فجر الكاتب الصحفي المصري الكبير محمد حسنين هيكل مساء أمس الأول مفاجأة مدوية حول لغز إصرار الرئيس المصري السابق حسني مبارك على البقاء في شرم الشيخ ورفضه دعوات السفر للخارج، مؤكدا انه ما زال يحكم البلاد من هناك وانه محمي من قبل الصهاينة والأمريكان. وفي مقابلة مع برنامج «مصر النهارده» كشف هيكل عن عشرة مشاهد فيما يتعلق بثورة «شباب 25 يناير» بعضها يبعث على التفاؤل «الشباب والجماهير والجيش وإعجاب عربي وعالمي واسع بما حدث وعنصر المفاجأة» وبعضها الآخر يثير القلق والارتياب «التحول السريع في المواقف والاحتجاجات الفئوية ومظاهرة التأييد لمبارك وتقنين الفساد ولغز البقاء في شرم الشيخ». في حماية الاسرائيليين وأكد هيكل أن خطة التأمين في الدولة البوليسية التي كانت قائمة في عهد مبارك كانت تقوم على اختيار أماكن مفتوحة وبعيدة ولا يستطيع أحد أن يمسها بضرر ومن هنا جاء التركيز على شرم الشيخ ، قائلا : «شرم الشيخ بعيدة عن الأنظار وبعيدة عن تمركز الجيش وقريبة من البحر والمطار والأهم أنها قريبة من إسرائيل وبجوارها أيضا قوة أمريكية في سيناء». وتابع قائلا إن « مبارك لا يزال يتلقى اتصالات من كل مكان، التليفونات لا تتوقف بين القاهرة وشرم الشيخ ، نحن أمام بؤرة خطر في شرم الشيخ لابد من إزالتها لضمان نجاح الثورة ، بقاء مبارك في شرم الشيخ ممكن أن يشكل مركزا مناوئا للثورة ويؤدي إلى مشاكل». واستطرد «ما حدش يقولي مبارك رجل كبير في السن ولابد أن نكون كرماء معه وأدى دورا في حرب أكتوبر ، نحن نتحدث عن مسؤوليات رئيس دولة، موقع شرم الشيخ يستغله أناس كثيرون ممن يرفضون تنحي مبارك، لا ننسى أيضا حديث مسؤولين إسرائيليين حول أن مبارك شريك استراتيجي لإسرائيل». واعتبر في هذا الصدد أن بقاء مبارك في شرم الشيخ هو أكثر ما يشجع «الثورة المضادة»، قائلا : «نحن أمام وضع مفاجئ ولذا تراجع النظام القديم إلا أنه حينما يتمالك أعصابه فإنه سيحاول الاستماتة للبقاء والحفاظ على مكتسباته». وفي نبرة بدا عليها الاستياء والغضب ، قال هيكل : «هذا البلد ليس مدينا لأحد، الكل مدين له، يوجد أشخاص أجدر بشرعية نصر أكتوبر من مبارك مثل سعد الدين الشاذلي وعبد المنعم رياض وآخرين، وبصفة عامة، لا يصح أن يرتب أحد شرعية على مشاركته في حرب أكتوبر ». ضربة جوية ولم يكتف هيكل بما سبق ، بل إنه فجر مفاجأة جديدة مفادها أن الضربة الجوية لم تكن الحاسمة في نصر أكتوبر، قائلا إن «الضربة الجوية اقتصرت فقط على ضرب موقعين صغيرين في سيناء للرد على النكسة ورفع الروح المعنوية للجنود، وأنا شاهد والسيدة جيهان السادات على ما جرى بين الرئيس الراحل أنور السادات والمشير أحمد إسماعيل في هذا الصدد، كان الأمر أشبه بمباراة تنس، تذهب الطائرات المصرية إلى شرقي القناة وتعود وهو الأمر الذي رفع معنويات الجنود قبل العبور». وبعد ذلك، عاد هيكل للحديث مجددا عن الثورة، قائلا: «هناك تيار جارف لابد أن تفهمه لكي توزع مياهه، الأمور لن تحل نفسها، لابد أن نحلها». وهنا سارع الإعلامي محمود سعد للتساؤل « ما العمل ؟»، وأجاب هيكل «لابد أن نعرف أولا طبيعة ما حدث، يجب أن ندرك أن هناك ثورة وليست حركة احتجاجية، توصيف أننا أمام ثورة هو أول خطوة للعلاج وعندها تبدأ المرحلة الثانية وهي الانتقال من وضع قديم إلى وضع آخر جديد، وهناك بين المرحلتين اللحظة الراهنة والتي تتطلب حكومة قوية جدا تكون الأقوى من نوعها في تاريخ مصر لمعالجة ما فسد في عهد مبارك، أحمد شفيق مع احترامي له إلا أنه أكد أكثر من مرة أنه من تلاميذ مبارك». وأمام ما سبق، نبه هيكل إلى ضرورة أن يكون التحقيق في الفساد بمعزل عن المستقبل، قائلا: «مع تغير الأوضاع ستظهر مطامع من قبل البعض وسيسعى البعض الآخر الى الانتقام وهنا مكمن الخطر، يجب أن يكون هناك حساب وليس استغلالا للوضع لأن الفساد في عهد مبارك كان يتم وفق القانون وتلك سابقة في التاريخ». وأكد هيكل أن مبالغ هائلة وضعت تحت تصرف رئاسة الجمهورية وفق القانون، قائلا: «حتى أرباح قناة السويس كانت تذهب مباشرة إلى الرئاسة، ميزانية الرئاسة كانت تتراوح سنويا بين 600 إلى 800 مليون دولار، وهذا مبلغ خيالي لا يمكن حسابه، لابد من لجنة تحقيق مستقلة وحكومة قوية جدا لمواجهة ما فسد وهو شنيع جدا». ورغم أن تصريحات هيكل السابقة من شأنها أن تثير غضب رموز النظام السابق والمتعاطفين مع مبارك، إلا أن هناك ما يدعمها على أرض الواقع، ففي 18 فيفري الجاري، نقلت صحيفة «الشروق» المصرية عن مصدر قريب من دوائر الرئاسة والمجلس العسكري الأعلى القول إنه سمع عن اتصال هاتفي أو أكثر جرى بين مبارك وشخصيات مهمة في إدارة شؤون البلاد خلال الأيام الماضية . كما أكد مصدر بمؤسسة الرئاسة أيضا أن طاقم المعاونين لمبارك مازال يتحرك بين القاهرة وشرم الشيخ بحرية، مشيرا إلى تنقلات وقعت صباح الأربعاء الموافق 16 فيفري لتبديل الحراسات وما إلى ذلك.