حين قررت اصدار كتابي البكر «مراسم الكذب» حذّرني بعض من اطلع على بعض نصوصه من مغبّة الاقدام على هذه التجربة لما فيها من اشارات مباشرة للقصر والعسس والسلطة الدينية و«للحجامة» التي رمزنا اليها بزبيدة وعاتكه... بعض الوشاة أو «القوادين» الذين أبدع الزميل كمال الشارني في رسم بعض تفاصيل مخازيهم تكفلوا بالوشاية والتحذير مما جاء في هذه «المراسم» ومنهم أحد المندسين في احدى القنوات «الخاصة جدّا» لفائدة «عب عب» عبد الوهاب عبد الله يأتمر بأوامره وينقل إليه أولا بأول كل ما يجري... هذا «المندسّ» حذّر «عرفه» من خطورة النصوص باعتبار أنه مدرب على كشف ما وراء السطور كما الكلاب المدربة على اكتشاف الأفيون...! هذا المندس وغيره من الوشاة استوقفتهم بعض النصوص فاربكتهم... كلنا يذكر تلك النكتة الشهيرة حول الطاغية بن علي الذي ادعى أنه صياد ماهر... لذلك استضاف بعض الرؤساء من الدول الصديقة والشقيقة ليطلعهم على فنونه في الصيد ودقة تصويبه الذي لا يخطئ أبدا... صوّب بن علي فإذا بالرصاصة تجانب الطائر الذي هزأ به وأخجله أمام ضيوفه... فما كان من الميليشيا المرافقة له الا أن تنقذ الموقف في صيحات موحدة: «ميّت ويطير يا صانع التغيير»! أي أنك أصبته يا سيادة الرئيس لكنه يطير مع ذلك فلاجناح عليك!! استعرت من هذه النكتة الشعبية النص التالي: قداسة «إذا كان الرأي عند من لا يقبله، والسلاح عند من لا يستعمله، والمال عند من لا ينفعه، ضاعت الأمور» الجوهر النفيس في سياسة الرئيس (ابن الحداد) طار الحمام ولم يحط اخطأت الرصاصة لم يأبه الحمام... ماض الى الأمام ميتا يطير!! قال الراوي: «ومازالت الدهشة ماثلة، والقافلة تسير!!» أما النص الثاني فحمل عنوان «التباس» وفيه احالات على عبارات المخلوع في بيان «الحدث النوفمبري» على رأي الصديق سليم دولة مثل «أحببناه» و«قدرناه»... الخ. وفي ما يلي النص الكامل: التباس ما أجمل زيّك قدّر... ناك! ما أجمل زيّك أحبب... ناك! كم من القُبل نحتاج... وأنت خال من الزيّ... والرصاص!؟ ترتدي كل الوجوه وكل عيون الناس تاهت القبل ومازال البحث... معتقلا!!! النص الثالث خصص للمؤسسة الدينية التي كان على رأسها أبوبكر الأخزوري والمفتي عثمان بطيخ والمشفر وقد ابتدعت عنوان كتاب وهمي «الدليل الفلاحي للايمان السياحي» وابتكرت مقولة «لا تُبك أبدا تمساحا فإن الله يُحصي دموعه!»: حيرة تمساح جاء في كتاب ابن بطيخ ابن خزور المشفري الحنفلي (الدليل الفلاحي للإيمان السياحي): «لا تبك أبدا تمساحا فإن الله يحصي دموعه»! إلهي! لم أعشق الظلام يوما... ولم أكن لصا ولا عاشقا أو حاكما أبشّر بالتنوير في الأزقة المعتمة إلهي! اجعل دمعي عصيا إلهي! لماذاهي سيّالة دموعي ولم أتجمهر يوما... ولم يمسسني... غاز... الوشاؤون لم يستطيعوا التأثير في صدور الكتاب وكانوا يأملون في سحبه رغم أنه لم يوزع في تونس سوى في مكتبتين وبشكل خجول لولا مساندة الصحافة المكتوبة وبعض المثقفين مثل رشأ التونسي وآدم فتحي وناجي الخشناوي وعبد الرحمان مجيد الربيعي وحاتم النقاطي وكمال بلهادي... ولطفي لعماري وسعدية بن سالم وصالح السويسي وفوزي الديماسي ومحمد سفينة ونورالدين بالطيب وعبد السلام لصيلع وهيام الفرشيشي ومحمد بوعود وأمامة... وغيرهم ومعذرة لكل الذين لم استحضر اسماءهم مع الشكر الموصول... اليوم ما نأمله هو أن تمضي «مراسم الكذب» لارساء مراسم جديدها قوامها الشعب «يريد» وهي من المرات القليلة التي استعمل فيه فعل «أراد» يريد... الشعب!