المالية ودور دافيد بن نسيم ثم دور عبد ا& الدحداح اللبناني اليهودي واليهود الايطاليين. نرتقي بعد ذلك الى بداية القرن العشرين حيث دارت الصراعات بين الفرنسيين واليهود في تونس. على أن ما يذكر في كتاب تاريخ الجاليات اليهودية في العالم الاسلامي انه كانت هناك نية الى اقامة (كيبوتس) تعاضدية في منطقة الجديدة بعيدا عن تونس 30 كلم. وينقضي الامر بهجرة اليهود من تونس الى اسرائيل ومنهم الى اوروبا وخاصة فرنسا، وكانت الهجرة الثانية اكثرها الى اوروبا اثر حرب 1967. بورقيبة لم يشرع الهجرة الى اسرائيل بل حاول ان يحتويهم فكان منهم وزراء ومستشارون، غير أن غيابه السياسي بوجوده وعدم فعله. وهجرة الجامعة العربية الى تونس لم يكن ارادة عربية خالصة لكن هجرة او هروب الفلسطينيين الى تونس كان بارادة امريكية خالصة. ومن هنا يبدأ الموساد او الشين بيت في العمل بتونس بكل الوسائل وان كان بمساعدة بعض التونسيين المعروفين وهم قليلون جدا ونشرت اخبارهم في الجرائد الاجنبية. وهناك احدهم يعيش مهاجرا في الخارج. قصف حمام الشط ثم مقتل خليل الوزير كان البداية في التمكن الاسرائيلي وبداية العلاقات الرسمية بين تونس واسرائيل، وهي لم تنطلق من عدم بل كانت برعاية بعض التونسيين المعروفين جدا على المستوى الوطني. احدهم كان وزيرا ثم سفيرا وهو الآن يدير مؤسسة تابعة للجامعة العربية مقرها تونس وآخر وزيرا للخارجية التونسية وفي عهده أقيمت العلاقات الرسمية بين تونس واسرائيل. الذي كثف هذه العلاقات هي السياحة التي تولاها احدهم الذي كانت زوجته قريبة ليلى الطرابلسي والذي قام بعمليات مشبوهة في الاتجار السياحي وكانت عشيقته اسرائيلية من اصل تونسي تدعى ايريس ومن هنا يدخل على الخط السيئ الذكر بلحسن الطرابلسي الذي راح الى اسرائيل كيف ما شاء لكن الأهم هو تهريب قرابة 3000 قطعة أثرية الكشف عنها ضروري فالكثير من بعض المخازن سرقت وأثبتت التحريات ذلك ضمن المشاركة في هذه العمليات القذرة التي مست ماضي الأمة المجيد. على أن هناك من سافر الى اسرائيل من التونسيين وهناك مسؤول معروف تونسي صرّح علنا وهو يدير جريدة حزبية بأنه يفتخر بأن سفير اسرائيل هو تونسي الاصل وأن وزير خارجية اسرائيل تونسي الاصل سلفان شالوم وآخر مثله هو سفير الآن ولا ادري ما وضعه الآن ووكالة تونس افريقيا للانباء تعرف الكثير. العملية أبطالها كثر والعارفون بها اكثر ومن هنا تبدأ العملية مستقبلا فهل ننتبه أم أن ما حدث كان عابرا!