يواكب التونسيون هذه الأيام باهتمام شديد ما يحصل في ليبيا نظرا لوجود جالية تونسية كبيرة هناك تتكون في جزء منها من لاعبين ومدربي كرة قدم وغيرهم من الرياضيين التونسيين الموجودين هناك. جزء من هؤلاء تمكّن من العودة إلى تونس فيما بقي البعض منهم هناك بين عالق في المطار أو بين الذين انقطعت بهم سبل الخروج من المأزق الذي وقعوا فيه. «الشروق» حصلت على تفاصيل أحداث وحقائق مؤلمة على لسان بعض اللاعبين والمدربين الذين تمكّنوا من العودة إلى أرض الوطن. العربي جابر: أغلقوا علينا قنوات التواصل عشت الأحداث في ليبيا من خلال ما كان ينقل على شاشات بعض الفضائيات قبل أن تتوقف البطولة وتتعطل التمارين حينها قررت العودة إلى تونس. كنت أقطن في طرابلس التي عاشت الأحداث بشيء من التأخير مقارنة بباقي المدن حيث داهمنا العديد من الملثمين حاملين السيوف وكانت غايتهم إثارة الرعب في السكان هناك وفي الليل نستمع لإطلاق نار كثيف من المرتزقة الذين يعملون لحساب القذافي بمبلغ 2000 دولار في اليوم قادمين من النيجر وغينيا. لقد أغلقوا علينا كل قنوات الاتصال من هاتف وانترنيت وغيرها ووجدنا صعوبات في الاتصال بعائلاتنا وقد كنّا نشعر بأننا مستهدفون كتونسيين لأن هناك من روّج إشاعة أن بعض المرتزقة يحملون الجنسية التونسية. أمام هذه الظروف حاولت «الهروب» بأي شكل من الأشكال، لكن المصاعب لم تنته بل تواصلت في المطار من خلال الاكتظاظ وسوء المعاملة... لقد عشنا أياما صعبة لن تنسى... ماهر الحناشي: تأخر السلطات التونسية في إنقاذنا آلمني أكثر ممّا شاهدت في ليبيا لقد عشت حالة من الرعب، فليل طرابلس المروّع كان يختلف عن نهارها الهادئ حيث كنا نعيش في حالة فوضى أشبه بالحرب الأهلية بالإضافة إلى استعمال الأسلحة والرصاص الحي وانتشار الدبابات... قرّرت العودة إلى تونس لكنني تعرضت في المطار إلى كلّ أنواع الإهانة وسوء المعاملة والإذلال من قبل السلطات الليبية التي عبّرت عن كره شديد للتونسيين. لكن ما آلمني أكثر هو تأخر السلطا التونسية في التحرك من أجل إنقاذنا فقد قضيت في المطار قرابة 24 ساعة قبل العودة إلى تونس بسبب عدم وجود رحلات في حين أن دول مصر والمغرب والجزائر تحركت بسرعة من أجل إجلاء أبنائها. في المطار كان المشهد مؤلما للغاية نساء وأطفال من دون مأوى ولا طعام ولا حتى حليب نظرا لأن المسافة الفاصلة بين المطار وأقرب مدينة طويلة جدّا ولم تكن هناك مساعدات كما أنّ التمييز والمحسوبية عوامل زادت من تأزم الوضع في مطار طرابلس فلم تكن هناك مراعاة الحالات الإنسانية الصعبة فإذا كنت تمتلك المال وقتها يسمح لك بصعود الطائرة والعودة إلى تونس أما إذا ما لم يسعفك الحظ في الحصول على المال وهذا حال السواد الأعظم منا ستضطرّ للبقاء هناك طويلا... أتمنى أن تتحرّك السلطات التونسية بسرعة فالأوضاع هناك مؤلمة للغاية. سيف الدين الشماري: تم تهديدنا عن طريق ال«SMS» أنا أقطن في حي شعبي قريب من العاصمة طرابلس وقد كنت شاهدا على حالات من الرعب والهلع نتيجة لإطلاق الرصاص الحي من قبل المرتزقة على المواطنين الليبيين وعلى كلّ من يرفع صوته معارضا لسياسة القذافي. أمام هذه الحالة حاولنا أن نحمي أنفسنا حيث اخترت البقاء مع بعض التونسيين في الفترة الأخيرة حتى نساعد بعضنا ولكن وصلتنا رسائل تهديد عبر الإرساليات القصيرة على هواتفنا الجوالة تضمنت اتهامات صريحة بأننا نحن التونسيون من المرتزقة وأننا سنكون هدفا للاعتداء وحتى القتل، ونظرا لصعوبة التواصل مع عائلاتنا قرّرنا العودة إلى تونس وهنا تعرضنا إلى صعوبات كبيرة في المطار. في الأثناء كنّا نتصل ببعضنا البعض فالوضع الأمني في مصراطة كان أكثر انفلاتا وهناك يتواجد حمدي المبروك ومحمد الجديدي اللذان ينتميان لفريق السويحلي إضافة إلى نعيم بالربط وأيمن الرهيفي اللذين يلعبان في صفوف فريق أولمبيك الزاوية أما بنغازي فكانت أكثر المدن دمارا حيث يتواجد الكثير من التونسيين مثل صابر خليفة وطارق ثابت. الأسعد معمّر: تسلّحنا بالصمود والوقوف جنبا إلى جنب بالنسبة لي شخصيّا لم أتعرض إلى بعض المواقف الصعبة أو الحرجة قبل عودتي إلى تونس فقد كانت مدينة طرابلس آخر المدن التي شهدت مظاهر الاحتجاج لكن كنت قلقا على التونسيين الموجودين في مختلف المدن عندما كنا نسمع عن تواتر الأخبار السيئة باستمرار من المنطقة الشرقية وأمام هذا الوضع حاولنا أن نكون على اتصال دائم كتونسيين حتّى نساعد بعضنا وقد أوصلت الحبيب الماجري إلى المطار، قبل أن أغادر ليبيا عبر رأس الجدير. في هذا المعبر الحدودي تعرضنا للتفتيش من قبل السلطات الليبية التي افتكت منا شرائح الهواتف الجوالة وكنا نتمنى أن نجد السلطات التونسية في استقبالنا لكننا وجدنا فقط المتطوعين والمنظمات الحقوقية التي قامت بمجهودات كبيرة لمساعدتنا.