* بالامس كانوا يتهافتون على كسب بطاقة الانخراط الحمراء في التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل ابتدائيا..كانوا يضعونها بكل فخر و بشكل بارز في حافظة اوراقهم.. يرفعونها كلما ارادوا قضاء حاجة هنا و هناك و كلما ارادوا الحصول على امتيازات لا يخولها لهم القانون وحتى كلما أوقفهم شرطي المرور.. يرفعونها أيضا للتخويف و الترويع من منطق " أعرف فيشكون إتكلم " البطاقة الحمراء كانوا يعتبرونها حصانة لهم ضد القانون و ضد الحق و ضد "الكرامة" ... البطاقة الحمراء كانت مفتاحهم لكل الابواب مهما كانت صلابة الاقفال وشرطا أساسيا لكل منصب مسؤولية في الادارة التونسية ، و من لا يحملها يبقى حبيس وضعه حتى يغادر الادارة كما دخلها أول مرة و لكني أريد ان أستثني بعضا ممن كانوا يرفضون شرط الحمراء و ارتقوا في سلم الوظائف نظرا لكفاءتهم المهنية و لكن تم إبعادهم بسرعة لانهم لم يستوعبوا الدرس جيدا حسب منطق التجمعيين .. لم يفهموا ان تمكينهم من المناصب كان لهدف إغرائهم واستقطابهم فرفعوا في وجوههم البطاقة الحمراء لاقصائهم و لكنهم عاشوا في عزة نفس و كبرياء رغم ما عانوه من قهر وتهميش ولم يطأطئوا رؤوسهم بل ظلوا يسيرون مرفوعي الهامة متحدين الاقزام الذين كانوا بيادق للتجمع المنحل ،و لست كاتبا لهذه السطور لأبين اني واحد ممن رفضوا قناعة و تحديا الانخراط في التجمع و مسك البطاقة الحمراء و لست كاتبا لهذه السطور لأستغلها في بيان ما تعرضت له من ظلم اداري من خلال قطع متكرر لجزء من راتبي و تعطيل للترقية المهنية و لست كاتبا لهذه السطور لأبين أني عانيت من تعسف عبد الوهاب عبد الله وأتباعه و هذا الشخص لمن لا يعرفه من العامة كان واضع المنظومة الاعلامية المهللة و المطبلة و الممجدة للرئيس المخلوع وزوجته و كان يجوع و يدمر من لاينخرط في صلب تلك المنظومة و يتبناها و قد نجح في تنفيذ مخطط لتجميد الكفاءات أو إقصائها من مؤسسات الاعلام الوطنية و خاصة الاذاعة و التلفزة ، و بلغ هدفه بداية من سنة 1994 بعد نحو ثلاث سنوات من عودته الى تونس بعد ان شغل منصب سفيرفي بريطانيا و قد شكل وقتها و حتى نهاية عهد بن علي المخلوع فيالق من الصحفيين و المسؤولين الاعلاميين عملوا فيما كنت اسميه بامبراطورية عبد الوهاب عبد الله الذي كان يجازي جماعته بكل الطرق و كان يملك من الدهاء ما يجعله يشعل النيران و يتساءل عن مصدر الدخان ..لست كاتبا لهذه السطور لاتحدث عن شخصي و انما لأبين أن بيادق العهد الماضي ما زالوا يتحركون على رقعة الشطرنج رغم خروج الاميرة و الرخ و الحصان و يبدو ان البيادق لم يستوعبوا ان ملكهم قد مات فسدوا آذانهم عن كلمة " كش مات" او ربما أنهم لا يريدون إغضاب ملكهم خوفا من ردة فعله لانه يعرفهم جيدا و يعرف كيف كانوا يتوددون اليه طمعا في رضاه و سخائه و يعرف كيف كانوا يتقربون منه و يتطوعون لخدمته و المساهمة في إسقاط من كان يراهم أعداؤه من منطق " ان لم تكن معي فانت عدوي " و يعرف جيدا كيف استدرجهم و بأي مقابل استدرجهم ...