عاش وسط العاصمة مساء أول أمس أحداثا مأساوية للغاية تواصلت الى فجر الأمس، ومن الثابت أن وراءها «مندسّين» كما أن هؤلاء كذلك «وراءهم» «أخفياء» يحرّكونهم، كما من الثابت أن مستقبل الأيام سيكشف عنهم، والتاريخ لن يرحمهم، ولأنه جرى ما قد جرى،وحصل ما حصل، ودخلت الأمور منعرجا خطيرا للغاية، يخشاه أبناء هذا الشعب الطيب المسالم والمتسامح والتائق الى حريته وكرامته، فإن جميع مكوّنات المشهد السياسي ببلادنا من رئيس وحكومة «مؤقّتين» ومجلس حماية ثورة «مؤقّت» بدوره، هؤلاء جميعا مدعوون وبكل إلحاح الى الاستنكار الشديد لما حصل أول أمس، بعيدا عن منطق تحميل المسؤولية للآخر، والتهرّب منها، فالمطلوب من الشعب تحديدا، الى هؤلاء السياسيين ومكوّنات المجتمع المدني، على اختلاف أطيافها وانتماءاتها، كل هؤلاء نطلب منهم، أن يدينوا العنف مهما كان مصدره، ويستنكروا ما جرى، لأن الخطير في مثل هذه الأحداث، أن من يسكت عن إدانة العنف والتخريب والتقتيل، فكأنما به «يشرّعه» خاصة إذا تعلّق الأمر بنخب فكرية وسياسية. إن ما حدث بشارع الحبيب بورقيبة مساء أول أمس، أمر يندى له الجبين، وأؤكد أنني استمعت الى العديد والعديد من بني وطني، في شوارع وسط العاصمة، ولم أجد منهم إلا الاستنكار والاستهجان، بل رأيت بأم عيني مواطنين يطالبون أعوان الأمن والجيش الوطنيين بضرورة التصدّي الى مثل هذه الأحداث ومنع وقوعها. إن ما هو أخطر من كل ما سبق أن العنف إذا انتشر سيطال الجميع على حدّ سواء ولن يميّز هذا عن ذاك، ومطلوب منّا وأمام التاريخ أن نقف صفّا واحدا لاستنكاره وإدانته، حفاظا منا على أزواجنا وأرواح أبنائنا، وممتلكاتنا العامة منها والخاصة ولئن مرّت الجمعة الماضية ك«جمعة غضب»، فإني أهيب الى كافة رجال الدين من أئمّة ومشائخ أن يكون خطابهم الجمعة القادمة بإذن اللّه، مكرّسا لجمعة المحبّة والتآخي بين أبناء الوطن الواحد، ونبذ كل ما هو حرام عند اللّه جلّ وعلا، من نهب وتخريب وتقتيل واعتداءات وترويع للناس.