اطلعت على البيان الصادر عن اجتماع المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين بمجموعة من صحفيي مؤسسة التلفزة التونسية والذي تضمن أساسا مطالبة الصحفيين بالتغيير الفوري لمدير الأخبار بالنيابة (الى جانب مسؤولين آخرين) وضرورة تعيين كفاءات من التلفزة الوطنية في مواقع المسؤولية وبما أني أتولى المهمة المشار إليها منذ أقل من شهر أردت تبيان بعض المعطيات والحقائق وفي بدايتها أذكر من لا يعلم بأني أشتغل بالتلفزة التونسية ومرسم بها وأتقاضى منها مرتبا شهريا. ومع احترامي لكل الآراء، فإن البيان يوفر لي الفرصة للحديث عن بعض المعطيات يرويها الكثيرون بصوت منخفض وخلف الستار وأولها أن المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين لما تبنى الاجتماع المذكور والذي تم التخطيط له منذ أن توليت المهمة فإنما تبنى في الحقيقة من قاموا منذ أكثر من سنة (وأستثني عددا من الزملاء كانوا يتألمون لهذا الوضع ولم ينخرطوا فيه) بما يسميها المكتب الحالي بالانقلاب على الشرعية وذلك في المؤتمر الاستثنائي للنقابة الذي انعقد في المركز الثقافي والشبابي بالمنزه السادس والذي وقف وراءه التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل والوزير المستشار الاعلامي والسياسي لدى الرئيس المخلوع عبد الوهاب عبد اللّه الموجود تحت الاقامة الجبرية وحتى وزير الاتصال الأسبق وأدى المؤتمر الى مكتب تنفيذي جديد للنقابة وإزاحة جماعة ناجي البغوري. وأستنتج أن سعي المكتب التنفيذي الى تبني الاجتماع إنما هي حملة انتخابية قبل أوانها في محاولة لكسب أكثر ما يمكن من الأصوات في المؤتمر المقبل أغلبها كانت أطاحت به سابقا. وفي الاجتماع المذكور بين المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين ومجموعة من صحفيي مؤسسة التلفزة تحدث عدد من الزملاء حديثا مغايرا تماما للحقيقة ومخالفا كليا لما كانوا يرددونه فهم كانوا رافضين مطلقا لاستمرار الوهابيين (نسبة الى عبد الوهاب عبد اللّه) المفضوحين والتجمعيين المفضوحين في العمل بقاعة التحرير بل أكثر من ذلك فإن عددا من الذين غيروا مواقفهم كانوا يرفضون العمل في قاعة التحرير لأنها في نظرهم تضم عددا كبيرا من قليلي الكفاءة مما يجعل مستحيلا معهم تطور عمل الأخبار. والغريب أيضا أن بعض الصحفيين الذين كانوا مهمشين ومقصيين سابقا توفرت لهم في الفترة الأخيرة الفرصة لابراز ماهم قادرون على الاتيان به دون صنصرة أو تدخل هم نفسهم الذين ساهموا في صياغة بيان الاجتماع المذكور وهم أحرار في ما يفعلون ولكن كنت أتمنى أن يذكروا بعض الحقائق الجديدة. من جهة أخرى طالب الصحفيون من مؤسسة التلفزة في هذا الاجتماع بانتخاب هيئة تحرير للأخبار وللملفات الحوارية وباركوا اقتراح المكتب بأن يتم الانتخاب صلب النقابة وأود التأكيد أن عددا من الزملاء في قاعة التحرير ومن بينهم عضو من النقابة الوطنية للصحفيين يعمل في الأخبار التلفزية تقدموا منذ نحو أسبوعين بمقترح هيئة التحرير ووافق كل الزملاء على ذلك وإنما اختلفوا في الشروط والآليات لكن البعض ماطل في تحديد موعد الانتخاب وهذه المماطلة انكشفت أهدافها من خلال ما دار في الاجتماع الأخير. وإني أؤكد مع تقديري للجميع أن انتخاب هيئة التحرير يجب أن يتم في قاعة الأخبار في التلفزة وتحت اشراف لجنة يختارها الصحفيون أنفسهم دون أن يركب أي كان على الحدث ويتبناه. في هذا اللقاء أيضا دافع بعض الزملاء بكل قوة عن وهابيين وتجمعيين مفضوحين وكانوا في السرّ يرفضونهم ويستنكرون ممارساتهم السابقة التي أضرت بالعديد منهم من خلال الوشايات والتقارير وما يُسمى بالتكمبينات وكذلك لأن هؤلاء كانوا لآخر اللحظات يبذلون جهدهم لضخ الأوكسجين في الرئيس المخلوع ساعة احتضار نظام ما كان يُسمى بالسابع من نوفمبر فحاولوا المساهمة في المغالطة بتضخيم مظاهرات مساندة وهمية