هؤلاء البيادق يتحركون تائهين على رقعة الشطرنج يتوهمون ان ملكهم لم يمت بعد و يتخيلون انه موجود خلفهم و امامهم ليحميهم كما كان يفعل من قبل و هم يتخيلون ذلك خوفا من افتضاح ممارساتهم السابقة التي لن يطول زمان كشفها لان مؤيداتها ملموسة و غير خافية سواء تعلق الامر بممارسات صلب بعض المؤسسات الاعلامية او اخرى مرتبطة بما كان يسمى وكالة الاتصال الخارجي التي شجعت في السنتين الاخيرتين بعضا ممن كانوا يطمعون في ودها وسخائها على بعث شركات انتاج سمعي بصريخاصة لتساهم في الترويج للبرامج الوهمية و المزيفة للرئيس المخلوع و يهللوا و يضخموا من قدرة زوجته على قيادة منظمة المرأة العربية على أكثر ما يمكن من القنوات التلفزيونية العربية وهؤلاء فاجأتهم وفاة نظام السابع من نوفمبر ولم يتمعشوا كما كانوا يحلمون من الشركات التي بعثوها بمساندة من وكالة الاتصال الخارجي او تقربا منها و توددا لها.. لقد بدأت حديثي عن البطاقة الحمراء للتجمع الدستوري الديمقراطي لكني قطعته دون ان اشعر و سلكت مسلكا آخر أراه غير مفصول عن الاول .. و أستعيد كلامي عن البطاقة الحمراء لاقول انها لم تتسرب مطلقا الى حافظة أوراقي ولم أسع اليها باي شكل من الاشكال و لأي غاية من الغايات رغم الاغراءات و حتى التهديدات وتركت ذلك لغيري ممن كان مؤمنا بفكر التجمع أو من كان طامعا في امتيازات ، و مهما كان الدافع فان عددا كبيرا من هؤلاء و اولئك أسقطوا اليوم من حافظات اوراقهم بطاقاتهم الحمراء و أضحوا يبحثون عن بديل لها يفتح لهم مجددا ابواب ممارساتهم الماضية و لكن اعتقد ان البطاقة الحمراء اليوم لن تستعمل كما استعملت في الماضي.. و لن تنفع مستقبلا المتلونين كالحرباء والباحثين عن بدلة جديدة تعوض بدلتهم البنفسجية او الحمراء التي تراكمت فوقها أوساخ لن تقدر على إزالتها أحدث آلات الغسيل لانها تحوي بقعا متعددة ترمز كل واحدة منها الى إساءات في حق الشعب و تونس. و ليفهم هؤلاء الذين ينجح بعضهم مع الاسف في الاستمرار في مواقعهم وحتى في كسب مواقع جديدة ، ليفهموا ان التاريخ لن يمنحهم صفحات اخرى ليلوثوها باعمالهم ،و أتمنى ألا اكون مخطئا ، و ارجو نهاية ان يفهم القارئ لما كتبت اني اقصد الطامعين الذين لن يستطيعوا اليوم تغيير طباعهم لانها ترسخت فيهم طوال مسيرتهم الاعلامية و هم اليوم يبحثون عن مسلك جديد يضمن لهم استمرار مصالحهم السابقة و يبعد عنهم شبهات ماضيهم و لهؤلاء أقول" ليس هناك بوليس سياسي لتبلغوه تقاريركم اليومية و لم تعد هناك بيانات مناشدة جديدة لتوقعوا عليها ، فلتنصرفوا لم يعد ثمة ما تشاهدونه و ما تتمعشون منه ، و إن أردتم الإنصهار في تونسالجديدة فلتصدعوا بالحقيقة كاملة عن ممارساتكم السابقة و بعدها إلبسوا بدلة الشرف و الكرامة و لا تغيروها ما حييتم" و أتمنى مجددا ألا اكون مخطئا. صحفي في مؤسسة التلفزة التونسية