بعد إعلان محافظ البنك المركزي عن حجم القروض التي أسندتها البنوك الى الشركات والأشخاص المرتبطين بالرئيس المخلوع (أقاربه وأصهاره)، بادرت بعض البنوك الى الكشف عن قيمة القروض التي تخصّها في هذا الاطار فيما لم تحرّك بنوك أخرى ساكنا الى حدّ الآن. وكان محافظ البنك المركزي قد أعلن أن القيمة الجملية لهذه القروض تبلغ 2500 مليار من مليماتنا ولا تمثل سوى 5٪ من التمويلات البنكية الجملية في الوقت الحاضر. مضيفا ان نصف هذا المبلغ تقريبا (حوالي 1300 مليار) استحوذت عليه أربع شركات بمفردها وهي «إسمنت قرطاج» و«تونيزيانا» و«أورانج» و«الشركة التونسية للسكر»... وأكد المحافظ أن 71٪ من جملة القروض المذكورة (1770 مليارا) تتوفر على ضمانات لدى البنوك و29٪ (430 مليارا) لا تتوفر على ضمانات وتمثل مخاطر على البنوك وسيقع إدراجها ضمن القروض المصنفة (اي التي لا تتوفّر على ضمانات). وسيكون لها حتما تأثير على أداء البنوك وسيدفعها للجوء الى احتياطاتها. توضيحات وكان البنك العربي لتونس (ATB) قد أفاد أن نصيبه من القروض المسندة للشركات والأشخاص المقربين من الرئيس المخلوع يبلغ 180 مليارا (اي 7٪ من جملة 2500 مليار) وهو ما يمثل 6.5٪ من جملة محفظة القروض التي أسندها البنك. كما ان 94٪ من هذه القروض لا تمثل مخاطر بما أنها أسندت مقابل ضمانات بينما ال 6٪ المتبقية تمثل مخاطر مالية على البنك لأنها غير مضمونة. أما البنك التونسي فقد صرّح بأنه ساهم في تمويل 8 مجمّعات تمثل 23 مؤسسة تابعة لأشخاص مقربين من الرئيس السابق وذلك بمبلغ 258 مليارا و838 مليونا من المليمات وهو ما يمثل 8.5٪ من إجمالي قروض البنك..وأكد البنك التونسي ان حوالي 191 مليارا من جملة القروض المسندة لهذه الأطراف لا تمثل خطرا على موازنة البنك في حين 67 مليارا تمثل مخاطر لأنها غير مسندة بضمانات... ومن جهته، قال الاتحاد الدولي للبنوك (UIB) أنه لم يساهم إلا في تمويل مؤسستين فقط تابعتين لأفراد مقربين من بن علي وذلك بمبلغ 41 مليارا و608 ملايين من المليمات... ولم يوضح البنك ان كان هذا المبلغ المقروض يستند الى ضمانات واكتفى بالقول انه لا يمثل خطرا على موازنات البنك... وبالنسبة الى بنك تونس العربي الدولي، لم يصدر بلاغا حول حجم تمويلاته للمؤسسات او للأشخاص المقربين من الرئيس السابق.. غير ان البنك حسب ما أوردته وسائل الاعلام تقدّم بقضايا استعجالية لدى المحكمة للمطالبة بتعيين متصرفين قضائيين على شركات «أورانج» و«تونيزيانا» و«أنفستاك». ويفهم من ذلك ان بنك تونس العربي الدولي ساهم بنسبة كبرى في مجمل القروض التي ذكرها محافظ البنك المركزي (2500 مليار) بما أن الأمر يتعلق بمؤسستين من ضمن المؤسسات التي استحوذت على نصف قيمة هذه القروض (وهي تونيزيانا وأورانج) الى جانب إسمنت قرطاجوالتونسية للسكر. عمومية بعد ان صرّحت أغلب البنوك المنتمية للقطاع الخاص بالجوانب التي تهمّها في هذه التمويلات ، فإن البنوك المنتمية للقطاع العمومي مازالت متكتّمة حول هذا الجانب، وهو ما يستدعي منها الإفصاح عن مساهمتها في تمويل مشاريع المقربين من بن علي وفي إسناد قروض شخصية لهم، خاصة بعد ان كثر الحديث في المدة الأخيرة حول انفراد هذه البنوك العمومية بنصيب الأسد من التمويلات والقروض «المشبوهة» لعائلات وأصهار الرئيس السابق، وعن تصنيف جانب هام من هذه التمويلات كقروض ذات مخاطر ولا تتوفّر لها ضمانات، وهو أمر خطير لأنها مؤسسات عمومية ومن المفروض ان تحافظ على أموال المجموعة الوطنية.