قادها التجمع بعد الخطاب الأخير للرئيس المخلوع وعرضت في قناة تونس 7 وبتعليقات زائفة غايتها التمويه وهم المتعودون عن ذلك. ولما سقط الرئيس المخلوع سقطت الأقنعة، فافتضح أمر بعض الصحفيين وافتضح أمر من كان مواليا بقلبه ووجدانه وفكره وجهده ومن كان مساهما في المنظومة الاعلامية القمعية التي وضعها عبد الوهاب عبد اللّه فضرب زملاءه بقبضة هذا الأخير وهددهم وأهانهم، وهؤلاء الذين كانوا مساندين للمنظومة الاعلامية السابقة ومنخرطين فيها ومتحمسين لها استغلوا وضعهم لنهب مفضوح لأموال التلفزة من خلال مكافآت عالية على برامج حوارية ومتابعات كانت متورطة في تمجيد الرئيس المخلوع وزوجته ونظامه وعلى أعمال أخرى تصب في اتجاه التطبيل والتزمير وعلى أعمال بتسميات مختلفة همها الوحيد تبرير المكافآت لا غير ومع الأسف، فإن هؤلاء أصبحوا اليوم ثوريين بل ويطالبون بحرية الاعلام وينددون بما يسمونه الصنصرة وما إلى ذلك مما يدعون ومنهم أيضا من كان لزمن غير بعيد يخطط في قناة تونس7 للتغطية الاخبارية التي غالطت المشاهد وزيفت الحقائق وكانوا يقومون بذلك بحماس وتفان زائدين عن المطلوب منهم والمؤسف أن المورطين ذاتهم تحدثوا في الاجتماع المذكور من منطلق الضحايا. إن كلامي هذا موجه الى بعض يعرفون أنفسهم وكنت قد قصدتهم في تصريحات لي سابقة. أما بقية الزملاء الذين يعرفون أنهم نزهاء وشرفاء فلم أكن أقصدهم اطلاقا وإني أكن لهم التقدير لأني أعرف جيدا أنهم كانوا مظلومين وإني لم أشكك مطلقا في كفاءتهم ونزاهتهم. ولا أود الاطالة في شأن من كان أيضا من الصحفيين الحاضرين في الاجتماع والمتخفين بممارساتهم السابقة ممن كانوا يتوددون ويتقربون من الوكالة التونسية للاتصال الخارجي ويأتمرون بأوامرها عند انجاز مراسلات لفائدة قنوات عربية ليثروها بمقاطع من خطب بن علي وزوجته ومحلّلين سياسيين مزيفين كانوا يتعاملون مع الوكالة ويؤكد أكثر من مصدر أن الوكالة كانت تجازي بالمال كل من يقدم لها خدمة لتلميع صورة الرئيس السابق والترويج لبرامجه الزائفة.. ولا أريد أيضا إطالة الحديث عن قلة من الصحفيين الذين كانوا يتقربون من رؤسائهم المباشرين ويتوددون إليهم بشتى الطرق وتطوعوا ليكونوا مخبرين لهم عن ممارسات زملاء آخرين.. هؤلاء اليوم أصبحوا ضحايا وأبطالا.. إنهم فقط يريدون أن يلبسوا أقنعة جديدة بعد أن تأكدوا أنه لم يعد هناك مجال لمثل هذه الممارسات السابقة وإن المجال مفتوح في الوقت الراهن للكفاءة والأخلاق العاليتين فقط. في خلاصة أود التأكيد أنه لا يحق للذين مارسوا سابقا ممارسات حقيرة أن يمارسوا مثلها اليوم ولا يحق للمتلونين كالحرباء أن يتكلموا ليقدحوا في سلوك النزهاء والشرفاء الذين لم يبيعوا ضمائرهم كما باعوها هم من قبل وأود التأكيد أيضا أن أتباع عبد الوهاب عبد اللّه والتجمع في الصحافة وغيرها ليسوا خفيين بل هم معروفون جيدا ولن تنطلي محاولاتهم الركوب على الأحداث والبروز بمظهر الضحايا بعد أن خلفوا هم ضحايا. وإني ختاما أوافق النقابة الوطنية للصحفيين على دعوتها احداث لجنة تحقيق عاجلة للنظر في التجاوزات السابقة والفساد في مؤسسة التلفزة وإني أشدد على ذلك وسيكتشف الجميع العجب العجاب وخاصة حجم المكافآت المالية التي كان يحصل عليها الوهابيون وإني أقترح على النقابة أن تنتظر نتائج التحقيق قبل أي شيء آخر لأنها ستكتشف مغالطات عديدة ربما تكون قد انطلت عليه حاليا وأرجو أن تكون اللجنة مستقلة ولا يندس فيها من يحاول رسم صورة جديدة تفسخ صورته السابقة والحقيقية. وفي النهاية فإني لا أؤمن بالاقصاء وإنما أدعو الى قليل من الحياء والى أن يتحمل كل مسؤوليته وأن تكون لمن تورطوا سابقا بأي شكل من الأشكال الشجاعة الكافية لقول الحقيقة ثم يسيروا بعد ذلك في الركب من جديد ولكن بعقليات جديدة ومتأقلمة مع وضع تونس الجديد. خالد نجاح صحفي بمؤسسة التلفزة الوطنية التونسي